شاهد..لماذا انتخابات لبنان 2022 الأخطر في تاريخه؟

الإثنين ٢٥ أبريل ٢٠٢٢ - ٠٥:١٥ بتوقيت غرينتش

بدء العد التنازلي للايام التي تفصل اللبنانية عن موعد استحقاق نيابي في الـ15 من مايو ايار المقبل، استحقاق يحل في مرحلة دقيقة محليا، واقليما، ودوليا، فالمسافة الزمنية الفاصلة بين استحقاقي 2018 و2022، كانت حبلة بالاحداث والتطورات.

العالم - خيار لبنان

وجاء حراك 17 من تشرين الذي ترافق مع اقفال المصارف التي حجبت عن اللبنانيين اموالهم، لتدشن ازمة اقتصادية ومالية خانقة، تتعقد تداعياتها يوما بعد آخر، والاحدث الابرز كان انفجار مرفأ بيروت وماخلفه من دمار مادي ومعنوي، اضف الى ما كشفه هذا الحدث الجلل من دمار في هيكلية الدولة وهشاشة بنيتها السياسية والقضائية وتداخل السلطات بما يجعل مصلحة المواطن العنصر الاضعف في سلم الاوليات، هذه العناوين كانت جزء من تطورات حكمت سنوات اربع.

كل هذا ومسلسل الضغوطات الاميركية يتواصل على لبنان في منحا تصاعدي وسط متغيرات اقليمية ودولية اعادة خلط الاوراق وتشكيل توازنات القوى.

فما الثابت والمتغير في العناصر التي تضفي الاهمية على هذا الاستحقاق الانتخابي؟

وما العوامل التي تحيله الى الاستحقاقات المفصلية التي ترسم مستقبل لبنان؟

أهمية انتخابات 2022 موضوع الحلقة الاولى من برنامج خيار لبنان، حيث يشارك في هذا الحوار ضيف الحلقة: الكاتب والاعلامي روني ألفا.

وفيما يلي نص المقابلة..

العالم: هل استحاق لبنان 2022 استتحقاق روتيني ام يمتيز بدقة مرحلية؟

روني: ان استحقاق لبنان 2022 ليس استحقاق دستوري تقليدي يمر به لبنان، لان هناك تحديات جسام على مختلف الاصعدة لم يعرفها تاريخ لبنان الحديث.

ان لبنان منذ 20 سنة الى الان يعيش أزمة اقتصادية غير مسبوقة وازمة معيشية خانقة تدعو اللبنانيين الى تفضيل الموت في قوارب الموت من البقاء الموت جوعا في اماكنهم.

لبنان يعيش ازمة مصرفية كبرى، حتى الذين لديهم ودائع مصرفية، لم تعد تسطيع ان تخرج اموالها من المصارف، وان تصرفها على مدارس وجامعات ابنائها وعلى حالها.

ولبنان يعيش ازم سياسية خانقة، لانه يراد للبنان ان ينتقل من حالة جيو سياسية معينة الى حالة جيو سياسية اخرى، وان هناك جزء من المجتمع الدولي يركز على هذا الاستحقاق وهدفه الاول والاخير نقل الاكثرية من الحالة في 2018 الى حالة اكثرية اخرى لا علاقة لها استراتيجيا و سياسيا و امنيا بالحالة التي كانت عليها.

العالم: لماذا تعتبر انتخابات لبنان 2022 الاخطر عبر تاريخ لبنان، وهنا نتوقف عند موقف لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعطى ملامح خطورة لهذه الانتخابات وقال اهم انتخابات منذ الطائف لغاية اليوم؟

روني: اتفاق الطائف بعد الحرب ارسى قواعد سلمية اهلية جديدة ولعبة سياسية جديدة ، واعاد تقسيم السلطات بين المسحيين والمسلمينن، وحيث اصبحت العملية الانتخابية ترجمة لهذا الاتفاق.

اليوم لبنان على عتبة تغيير جذري على المستوى التنظيمي للدولة، لاننا اكتشفنا بعد 30 سنة من ممارسة اتفاق الطائف بانه لم ينجز لا سلما اهليا، ولم يعطي مناعة لهوية لبنان العربية، ولايوجد اتفاق على المشتركات التي يجب ان يكون كل اللبنايين متفقين عليها، وبالتالي وصلنا الى مرحلة اصبح هناك عدة لبنانات وشعوب في لبنان.

ان التعددية الحزية هي علامة صحة سياسية ومدنية في لبنان، انما عندما يصبح هناك غياب لكينونة الهوية انه ماذا يمثل لنا لبنان، هل هو كيان نهائي هل هو كيان مؤقت هل هو عربي او غير عربي هل هو متأسرل، هل هو سعودي ماذا هو الهوى السياسي للبنان، البنانيون مختلفون مع بعض على هوية لبنان.

العالم: هل هذا الاختلاف هو اختلاف حقيقي، اختلاف في روى للبنانية محلية، ام كانت هناك اجندة يراد بها احداث هذا الانقسام في لبنان، مثل الانقسام الثقافي والاجتماعي؟

روني: كنا نتغنى في لبنان على قدرتنا على لقاء الاخر والتماهي مع ثقافة الاخر وقبول الاخر، وهنا لا اقصد الانصهار لان الانصهار فقدان للهوية، لكن اقصد اننا كن نظن ان لبنان صاحب رسالة حضارية ويجب على العالم ان يتعلم منها، لكن اكتشفنا ان هذه الرسالة لم تعطي نموذج حضاريا الى العالم.

واصبح العالم الخارجي يشبه لبنان من حيث الاختلالف بدل ان نعلم العالم الحضارة وقبول الاخر، اصبح هو يعلمنا الاسلام فوبيا، والنازية جديدة ولانقلاب والعنصرية، واصبح هناك تلاقح ثقافي بيينا وبين اوروبا التي فكرنا بعد الحرب العالمية الثانية ذهبت نحو الوحدة والانفتاح وقبول الاخر، اذا بها تنحو نحو النازية الجديدة التي نبتت مؤخرا في شرق اوكرانيا، مع ان كان لها بذور موجودة في اوروبا الشرقية الغربية.

العالم: بعد العرض التاريخي، هل يمكننا القول بانه منذ عام 2020 اللجنة الادارية لغاية اليوم، هل لهذا الاستحقاق الاخطر فعلا في تاريخ لبنان؟ وهل سينتقل بمرحلة جذرية ربما تغير وجه لبنان كما نسمع في الكثير العديد من الشعارات؟

روني: ان اعداد هذه الربوتاجات المهنية جداً، تعطي فكرة واضحة، المئوية التي قطعها لبنان من عام 1920 ولغاية اليوم، تعطي ليس الانطباع، بل تعطي اليقين بأنه ولا مرة كانت الاولوية لتوزيع المناصب على الطوائف، لانه تعاقب على رئاسة المجالس عدة طوائف، منها الارذوكس والموارنة والكويتلة والسنة والشيعة، وبالتالي ممارستنا للسلطة فيها نوع من الخلفية المدنية، هي نفس الكلام الذي يطالب به حكماء هذا البلد، كما سمعنا نبيه بري تكلم عن هذا الموضوع اكثر من مرة، وايضاً بطرك الموارنة تكلم عن هذا الموضوع اكثر من مرة.

انما الخوف هو الحاجز النفسي وتصاعد لغة التعصب الطائفي والمذهبي في لبنان، تمنع ان يمزق لبنان، بمعنى القشور الخارجية التي يعيشها المبنية على خلافات وهمية بين الطوائف والمذاهب، ويرجع ينطلق الى رحاب الدولة المدنية.

ثانياً، من المؤكد بارساء قواعد دولة مدنية لا يكون فيها زعماء طوائف، ولا يكون فيها محاباة او فساد وسرقة للمال العام، فان الفساد يخف كثيراً. ما معنى الفساد؟ هو عندما نأتي باصدقائنا وقبيلتنا وعائلتنا وجزء من طائفتنا ونعطيهم مناصب بالدولة حتى يتم اسكاتهم ونستفيد منهم في الانتخابات النيابية، هذه سياسة تدمر الدولة والوطن.

العالم: دكتور تحدثنا عن انقسام حاد جداً اليوم بين فريقين ربما بين عدة فرقاء، لكن في وجهة نظر هناك انقساما حادا فيها، لو تشرح لنا اهمية هذه الانتخابات من وجهة نظر كل فريق الذي يتحدث عن الاهمية الكبرى لهذه الانتخابات وعن خطورة هذا الاستحقاق؟

روني: هناك فريق يزعم بانكم اذا انتخبتوا حزب الله وحلفائه، تكونون قد انتخبتوا احتلال ايران للبنان، حيث يقال هذا الكلام بطريقة فجة، وهذه هي الحقيقة، فهم يجيشون كل اليافطات الاعلانية حتى يقنعوا اللبنانيين بان لبنان تحت الاحتلال، رغم عدم وجود اي حاجز ايراني في بيروت يفتش عن هوية المواطن.

ان هذا الخطاب الغرائزي هدفه جمع الاصوات واعطاء الانطباع للناخب البسيط، بان هذا المرشح هو الذي سوف يحافظ على سيادتي وحريتي واستقلالي، فيما هناك خط ثان، يقول لنا بان خطه خط مقاوم، وحدود لبنان البحرية والبرية والجوية وسيادته وحريته واستقلاله ضمن خطه، وهذين الخطين لا يتواجهان، لان الخط المقاوم له برنامج بمحاربة الفساد وخططه الاخرى، اما الخط الاخر، ليس لديه عمل الا ويحذر فيه من سلاح المقاومة صباحاً ومساءاً ويجب سحب هذا السلاح.

هناك فرق كبير جداً عندما نعمل استراتيجية للدفاع في لبنان بذهنية زيادة منعة لبنان في مواجهة الخطر الاسرائيلي المحدق، ولما يقول يجب نزع سلاح حزب الله، عنده حساب سياسي استراتيجي معه، عندها يكون شيئاً مختلفاً تماماً.

العالم: هل هناك امكانية الحديث عن نزع سلاح المقاومة خاصة في ظل التحديات الكبيرة امام لبنان، والمخاطر الاسرائيلية لم تتوقف يوماً، اليوم صباحاً كان هناك اعتداءات اسرائيلية على بعض القرى الجنوبية، والثروات البحرية في المياه الاقليمية وفي المنطقة الاقتصادية الخاصة بلبنان، واخطار الجماعات التكفيرية التي استطاعت المقاومة بمعاونة الجيش اللبناني في مواجهتها، في ظل كل هذه الظروف والتحديات هل بالامكان الحديث عن جزء اساسي من قوات لبنان؟

روني: كلا، انا لا اعتقد ابداً بان هذا الوقت المناسب لبحث قصة سلاح المقاومة، اليوم اكثر من اي وقت مضى تسير الخطة الاسرائيلية "ب" على قدم وساق وقيد التنفيذ لخنق لبنان وخنق البيئة الحاضنة للمقاومة، وبالتالي كي يتم احداث انتصار اقتصادي بعد اخفاق اسرائيلي الذي لم ينجز اي انتصار عسكري على هذه المقاومة.

من هنا المشكلة كبيرة، هذه الخطة تسير بشكل مبرمج، وانا اجزم بان الحدث الذي وقع على الحدود قبل ثلاثة ايام، واطلاق صاروخين على فلسطين المحتلة، وقصف البلدات في محيط صور، كلها رسائل تبعثها اسرائيل حتى تقول بانها تتكفل بهذا الخط، واذا فشل فانها ستعود الى المعركة الامنية؟

العالم: اذاً التهديد مازال موجوداً، فكيف نفسر ان هذا الفريق كما قلتم ليس لديه برامج انتخابية واضحة للخروج من الازمة، ليس هناك برامج لخطة مالية وتنموية وتعافي، ولكن هناك برنامج واحد فقط للمطالبة بنزع سلاح حزب الله، بالمقابل نلاحظ يتحدثون عن الاحتلال الايراني، فيما المال السعودي والدعم الامريكي موجود بشكل كبير جداً في الساحة الانتخابية ان صح القول، كيف تفسر ذلك؟

روني: عندما كنا ندرس في الجامعة العلوم الدولية والدبلوماسية، نسمي تصرف بعض سفراء المعتمدين في لبنان "ضد الدبلوماسية" بمعنى خروجهم عن المعايير التي يجب ان يلتزم فيها سفير اي دولة معتمد في لبنان والا يتخطاها، بمعنى انه لا يستطيع اي سفير دولة ان يستضيف قادة احزاب سياسية في زمن الانتخابات، وعلى حكومته ان تمنعه من ان يقوم بهكذا عمل، وايضاً على الدولة اللبنانية ايضاً ان تخاطبه وتقول له بانك تتخطى الاعراف الدبلوماسية وهذا يعتبر تدخلاً في شؤون لبنان. خاصة وان ادنى معايير الاداء الدبلوماسي لبعض السفارات غير محترم بتاتاً.

العالم: بالنسبة للبنانيين يعتبر هذا الاستحقاق مصيري وقد يغير ربما نظاماً ما في لبنان، نريد ان نسمع رأيك في هذه المسألة، ولكن كيف نفسر الاهتمام الامريكي والدولي ولبعض الدول الاقليمية بهذا الفلك الانتخابي، لماذا كل هذا الاهتمام ببرلمان 2022 للبنان؟

روني: "اسرائيل" تريد دولة مجاورة لها اسمها لبنان مطبّع معها، تنسى حق العودة وتطبق توطين الفلسطينيين في لبنان، واسرائيل تريد دولة تقبل بالخط المتعرج الذي اعطاها هوكشتاين، وتريدها ان تكون ملتزمة بمبادئ تسير عليها الاحلام الاسرائيلية الكبرى، هذا الهمّ الذي تحمله الدولة، وانا لا افرق بين الاتحاد الاوروبي ولا بين الناتو ولا بين الولايات المتحدة الامريكية، هذا بالنسبة لهم امور اصبحت من الثوابت بعلاقاتهم الدولية ومقاربته للملف للبناني.

اذا الانتخابات تعطيهم هذه النتيجة، هم ليس فقط ينفقون ملايين الدولارات، بل المليارات، وكان عندنا مليارات ترامب لتوطين الفلسطينيين ورفضناها، واليوم اذا لم يفلحوا في مسعاهم، هناك احتمال كبير يقومون بعرقلة الانتخابات، لان تعطيل الانتخابات يدخل لبنان في حالة من الفوضى تستفيد منها "اسرائيل".

العالم: بعض هذا الخيار قائم، ولكن ليس خياراً، بل احتمالاً..

روني: احتمال اكثر من وارد، وانا شددت عليه في اكثر من مرة، وفي اكثر من مقابلة صحفية، بانه اذا شعر المجتمع الدولي او البعض منه، وشعرت اسرائيل او الكيان المؤقت كما اسميه بان الانتخابات ستعيد نفس التوازن الذي كان موجوداً في برلمان 2018 حيث الاغلبية للمقاومة وحلفائها، فمن الافضل ان يتم تعطيل هذه الانتخابات بفوضى اما اقتصادية او مصرفية او نقدية او معيشية، او انزال المواطنين الى الشوارع، زائداً تفعيل الطابور الخامس والسادس والسابع، حتى تتطور الفوضى الاقتصادية الى فوضى امنية، لا يتمكن لبنان من الخروج منها الا بشهور وسنين.