السودان..تصريحات"متباينة"لــ"المكون العسكري تعقّد تسليم السلطة للمدنیین

السودان..تصريحات
الأحد ١٨ سبتمبر ٢٠٢٢ - ٠٣:١٨ بتوقيت غرينتش

أثار التباين في تصريحات قادة عسكريين في السودان، حالة من الجدل والشكوك بين الأوساط الحكومية والشعب بشأن"إمكانية تسليم السلطة للمدنيين"، حيث أبرز وجود خلافات داخلية بين "المكون العسكري"رغما من إضطرابات وأزمات سياسية واقتصادية متتالية في البلاد.

العالم - مقالات وتحليلات

وعاد قادة الجيش السوداني إلى خلافاتهم بشأن تسليم السلطة إلى المدنيين وخلط الأوراق السياسية معهم، حيث دخل السودان مرحلة جديدة من التلاسن بين القوى السياسية والمكون العسكري بعد التأكد من عدم قدرة أي طرف على فرض سيطرته على مجمل الأوضاع في البلاد، وسط محاولات كل جانب الحصول على قدر أكبر من المكاسب حال جرى التوافق على بدء جولة تفاوضية جديدة تتسق مع رغبة دولية لإنهاء الجمود.

ويتحدث مدير معهد التحليل السياسي والعسكري بالخرطوم، الرشيد محمد إبراهيم، عن موقف عسكري "موحد" فيما يتعلق بتسليم السلطة للمدنيين وترك الحكم.

وفي تصريحات لموقع "الحرة"، يشير إلى أن "تصريحات مستشار رئيس مجلس السيادة تشرح سبل تسليم السلطة ولا تتعارض مع تعهد المكون العسكري بالانسحاب من العملية السياسية".

ويشترط ذلك الانسحاب "التوافق أو الانتخاب" لعدم وجود وسيلة أخرى لنقل السلطة من "العسكر إلى المدنيين"، وفقا لحديث إبراهيم.

وحسب إبراهيم فإن تصريحات مستشار قائد الجيش جاءت تأكيدا على عملية تسليم السلطة للمدنيين مع وجود بعض "التفاصيل التي بها خلل"، على حد تعبيره.

ويشير إبراهيم إلى أن ذلك الخلل تسبب في ظهور "تباين"، متوقعا صدور "توضيح يزيل حالة الجدل التي يرى فيها البعض تناقضا بين تصريحات قائد الجيش ونائب رئيس المجلس السيادي".

ولكن إبراهيم في الوقت ذاته يعترف بوجود "تباين" بين بعض مكونات المنظومة الأمنية في "التعامل مع المعارضة والقوى المدنية".

ويتفق مع ذلك، القيادي بقوى الحرية والتغيير في السودان، مأمون فاروق، مشيرا إلى "بعض التباين" في وجهات النظر داخل المكون العسكري"، لكنه يؤكد أن الأمر "لا يصل لمرحلة الخلاف"مؤكدا عدم وجود "خلافات بين قوات الدعم السريع بقيادة دقلو، والقوات المسلحة".

واتفقت القوى المدنية مع "المكون العسكري ككل" على تسليم السلطة في إطار عملية "التحول الديمقراطي وبناء الدولة المدنية في السودان"، وتفرغ الجيش لمهامه الأخرى، وفقا لحديث فاروق.

وحسب فاروق فإن بعض "الأطراف" ترى أن عملية تسليم السلطة للمدنيين "تضر بمصالحهم" لذلك يحاولون تصوير وجود "خلافات داخل المكون العسكري"، على حد قوله.

لكن الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي السوداني، عبد الوهاب أحمد سعد، يختلف مع الرأيين السابقين، يتحدث عن استخدام أطراف المكون العسكري "لغة مبهمة" تدور بـ"فلك واحد" في "مناورة تهدف لعدم تسليم السلطة للمكون المدني".

منذ 25 أكتوبر الماضي، يشهد السودان اضطرابات بعد أن قاد البرهان "انقلابا عسكريا"، أطاح خلاله بالتكتل المدني الرئيسي في السلطة.

ومنذ ذلك الحين أدت الاحتجاجات شبه الأسبوعية المناهضة للانقلاب والأزمة الاقتصادية المتصاعدة وتزايد الاشتباكات العرقية في المناطق النائية في السودان إلى تفاقم الاضطرابات، وفقا لـ"فرانس برس".

وفي يوليو تعهد البرهان بـ"التنحي وإفساح المجال أمام القوى السياسية السودانية للاتفاق على حكومة مدنية"، لكن قادة مدنيين اعتبروا هذه الخطوة بمثابة "خدعة".

ويتفق الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي السوداني في حديثه مع موقع الحرة على هذه النظرية، مشيرا إلى عدم وضع المكون العسكري لـ"جدول زمني محدد لتسليم السلطة" وعدم توضيحه "المقصود بالقوى المدنية" في ظل تعدد الأطراف والأحزاب والقوى السياسية داخل السودان.

ويرى أن "العسكر سيستمر في الحكم ولن يسلم السلطة إلى القوى المدنية".

لكن الرشيد محمد إبراهيم يعارض ذلك، ويؤكد أن "المكون العسكري سيسلم السلطة للمدنيين" بعد "توافق القوى والأحزاب السياسية فيما بينهما" مستثنيا في ذلك "المؤتمر الوطني".

وكان المؤتمر الوطني، الحزب الحاكم في السودان في عهد الرئيس السوداني، عمر البشير، الذي أطاحت به احتجاجات شعبية في عام 2019.

يرى عبد الوهاب أحمد سعد، أن حالة "التشتت والتشرذم وعدم التوافق" التي تعيشها القوى المدنية "تساعد على استمرار المكون العسكري في السلطة".

لكن مأمون فاروق، يرفض هذا "التوصيف"، متحدثا عن "قوى مدنية تضم أحزابا وتيارات مختلفة ومتباينة في وجهات النظر" لكنها "متوافقة فيما يتعلق بعملية التسليم والتحول الديمقراطي".

وفي الوقت ذاته يأمل فاروق، أن يكون المكون العسكري "جاد ويدعم التحول الديمقراطي ويسلم السلطة للمدنيين"، مضيفا "نحن نعمل بالفعل لتحقيق ذلك".

وتحدث عن "بعض العقبات التي قد تواجه عملية تسليم السلطة" لكن "القوى المدنية بالتعاون مع المكون العسكري قادرة على تخطى ذلك للوصول بالسودان إلى بر الأمان".

وفي سياق متصل، تحدث إبراهيم عن "ضرورة التوافق بين القوى المدنية"، لتحديد آلية اختيار مجلس الوزراء وكيفية استكمال هياكل السلطة وتحديد خطوات عملية تسليم السلطة لـ"حكومة كفاءات غير حزبية".

وستكون تلك العملية "صعبة لكنها ليست مستحيلة وتمثل المخرج الآمن للبلاد"، وفقا لحديث إبراهيم.