«معركة الأعلام» لا تستثني الضفة: حَوّارة تتصدّر المواجهة

«معركة الأعلام» لا تستثني الضفة: حَوّارة تتصدّر المواجهة
الجمعة ٢٧ مايو ٢٠٢٢ - ٠٣:٤٤ بتوقيت غرينتش

معركة جديدة تدور رحاها بين المستوطنين والفلسطينيين في بلدة حوارة جنوب نابلس حول سيادة العلم الفلسطيني، فيما يُسجّل في نابلس انبعاث مفاجئ لـ«سرايا القدس»، التي ظهر مقاوموها في عملية التصدّي للاقتحام الأخير لقبر يوسف، في مشهد غاب عن المدينة لعقود.

العالم - فلسطين

نابلس | «تقع بلدة حوارة في مكان استراتيجي جغرافياً؛ فلسطينياً، تشكّل منفذاً يصل بين نابلس ورام الله وعدّة مدن أخرى، وأيضاً يؤدّي الشارع الرئيس في حوارة إلى حاجز زعترة الذي يفصل شمال الضفة الغربية ووسطها»، بحسب المصادر المحلّية. أمّا إسرائيلياً، فتُعدّ البلدة ذات أهمية كبيرة، ولذلك شقّ العدو منذ احتلاله الضفة شارعاً طويلاً اخترق قلب حوارة وقسّمها، بهدف تسهيل حركة المستوطنين والربط بين المستوطنات في جنوب نابلس وشرق سلفيت. والشارع الرئيس هذا هو نفسه الذي يشهد الآن مواجهات واعتقالات ومسيرات متبادلة.

بدأت الأحداث بنزع مستوطنٍ علماً فلسطينياً عن أحد العواميد قبل أسبوع ونصف أسبوع، ثمّ توالت الجولات ما بين إعادة رفع علم فلسطين ونزع مستوطنين له، وتخلّلها قمع جنود العدو الشبّان الفلسطينيين أثناء تصدّيهم لأيّ مستوطن يحاول تنكيس الراية.

وعلى رغم كون حوارة تُعدّ هادئة نسبياً بسبب تصنيفها كمنطقة عبور مشتركة للفلسطينيين والمستوطنين، إلّا أن «هَبّة العلم» فيها كسرت هذا الهدوء. وردّ العدو على انتفاضة الفلسطينيين في البلدة بإغلاق كلّ الطرق والمداخل الفرعية فيها، وعزلها عن المناطق المحيطة بها، مع ترك الشارع الرئيس مفتوحاً أمام المستوطنين، في مقابل تحويل مسار المركبات الفلسطينية عليه إلى مسارات بديلة أكثر صعوبة. ويأتي هذا الإغلاق ضمن سياسة العقاب الجماعي التي تشكّل جزءاً من منظومة أساليب «الردع وكيّ الوعي» التي ينتهجها الإسرائيليون.

وعلى رغم تلك الإجراءات، عاد عشرات الفلسطينيين ونظّموا مسيرة بالأعلام في ليلة الجمعة الماضية، ليُجنّ جنون المستوطنين إثر ذلك، ويتظاهروا عدّة مرات في الشارع الرئيس في الأيام اللاحقة، حيث وقعت مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين وجيش العدو.

وأبدى المستوطنون، في تقارير صحافية، انزعاجهم من التصاعد المهول في عمليات رشق الحجارة تجاه مركباتهم في حوارة، علماً أنه أصيب خمسة منهم في ليلة واحدة خلال موجة المواجهات الأخيرة، والتي أدّت أيضاً إلى تحطيم عدد من المركبات الإسرائيلية. وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن جيش العدو عاجز عن وقف هذه الظاهرة، التي تضاعفت أخيراً في الضفة الغربية على رغم استدعاء عدد إضافي من قوات الجيش.

أمّا في نابلس، فتقول مصادر، لـ«الأخبار»، إن مقاومين من «سرايا القدس» و«كتائب شهداء الأقصى» أطلقوا النار في عمليات منفصلة نحو جيش العدو وحافلات المستوطنين شرق المدينة، أثناء اقتحام منطقة قبر يوسف لأداء طقوس تلمودية ليلة الثلاثاء الماضي. وسجّلت الاشتباكات الأخيرة ظهوراً مفاجئاً لمقاومين من «سرايا القدس»، في مشهد غاب عن المدينة لعقود. وبعد انتهاء المواجهة، واستشهاد غيث يامين (16 عاماً)، شارك مسلّحون من السرايا أيضاً في تشييعه.

ويَنظر مراقبون إلى الأحداث المتلاحقة في نابلس، وظهور «سرايا القدس» على أنه «انبعاث جديد ومحاكاة لتجربة كتيبة جنين». ويكشف مصدر، لـ«الأخبار»، أن إطلاق النار خلال الاقتحام الإسرائيلي لقبر يوسف «كان كثيفاً وغير مسبوق ومن عدّة محاور مثل بلاطة البلد، شارع عمان، محيط قبر يوسف، مخيم عسكر». وإلى جانب السرايا، شاركت مجموعة من «كتائب شهداء الأقصى» في الاشتباكات، بقيادة المطارَد إبراهيم النابلسي الذي ظهر متحدّياً إسرائيل مجدَّداً، مكشوف الوجه أثناء إطلاقه النار.

وتركّز وجود «سرايا القدس» في نابلس، سابقاً، في مناطق محصورة ومحدودة، لكنّها أثخنت العدو خلال الانتفاضة الثانية. وقد كان أبرز معاقلها البلدة القديمة داخل المدينة، حيث قاد الشهيد فادي البهتي (الشيخ إبراهيم) مجموعات السرايا هناك بعد قدومه من مدينته طولكرم. كما ثمّة معقل آخر تركّز في مخيم بلاطة، الذي برزت فيه خلايا إضافية قوية قادها الشهيد رائد أبو العدس.

ولعلّ هذا الانبعاث المفاجئ لـ«سرايا القدس» سيسهم في إشعال فتيل جديد يضمن استمرار التصعيد والمواجهة في نابلس وتوسّعهما، لأن العدو عاجلاً أم آجلاً سيجد نفسه في مواجهة مطلوبين جدد ومطارَدين له.

وأفادت وسائل إعلام عبرية، أمس، بتعيين حسين الشيخ أميناً لسرّ «اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير»، خلَفاً لصائب عريقات الذي توفّي العام الماضي متأثرّاً بفيروس «كورونا»، ليخطو بذلك خطوة إضافية هامّة على طريق خلافة رئيس السلطة، محمود عباس (85 عاماً). وجرى تداول كتاب رسمي موقَّع بتاريخ 25 أيار، تضمّن قراراً من عباس بتعيين الشيخ في هذا المنصب، بعدما نشرت صحيفة «يديعوت أحرنوت» نبأً مقتضباً بالمضمون نفسه نقلاً عن مصادر في رام الله، لافتةً إلى أنّ الإعلان عن قرار التعيين سيتمّ قريباً.

وكان الشيخ، الذي تربطه علاقات قوية بالاحتلال في ضوء رئاسته «هيئة الشؤون المدنية» ومسؤوليته المباشرة عن «التنسيق الأمني»، قد عُيّن قبل أشهر عضواً في «اللجنة التنفيذية» من قِبَل حركة «فتح»، التي يشغل فيها عضواً لـ«اللجنة المركزية»، ليقترب اليوم، مع القرار الجديد، من الحلول محلّ عباس في قيادة حركة «فتح» و«منظمة التحرير»، وسط تأييد من قِبَل الاحتلال لهذا التَوجّه. وفي أعقاب سريان النبأ، غيَّر الشيخ وصفه في حسابه الرسمي على «تويتر»، ليؤكد بذلك خبر التعيين.

*الأخبار