جردة حساب لعامين من عار التطبيع.. لا مكاسب حقيقية للإمارات

جردة حساب لعامين من عار التطبيع.. لا مكاسب حقيقية للإمارات
الأحد ١٨ سبتمبر ٢٠٢٢ - ٠١:٤٨ بتوقيت غرينتش

تظهر جردة حساب لعامين من إشهار عار التطبيع بين الإمارات وكيان الاحتلال الإسرائيلي أنه لا مكاسب حقيقية للإمارات في ظل معارضة شعبية متنامية.

العالم - الإمارات

وحسب "الإمارات ليكس"، يجمع محللون سياسيون على أن مجالات التعاون حتى اللحظة بين "تل أبيب" وأبو ظبي لا تشكل سوى مكاسب محدودة، ولا قفزة نوعية سواء في التبادل التجاري أو القطاع الاقتصادي ولا حتى السياسي.

وعلى الصعيد العسكري كشفت صحف "إسرائيلية" في يناير الماضي، رفض ما تسمي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بيع منظومات دفاع جوي، أبرزها “القبة الحديدية” و”مقلاع داود” للإمارات، كما رفضت "تل أبيب" شراء أبوظبي مقاتلات “إف-35” من أمريكا.

وفي نوفمبر 2021 أعلنت ما يسمي وزارة حماية البيئة في كيان الاحتلال أنها لن تمنح ترخيصاً لمشروع مشترك مع الجانب الإماراتي يقضي بضخ النفط من الخليج الفارسي إلى أوروبا مباشرة عبر ميناء إيلات في فلسطين المحتلة على البحر الأحمر.

كما شابت العلاقات الإسرائيلية الإماراتية بعضُ الاعتقالات بينهما، وحصل ذلك بتهم سرقة أو اشتباه أمني وغير ذلك.

وسبق أن اعتقلت الإمارات عديداً من "الإسرائيليين" بتهم تجارة المخدرات، أو إهانة القرآن الكريم وغير ذلك من الجرائم منها السرقة.

في المقابل كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية في آب/أغسطس الماضي، عن إلقاء شرطة الإحتلال القبض على سائحين من الإمارات بشبهة تورطهما في عملية إطلاق نار في “تل أبيب”، قبل أن تفرج عنهما بعدما ثبت عدم تورطهما في الحادث.

ولا يتوقف الأمر هنا بل هناك عثرات كبيرة ما زالت تعيق طريق الطرفين حتى اللحظة، منها عدم الاستقرار السياسي في الكيان الإسرائيلي يالذي له تأثير على تعزيز العلاقات بينهما.

وكذلك فإن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حتى اللحظة، لم تأخذ خطوات عملية حقيقية في دعم اتفاقات ابراهام واكتفت بدعمه بالخطابات فقط.

ومؤخرا أظهر استطلاع للرأي العام أجراه “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى” منذ شهرين فقط تراجعًا ملحوظًا في نسبة مؤيدي اتفاقيات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي في كل من السعودية والبحرين والإمارات في العام الماضي؛ لتصبح “أقلية”.

ولاقت نتائج الاستطلاع تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال مغردون إن هذه النتائج تُعبّر عن مواقف الشعوب العربية الحقيقية من التطبيع مع الكيان المحتل.

ووفقًا للمسح الذي أجراه المعهد الأميركي الذي أسسته لجنة العلاقات الأميركية الإسرائيلية المعروفة اختصارًا بـ”آيباك” عام 1985، في مارس/آذار الماضي، فإن أكثر من ثلثي المواطنين في البحرين والسعودية والإمارات ينظرون إلى “اتفاقيات أبراهام” نظرة غير إيجابية بعد أقل من عامين على توقيعها.

وقد أثار التطبيع الكثير من الجدل داخل الإمارات -وفي الوطن العربي- حول جدواها للدولة، وابتعادها عن الثوابت والهوية الوطنية والقومية العربية، خاصة أن أبوظبي حفزت البحرين والسودان والمغرب وجذبتها إلى التطبيع.

وخلال العامين الماضيين مرت العلاقات بين أبوظبي والكيان الإسرائيلي بتوتر وأزمات، ثم عودة للعلاقات. كان أبرز الأزمات التي واجهت هذه العلاقة في مارس 2021 عندما علقت الإمارات خططا لعقد قمة في أبوظبي مع الاحتلال والولايات المتحدة ودول عربية، احتجاجا على محاولات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي (في ذلك الوقت) بنيامين نتانياهو استخدام الزيارة لدعم حظوظه في الفوز بالانتخابات المقررة في الشهر ذاته.

التوتر الآخر بعد ذلك بأشهر في يوليو2021 عندما قالت وسائل إعلام عبرية إن حكومة الاحتلال تعيد التفكير في اتفاقية خط أنابيب مع الإمارات لنقل النفط من الخليج الفارسي إلى أوروبا. وهو ما سبب في رسائل حادة من المسؤولين في أبوظبي إلى الاحتلال الإسرائيلي.

وفي ديسمبر من العام ذاته علقت ما يسمي وزارة حماية البيئة في الكيان العمل باتفاق نقل النفط عبر “إسرائيل” إلى أوروبا. وكانت هذه الصفقة واحدة من أكبر الصفقات التي أسست لها اتفاقية التطبيع.

وبينما تم تعليق هذه الصفقة زار رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي حينها، نفتالي بينت، أبوظبي في الشهر ذاته، في محاولة لترسيخ العلاقة وتعزيزها، في أول زيارة لمسؤول صهيوني رفيع إلى الدول الخليجية والتي لم يكن يتصورها قبل عقد من الزمن، واستفاد الاحتلال وبينت من هذه الزيارة، فيما لم تذكر فوائد للإمارات منها.

في الشهر التالي مطلع 2022 زار رئيس الاحتلال الإسرائيلي أبوظبي، في تأكيد لتعمق العلاقة بينهما. ولم يتم التطرق للقضية الفلسطينية في كِلا الزيارتين، على الرغم من السلوك الصهيوني في تلك الفترة تجاه الفلسطينيين والمسجد الأقصى.

وتم تأكيد العلاقة وتعزيزها بتوقيع اتفاقية التجارة الحرة في مايو 2022، لتؤكد أن اتفاق التطبيع يمضي قدماً بوتيرة ثابتة من العلاقات الدافئة بين "إسرائيل" والسلطات في أبوظبي.

واتفاقية التجارة الحرة بشروطها الخاصة ستزيل الرسوم الجمركية عن 96 بالمئة من السلع المتداولة بينهما، وبالتالي يمكن توقع أن تعطي دفعة قوية للتجارة والشراكات عبر مجموعة متنوعة من القطاعات.

على الرغم من أن الإعلان عن هذه الاتفاقية جاء في وقت كان المتطرفون الصهاينة يقتحمون باحات المسجد الأقصى، وبعد شهر دامٍ من المواجهة بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال ورفع شعارات عنصرية “الموت للعرب” “لتحرق قراكم”.

وتشير الأرقام إلى سرعة كبيرة في تعزيز العلاقة مع الكيان الصهيوني؛ فقد قال وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية ثاني الزيودي إن التجارة الثنائية بين الإمارات و"إسرائيل" تتجاوز 2.5 مليار دولار في غضون عامين من اتفاق التطبيع.

ونقلت وكالة رويترز عن وزير الاقتصاد عبدالله بن طوق المري قوله إن الإمارات تهدف إلى أن ترفع قيمة النشاط الاقتصادي مع الاحتلال لأكثر من تريليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة.

ففي مارس 2021 -على سبيل المثال- أعلنت أبوظبي عن إنشاء صندوق استثماري بقيمة 10 مليارات دولار لدعم القطاعات الحيوية في الكيان المحتل، بدءاً من تصنيع الطاقة إلى الرعاية الصحية. وفي المقابل، تدفق آلاف السياح الصهاينة على الإمارات، وسافروا في جميع أنحاء البلاد؛ حتى أنهم احتفلوا بعيد هانوكا في دبي.

اعتبر الاحتلال الإسرائيلي أنه حقق إنجازاً تاريخياً جديداً بتطبيع الإمارات لعلاقاتها، بخروجه من عَزله الإقليمي. ومهّد الاتفاق الطريق للتواصل والانفتاح بين الاحتلال ودول خليجية وعربية أخرى؛ فكان حجر الزاوية الذي دفع العواصم الأخرى لاتخاذ خطوة سلام مع الاحتلال. فيما فرص الإمارات غير معلومة عدا الاقتصاد المهدد مع الاحتلال وفتح الطريق للمنتجات الصهيونية لغزو الأسواق العربية.