العالم - لبنان
وقد هلّل البعض يومها للوعد الأميركي الكاذب وهاجم الوعد الذي أطلقه السيد نصر الله يوم العاشر من شهر محرم الحرام الماضي، لكن الأيام أثبتت من هو صاحب الوعد الصادق ومن الذي يقدم الوعود الكاذبة كما الشعارات الزائفة، فالسيد نصر الله سرعان ما وفى بوعده كعادته فتم استقدام المازوت والبنزين من ايران، ما ساهم بكسر الاحتكار من قبل بعض الجهات التابعة للاميركيين او الشركات الجشعة، كما كسر الحظر الاميركي بمنع دخول المحروقات الى اللبنانيين، ودفع الى منع إذلال الناس بطوابير السيارات أمام محطات الوقود.
والحقيقة ان الأميركيين باعوا الوعود الكاذبة للشعب اللبناني بملف المحروقات من مصر والاردن، بما يشبه المخدر للناس لكسب الوقت وإلهائهم لإغراق البلد بمزيد من الأزمات، وما جرى خلال هذا العام هو تكبيد لبنان المزيد من الخسائر وإطالة أمد الحصار بدون ان تبادر أي جهة سياسية حليفة او لها علاقاتها مع واشنطن الى إيجاد مخارج وحلول مع السفيرة الاميركية للحصول على ضوء أخضر يساهم بتخفيف أزمة الكهرباء عبر ايصال الطاقة من مصر والاردن.
ويعتمد الاميركيون سياسة باتت واضح ومفهومة للجميع، مضمونها إغراق لبنان بالمشاكل والأزمات لمحاولة استثمارها في لحظة تفاوضية ما، كالتالي تحصل اليوم في ملف ترسيم الحدود البحرية للبنان مع فلسطين المحتلة، ومحاولة إعطاء كل ما يطلبه العدو الاسرائيلي مقابل حرمان لبنان من حقوقه كاملة في النفط والغاز في مياهه واستثمارها بأفضل صورة ممكنة، فالاميركي يراكم المشاكل للاستفادة منها بشكل او بآخر بما يحقق مصالحه او مصالح العدو الاسرائيلي في المنطقة.
وهذه السياسات الاميركية ليست جديدة بل هي متبعة منذ عشرات السنين، والكذب يعتمد فيها للوصول الى أهدافها بدون إقامة وزن لأي قيم او مبادئ، فالاميركيون يبيعون اتباعهم ويتخلون عنهم عندما تتطلب مصالحهم ذلك، وما جرى مؤخرا في أفغانستان خير دليل على ذلك حيث ترك الاحتلال الاميركي كل من تعاون معه قبل اندحاره عن تلك البلاد.
كما ان الاميركي لطالما كان يعد الشعوب بالحرية والسيادة والاستقلال، لتظهر التجارب ان هذه الشعوب تغرق بالاحتلال الاميركي بكل أبعاده وان الشعارات التي ترفع -خاصة ما يتعلق بحقوق الانسان- ما هي إلا وسائل للتدخل الاميركي في شؤون الدول، وبعد ذلك يتم التحكم بمصائر البلدان ورسم السياسات للسيطرة على خيراتها ونهب ثرواتها وشل قدرتها على العمل بدون الارادة الاميركية.
ولذلك يجب التعلم من تجارب الماضي والحاضر وعدم الوثوق مطلقا بالوعود الاميركية الكاذبة، التي تطلق دائما وتستخدم في الإعلام للترويج لسياسات الولايات المتحدة وتلميع صورتها، علما أنها تعبث اليوم بأمن العالم وتثير الاضطرابات في مختلف مناطقه بدءا من اوروبا وروسيا عبر الازمة الاوكرانية، وصولا للملف الصيني من بوابة تايوان ومرورا بما يجري في منطقتنا سعيا وراء مصالح وأمن العدو الاسرائيلي.
موقع المنار - ذوالفقار ضاهر