ثلاثة سيناريوات ليوم الأحد، المقاومة للعدو: «مسيرة الأعلام» تُعادل الحرب

ثلاثة سيناريوات ليوم الأحد، المقاومة للعدو: «مسيرة الأعلام» تُعادل الحرب
الجمعة ٢٧ مايو ٢٠٢٢ - ٠٣:٢٨ بتوقيت غرينتش

على بُعد ساعات من «مسيرة الأعلام» المُقرَّرة يوم الأحد في مدينة القدس المحتلّة، تتصاعد درجة الاستنفار على المقلبَين الفلسطيني والإسرائيلي، وسط تَقدّم ثلاثة سيناريوات لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع.

العالم - فلسطين

وفيما يبرز احتمال تراجع العدو عن خطوته الاستفزازية، سواءً قبيل انطلاق المسيرة أو خلال تنفيذها، تظلّ إمكانية تشبّثه بخطّته، مع ما تعنيه من استدراج ردّ لن يقتصر على قطاع غزة بمفرده، قائمةً. ومن هنا، جهّزت المقاومة نفسها جيّداً لهذا الاحتمال، واضعةً على رأس اعتباراتها أنه لا يمكن بحال من الأحوال التنازل عن معادلة «غزة - القدس».

وعلى رغم تكاثُف نذُر الحرب، إلّا أن المعلومات تفيد بأن وفداً أمنياً أميركاً حطّ في "إسرائيل"، منبّهاً مسؤوليها إلى خطورة المُضيّ بالمسيرة كما هي، ومحذّراً إيّاهم من أن ذلك قد يشعل فتيل حرب إقليمية بات المعنيّون بها متجهّزين تماماً لها.

مع إعلان قوات الاحتلال استكمال استعداداتها لإقامة «مسيرة الأعلام» وفق المخطَّط السابق لها، تُواصل المقاومة الفلسطينية تحضيراتها لمواجهة العدو، وسط دعوات إلى عمليات فدائية واسعة في الضفّة والداخل المحتلَّين، واستنفار واسع النطاق في قطاع غزة.

وبحسب مصادر في المقاومة تحدّثت إلى «الأخبار»، فقد رسمت قيادة المقاومة عدداً من السيناريوات للتعامل مع الاستفزازات المتوقّعة يوم الأحد، بما فيها سيناريو تفجّر الأوضاع والوصول إلى مواجهة جديدة على غرار معركة «سيف القدس» التي وقعت العام الماضي.

وكانت شرطة الاحتلال في مدينة القدس أعلنت أن «مسيرة الأعلام» ستُقام كما هو الحال في كلّ عام منذ عقود، وهي ستنقسم إلى مسارَين: الأوّل يمرّ عبر الحيّ الإسلامي وصولاً إلى باب العامود وحائط البراق، والآخر من بوّابة الخليل وصولاً إلى حائط البراق، من دون الدخول إلى الحرم القدسي، مؤكدةً أن أكثر من 2000 شرطي سيعملون قبل المسيرة وخلالها على منع حوادث الاحتكاك والعنف قدْر الإمكان.

وفي محاولة لردع أيّ تحرّك مضادّ من قِبَل الفلسطينيين، لوّحت الشرطة بأنها مستعدّة بالوسائل التكنولوجية كافة، إضافة إلى أفرادها العلنيين والسرّيين، وغرفة العمليات المشتركة مع الجيش و«الشاباك»، لـ«التعامل بشكل حازم وصارم، وإحباط أيّ تحريض».

في المقابل، عقدت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، أمس، اجتماعاً عاجلاً لبحث تطوّرات الأوضاع في القدس، فيما لا تزال الغرفة المشتركة للفصائل في حالة انعقاد دائم، ضمن وضع الاستنفار الذي دخلته المقاومة استعداداً لأيّ طارئ، أو لقرار من القيادة بالتدخّل العسكري.

وعلى مدار الأيام الأخيرة، لم تتوقّف الاتّصالات بين الفصائل والوسطاء، الذي نقلوا رسائل متبادلة بخصوص المسيرة. وعلى رغم إبداء حكومة الاحتلال رغبة في تفادي تدخّل غزة في مسار الأحداث، أكدت قيادة المقاومة للوسطاء تمسّكها بمعادلة «القدس - غزة».

والظاهر، على ضوء ما يتمّ تداوله من معطيات، أن ثمّة ثلاثة سيناريوات لحدث الأحد، يتمثّل أولها في نجاح الوساطات التي تقودها دول عربية والأمم المتحدة، لدفع الاحتلال إلى التراجع عن خطواته الاستفزازية، وخاصة لناحية مرور «مسيرة الأعلام» في الحيّ الإسلامي، ما سيؤدّي إلى امتناع المقاومة عن أيّ ردّ.

أمّا السيناريو الثاني فمحوره إقامة المسيرة كما هو مقرَّر لها، وفي هذه الحالة، تؤكّد مصادر «الأخبار» أن الفصائل أبلغت الوسطاء أن جميع خيارات الردّ مطروحة على الطاولة، وأن ذلك لن يقتصر على جبهة واحدة، بل إن جبهات الضفة والقدس والداخل ستكون حاضرة أيضاً لمواجهة أيّ محاولة لكسر الخطوط الحمراء في المسجد الأقصى.

وانطلاقاً من هذا الاحتمال، اتّخذت المقاومة جملة من الإجراءات الميدانية والعسكرية في غزة، شملت رفع التأهّب العسكري إلى أقصى درجة، مع الاستعداد لإمكانية تنفيذ العدو عملاً غادراً يستبق الأحداث.

وما بين الأوّل والثاني، ثمّة سيناريو ثالث عنوانه تراجع الاحتلال عن خطّته في اللحظات الأخيرة، عبر السماح بانطلاق المسيرة، وهو ما سيؤدّي إلى اندلاع مواجهات مع الفلسطينيين، تُقدِم سلطات العدو عقبها على إلغاء المسيرة بذريعة الوضع الأمني. وإلى جانب ما تَقدّم، يَبرز احتمال انطلاق عمليات فدائية في الضفة أو الداخل (السيناريو الرابع الرديف)، بما يدفع حكومة الاحتلال إلى إعادة حساباتها والتراجع عن تنظيم المسيرة خشية مزيد من العمليات الفدائية.

وفي هذا الإطار، حذّرت المنظومة الأمنية الإسرائيلية من التراجع في الساعات الأخيرة، على اعتبار أن ذلك سيفسَّر كرضوخ لتهديدات فصائل المقاومة، الأمر الذي سيعزّز من موقف الأخيرة، ويضعف ما يطلق عليه العدو «السيادة على القدس».

وأيّاً يكن، فقد عزّزت قوات الاحتلال من استعداداتها لإمكانية تصاعد الأوضاع وإطلاق صواريخ من قطاع غزة، إذ نشرت العشرات من الغرف المحصّنة في مستوطنة سيديروت شمال القطاع، فيما استنفرت منظومة «القبّة الحديدية» في المدن والمناطق القريبة من غزة.

حذّر الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، في خطاب ألقاه أول من أمس في ذكرى تحرير الجنوب عام 2000، من أنّ «أيّ مساس بالمسجد الأقصى وقبّة الصخرة سيؤدّي إلى انفجار كبير في المنطقة (...) وإلى ما لا تُحمد عُقباه»، مشيراً إلى أن الاعتداء على الأقصى «يستفزّ كل الشعوب العربية والإسلامية وكل شخص حرّ».

وأكد السيد نصر الله أنّ «المقاومة الفلسطينية أخذت خيارها بالردّ على أي مساس بالمسجد الأقصى»، لافتاً إلى أنّ «العدو في واقع مأزوم ويعاني انقساماً داخلياً حاداً»، داعياً «حكومة العدو إلى عدم الإقدام على خطوة قد تكون نتائجها كارثية على وجود الكيان المؤقت».

كما دعا السيد نصر الله إلى «الترقّب والانتباه والاستعداد لما قد يجري حولنا وله تداعيات كبيرة على المنطقة»، منبّهاً الى أن «هذا يتوقف على حماقة العدو». وكان نصر الله قد حذّر، قبل عام تماماً، الصهاينة من أن «المساس بالقدس والمسجد الأقصى مختلف عن أيّ اعتداء آخر تقومون به». وشدّد، حينها، على أن «المعادلة التي يجب أن نصل إليها هي الآتية: القدس تعني حرباً إقليمية».

*الأخبار