هل انتصر بوتين في معركة الغاز؟

هل انتصر بوتين في معركة الغاز؟
الخميس ٢٨ أبريل ٢٠٢٢ - ٠٥:١١ بتوقيت غرينتش

هل سيشكل رضوخ عشرة دول أوروبية من مشتري الغاز الروسي لقرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتسديد ثمن وارداتهم من الغاز الروسي بـ”الروبل”، فشلا للعقوبات الاوروبية والامريكية على روسيا؟، وهل البحث عن بدائل للغاز الروسي في أوروبا أمر يمكن تحقيقه؟

العالم - يقال ان

اذا أردنا التأكد من مدى فاعلية الحرب الاقتصادية التي شنتها الدول الغربية، وعلى رأسهم أمريكا، ضد روسيا عقب بدئها عمليتها العسكرية في أوكرانيا ، فمن الافضل ان نركز على الارقام، لا على التهديد والوعيد الغربي امام شاشات التلفزة، وعندما تقول وكالة “بلومبورغ” الاقتصادية الامريكية العالمية ان عشرة مشترين للغاز الروسي في أوروبا فتحوا حسابات بالفعل في “غاز بروم بنك”، وسددوا ثمن وارداتهم من الغاز الروسي بـ”الروبل” فهذا يعني ان الروبل الروسي بدأ يستعيد عافيته التي فقدها قبل شهرين مع بدء دخول الدبابات الروسية الى اوكرانيا، وهو بالفعل ما حصل حيث ارتفع الروبل من 140 روبل للدولار الواحد الى 71 روبل.

وعندما نرى الدول الغربية تتسابق لاستبدال الوقود الروسي، بعد ان أوقفت روسيا تدفق الغاز إلى بولندا وبلغاريا لعدم امتثالها لقرار الدفع بالروبل الروسي فهذا يعني ان بوتين بدأ يسجل انتصاره امام العقوبات الغربية بل وبدأ يفرض هو العقوبات على الاوربيين.

جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خلال زيارة إلى تشيلي اعتبر خطوة غازبروم الروسية بوقف تدفق الغاز عن بولندا وبلغاريا بأنها "عمل عدائي"، وهذا يعني "عمق الألم الاوروبي" فبوريل يناقض نفسه، الاتحاد الاوروبي يفرض عقوبات اقتصادية على روسيا ويقود الاسبوع القادم جولة سادسة من المفاوضات لفرض حظر على النفط وإجراءات أخرى لخفض عائدات موسكو من مبيعات النفط، والآن يأتي بوريل ليعتبر الخطوة الروسية عدائية واستخداما للطاقة كسلاح.

كان أولى على الغرب ان لا يستخدم "الاقتصاد" كسلاح ضد الآخرين- وشعوبنا هي ضحية لهذا السلاح منذ عشرات السنينين- ان كان لا يريد ان يستخدم الروسي امدادات الطاقة كسلاح ضده، وبالطبع عليه ان لا يتوقع ان تقف روسيا مكتوفة الايدي امام عقوباته الاقتصادية المتكاثفة والمتتالية ضدها.

ايغور مورغولوف، نائب وزير الخارجية الروسي، كشف في مقابلة أجرتها معه وكالة “نوفوستي” امس ان موسكو وبكين شيدتا البنية التحتية الكاملة للانتقال الى نظام مالي جديد يقوم على العملتين الوطنيتين للبلدين (اليوان والروبل) وزيادة التجارة البينية بينهما، حيث ارتفع معدل التبادل التجاري الى حوالي 38.5 في الشهرين الاولين (يناير وفبراير) من العام الحالي، وهذا التحرك قد يشكل انقلابا في الموازين العالمية التي تقول بهيمة الدولار واليورو والاسترليني وتوابعهم، لتدخل الدول الاوروبية مرحلة التفكك والتشقق، لمصلحة العملتين الصينية والروسية، ويمكن استشفاف هذه النتيجة من تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبي أورسولا فون دين لايين، كانت شديدة الحرص على التاكيد ان " الكرملين «مرة أخرى» فشل في محاولته بث الانقسام بين الدول الأعضاء"، وهذا التشديد ليس إلا دليلا على ان الانقسام موجود بالفعل بل ويتسع.

لانقول ونجزم ان "روسيا بوتين انتصرت اقتصاديا"، لكننا نقول ان ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، اعترفت ان التخلص التدريجي من الاعتماد على الغاز الروسي سيستغرق وقتًا طويلا، وأنها حتى نهاية العام الحالي قد تتمكن من التخلي عن ثلثي "هذا الغاز في أفضل الاحوال"، وبالطبع نتوقع ان توقف روسيا تدفق الغاز عن المزيد من الدول الاوروبية مستقبلا اذا لم تلتزم بالدفع بالروبل وبالتالي، يمكننا القول ان بوتين، على الاقل، انتصر في معركة الغاز وسيلقن الاوروبيين درسا لن ينسوه لانسياقهم وراء التحريض الامريكي.