تزامنا مع انهاء التهميش السعودي..

ماذا وراء زيارة ابن سلمان لمصر والاردن وتركيا؟

ماذا وراء زيارة ابن سلمان لمصر والاردن وتركيا؟
الثلاثاء ٢١ يونيو ٢٠٢٢ - ١٠:٣٩ بتوقيت غرينتش

قبل ثلاثة أسابيع من زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمملكة العربية السعودية طار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مساء أمس الاثنين إلى دولة مصر العربية في مستهل جولة في المنطقة تقوده أيضا إلى كل من الأردن وتركيا.

العالم - كشكول

جولة الأمير محمد الإقليمية تأتي قبل ثلاثة أسابيع من زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للسعودية والتي ستطوي صفحة تهميش ولي العهد السعودي على الساحة الدولة بعدما عانى من عزلة إثر اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في الثاني من تشرين الثاني/إكتوبر 2018.

القواسم المشتركة بين الدول الثلاثة الاخيرة (الاردن مصر تركيا) ليست خافية على المتابعين للشؤون السياسية في منطقة الشرق الاوسط، اذ تتمتع الدول الثلاث (مصر وتركيا والاردن) بعلاقات تطبيعية رسمية مع الكيان الاسرائيلي، فيما الاخبار والانباء المتداولة في المنطقة كلها تشير الى اقتراب السعودية من دخول رسمي الى قفص التطبيع خصوصا بعد ان تم الاتفاق على عبور الطائرات الاسرائيلية الاجواء السعودية القادمة من الاراضي الفلسطينية المحتلة الى دول شرق ووسط اسيا وبالعكس.

ذلك ما اشار اليه "ديفيد بولوك" الباحث الأميركي في معهد واشنطن للدراسات، الذي اكد ان الرياض سمحت بتحليق الطائرات الإسرائيلية فوق أراضيها خلال العامين الماضيين، وتعاونت مع "إسرائيل" في إطار "القيادة الأميركية المركزية" في المنطقة وهناك حديث عن ترتيبات بشأن وضع جزيرتي "تيران" و"صنافير" المصريتين.

وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، لم ينف ما ورد في تقرير "أكسيوس" إلا أنه قال إنه يجب اتخاذ المزيد من الخطوات لإيجاد حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.. هكذا (بجرة قلم).

مقدمات طي صفحة التهميش الدولي والاقليمي لإبن سلمان

كما اسلفنا، فان جولة ابن سلمان على الدول الثلاث تركيا ومصر والاردن وثم الزيارة المرتقبة للرئيس الاميركي يمكن تفسيرها انها بمثابة مقدمات لطي صفحة التهميش الاقليمي والدولي التي تعاني منها المملكة السعودية وخصوصا الامير ابن سلمان بعدما عانى وعانت المملكة من عزلة اقليمية ودولية إثر اغتيال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول بتركيا.

بدأت حلحلة العلاقات التركية السعودية اثر احالة القضاء التركي في السابع من نيسان/ابريل الماضي، ملف قضية محاكمة المتهمين بجريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي إلى السلطات القضائية السعودية، ما يعني إغلاق هذا الملف من جانب القضاء التركي.

القرار التركي جاء بعد بروز مؤشرات على تحسن العلاقات بين السعودية وتركيا، تبع ذلك زيارة قام بها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى المملكة السعودية في يوم الخميس 28 نيسان/ابريل الماضي، هي الاولى له بعد اغتيال الصحافي جمال خاشقجي في اسطنبول عام 2018 والتي أحدثت شرخا في العلاقات بين القوتين الاقليميتين.

وكما يبدو ان التساهل التركي هذا يأتي ايضا ضمن سياق مساع دولية وتحديدا (برعاية) الولايات المتحدة الاميركية، ويضم في هيكليته السعودية ودول المنطقة لتمهيد وتكملة اجراءات تطبيع المملكة السعودية مع الكيان الاسرائيلي ومحاولة ضم دول عربية اخرى الى مسلسل التطبيع من خلال قدوم بايدن بنفسه الى مؤتمر سعودي مزمع اجاراؤه بعد حوالى ثلاثة اسابيع من الان.

إذن.. بايدن سيتجه لقمة سعودية اقليمية هدفها الاول والاخير الحفاظ على امن "اسرائيل" عبر اتفاقية دفاعية تجمعها مع دول عربية على راسها السعودية والامارات ومصر، "حسب قول بايدن" عن موقع "اكسيوس" الاميركي.

تداعيات الازمة الروسية الاوكرانية

وبذلك فان الحلحلة التركية السعودية العربية المدفوعة دوليا لم ولن تاتي من فراغ.. انما نتيجة تداعيات الازمة الروسية الاوكرانية والوضع الدولي الحرج والمأزق الذي يلف العالم حاليا حول هذه الازمة في شرق اوروبا، وما قد تجر (هذه الازمة) الى حرب قد تشترك فيها اوروبا واميركا قد تؤدي تداعياتها الى اهمال غير مقصود للكيان الاسرائيلي، ما يتوجب الاسراع (الدولي) والاقليمي والعربي للملمة التداعيات الامنية المحتملة للملف الاسرائيلي من خلال تأمين علاقات الكيان الاسرائيلي الاقليمية مع المحيط العربي والاقليمي التركي.

الولايات المتحدة الاميركية اطلقت اسم جمال خاشقجي على شارع السفارة السعودية في واشنطن، بعد يوم من إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن عن موعد زيارته الأولى في منصبه للسعودية حيث يلتقي بولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وكانت أجهزة الاستخبارات الامريكية قد خلصت إلى أن إبن سلمان قد وافق على قتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر 2018.

وهي اشارة واضحة الى ان تنازل بايدن عن ملف خاشقجي لم يكن دون ثمن وثمنه الاكيد هو الاعتراف السعودي بالكيان الاسرائيلي وربط جزيرتي 'تيران' و'صنافير' المصريتين اللتين فرط بهما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لصالح السعودية ما يعني انها ستكون من حصة الكيان الاسرائيلي الذي من شأنه بعد الظفر بهما السيطرة على كافة الطرق الملاحية البحرية الرابطة بين اوروبا واسيا وافريقيا.

ذلك ما اشار اليه موقع "أكسيوس" الأميركي مؤخرا بقوله، أن إدارة بايدن، تتوسط "بهدوء" بين السعودية والكيان الاسرائيلي ومصر بشأن استكمال نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين في البحر الأحمر من السيادة المصرية إلى السيادة السعودية، وتلك هي خطوة مرجحة ان تكون الاولى على طريق تطبيع العلاقات بين السعودية والكيان.

هل هذا كل ما في الامر؟

نستحضر هنا خبرا قديما نوعا ما، يرجع تاريخه الى بداية العام الماضي 2021، حيث صرح رئيس أركان جيش الاحتلال الاسرائيلي أفيف كوخافي في كلمة له خلال مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، المنعقد تحديدا في يوم الثلاثاء 26 كانون الثاني2021، انه بصدد ايجاد تحالف قوي يضم دولا عربية لمواجهة إيران وما أسماه بـ"المحور الشيعي" الذي يمتد من إيران مرورا بالعراق وسوريا ولبنان.

كوخافي اشار إلى أنه "في مواجهة ما اسماه بـ"محور ايران والشيعة" تبلور تحالف إقليمي قوي يبدأ من اليونان وقبرص ومصر والأردن ودول عربية خليجية، حيث يقف الكيان الاسرائيلي داخل هذا التحالف.

الغريب ان وصول ابن سلمان لمصر تزامن مع استضافة الاخيرة اجتماعا ثلاثيا (هو الخامس) لوزراء دفاع مصر وقبرص واليونان، لبحث علاقات التعاون العسكري المشترك، بحضور عدد من قادة القوات المسلحة من الدول الثلاث.

السؤال هو.. هل تبلور فعلا التحالف القوي الذي يحلم به كوخافي لمواجهة ايران؟ وهل ستكون السعودية ومصر والاردن وتركيا في صلب محور كوخافي الاسرائيلي؟

السيد ابو ايمان

كلمات دليلية :