انتصار جديد لـالمقاومة..

مسار محادثات الترسيم يقود لترجيح كفة اتفاق قبل نهاية الشهر

مسار محادثات الترسيم يقود لترجيح كفة اتفاق قبل نهاية الشهر
الخميس ٢٢ سبتمبر ٢٠٢٢ - ٠٧:٥٧ بتوقيت غرينتش

مصادر لبنانية معنية بالتفاوض حول ملف الترسيم الحدود البحري ، أكّدت لـ صحيفة الأخبار، أن التفاؤل الحذر لا يعني توقع انقلاب على ما تم الاتفاق عليه في المفاوضات التي بدأت منذ الزيارة الأخيرة للوسيط عاموس هوكشتاين، واستكملت في نيويورك في اليومين الماضيين، واستمر العمل عليها أمس بعيداً عن الولايات المتحدة. 

العالم _ لبنان

لكن الحذر لدى القيادات اللبنانية مردّه إلى أن الصيغة الخطية النهائية لم تقدم بعد للتثبت من عدم وجود أي نوع من الفخاخ الأمنية أو القانونية. رغم ذلك، أشارت المصادر إلى أن مسار المحادثات يقود الى ترجيح كفة اتفاق قبل نهاية الشهر.

الجانب الأميركي المشرف على التفاوض بقي على تواصل مع القصر الجمهوري، لإدراكه أن الرئيس اللبناني ميشال عون هو الجهة المخوّلة دستورياً إدارة الملف، ويحظى بثقة حزب الله، رغم انتقال الحرتقات الداخلية الى نيويورك. فبعد ما تردّد عن إعطاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي توصيات لمندوبة لبنان أدّت إلى ما أدّت إليه في القرار الأخير لمجلس الأمن بالتمديد لمهمة اليونيفيل، أقدم ميقاتي في اليومين الماضيين على سلسلة خطوات غير مفهومة، من إثارة ملف الحدود البرية مع الوسيط الأميركي الى محاولته إدارة الحوار مع الجانب الأميركي بطريقة توحي كأنه هو من يقود المفاوضات وصاحب القرار. وهو لم يخفِ امتعاضه من انتقال ممثل الرئيس عون في المفاوضات، نائب رئيس المجلس إلياس بوصعب، الى نيويورك ومشاركته في الاجتماعات الخاصة بالمفاوضات، رغم أن رئيس الحكومة لمس أن الجانب الأميركي يتعامل مع بوصعب بوصفه ممثل الجهة المقررة.

ورغم أن التعليمات في بيروت شدّدت على الحفاظ على موقف لبناني موحد، إلا أن بعض الحركات التي أقدم عليها ميقاتي أحرجته حتى لدى الأميركيين الذين يضغطون لإنجاز الاتفاق في أقرب وقت ممكن. وبحسب مصدر رسمي في بيروت، فإن الأميركيين والفرنسيين يريدون التفاوض مع من يمكنه الحديث بثقة مع حزب الله الذي بيده الكلمة الفصل، وهم يدركون أن حزب الله لا يمنح حكومة تصريف الأعمال الثقة التي يمنحها لرئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري في إدارة هذا الملف.

معطيات المصادر اللبنانية المعنية بالمفاوضات تشير الى أن الحصيلة التي يمكن تثبيتها حتى الآن هي:
أولاً، إقرار إسرائيلي بأن الخط 23 وكل ما يقع شماله ملك للبنان.
ثانياً، «حقل قانا» ملك للبنان بما في ذلك المساحة التي تمتد نحو ثلاثين كيلومتراً مربعاً داخل الأراضي الفلسطينية حيث يوجد الخزان الجوفي.
ثالثاً، تعهّدت فرنسا رسمياً، كما شركة توتال، بالعمل في لبنان فور إعلان الاتفاق وأن خطة عملها لا تشمل فقط بلوكات المنطقة الحدودية.

وأشارت المصادر الى أن النقاش حالياً ينحصر بالمخرج المناسب للجانبين اللبناني والإسرائيلي حول ما اصطلح على تسميته المنطقة الأمنية التي تقع ضمن مستطيل بمساحة تصل الى نحو 2.3 كيلومتر مربع داخل المياه الإقليمية اللبنانية، وأن البحث جارٍ عن آلية لإعادتها الى السيادة اللبنانية أو تكليف الأمم المتحدة تولّي الأمن فيها، علماً أن مسؤولاً في الوفد اللبناني استبعد توسيع دائرة عمل القرار 1701 وتعديل مهام قوات اليونيفيل لتشمل هذه المنطقة بما يمنع على العدو الوجود فيها. ولفتت المصادر إلى وجود أفكار لمعالجة هذا الشق «قيد التداول السري» بين المعنيين، و«ليست هناك مشكلة فعلية إلا إذا أراد العدو نسف الاتفاق بتقديم أفكار لا يمكن لبنانَ قبولُها، وهو ما نفاه هوكشتاين في اتصالاته مع اللبنانيين.

ووفق المصادر، فإن المسوّدة المنتظرة من هوكشتاين خلال أيام قليلة ستشمل كل النقاط وسيكون لدى الرؤساء في لبنان (بالتنسيق مع المقاومة) الوقت الكافي لتنسيق الموقف النهائي، ويجري على أساسه التوافق على الخطوات التنفيذية لإنجاز الاتفاق. وأشارت المصادر الى أن لبنان هو من طلب من الوسيط عدم إرسال المسوّدة «كون لبنان يرفض خطّ الطفّافات الذي طرحه هوكشتاين». وجرى بحث مكثّف حول هذه النقطة في نيويورك، على أن ينجز هوكشتاين مسوّدته المكتوبة خلال أيام.

وبحسب متابعين، فإن النقاش يتمحور حول شكل الإخراج لما يفترض أنه اتفاق بين الجانبين. إذ إن التفاهمات تتعلّق بخط بحري غير مكتمل المواصفات وليست فيه سيادة كاملة، وخصوصاً في المنطقة الأمنية الحدودية. ما يعني أنه يمكن إنجاز تفاهم له قوة الاتفاق يتيح للجانبين العمل من دون أي تهديد للاستقرار، ويبقي المسألة العالقة محصورة في المنطقة الأمنية التي يسعى لبنان إلى تثبيتها استناداً الى قانون البحار الذي ينصّ على إمكان إنجاز ترتيبات مؤقتة ذات طابع عملي لا تؤثر على التعيين النهائي للحدود.

من جهة ثانية، أعربت مصادر معنية بملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و"اسرائيل"، عبر صحيفة الجمهورية، عن تفاؤل حَذر في إمكان بلوغ الخواتيم الايجابية لهذا الملف في فترة قصيرة جدا.

وكشفت المصادر ان الزيارة الاخيرة للوسيط الاميركي آموس هوكشتاين الى بيروت أسّست لهذا التفاؤل، وقالت: الكرة الآن في الملعب الاميركي - الاسرائيلي، وعلى اساس الجواب الاسرائيلي حول الطرح الاخير للبنان يتحدّد مسار الترسيم امّا في اتجاه توقيع الاتفاق، وامّا في اتجاه مشكل والدخول في توترات.

وتورد المصادر عينها معلومات موثوقة حول ما بلغه ملف الترسيم، مشيرة الى ان الجواب الاخير الذي جاء به هوكشتاين من "اسرائيل"، يقرّ نظرياً بالخط 23 كحدود بحرية للبنان، ولكن وسط هذا الخط يقع حقل قانا، الذي يشكّل في بعض نقاطه نتوءاً تعتبر "اسرائيل" انه يدخل ضمن حدودها البحرية، وبناء على ذلك وافقت على ثلاثة ارباع حقل قانا للبنان، اما الثلث الرابع اي ذلك النتوء، فوافقت على ان يستثمر لبنان فيه، على ان يبقى تحت السيادة الاسرائيلية، اي ان يكون للبنان حق الاستثمار فيه وليس حق السيادة. وتلفت المصادر الى انّ الجانب اللبناني رفض الطرح الاسرائيلي، مؤكداً حقه السيادي والاستثماري في كل حقل قانا وعلى كل المنطقة الواقعة ضمن حدوده الخالصة.

وحول نقطة الـB1، اشارت المصادر الى انّ الجانب الاسرائيلي طرح أن تكون له السيادة بالكامل وبشكل نهائي على منطقة بحرية مساحتها 30 كلم2، بعرض 5 كلم وطول 6 كلم تحت عنوان ضرورات امنية يضع فيها «طفافات» واجهزة انذار، وحماية للساحل الاسرائيلي والمنتجعات القائمة عليه. الا انّ الجانب اللبناني رفض ذلك بشكل قاطع، مُقدّماً طرحاً بديلاً حَمله هوكشتاين الى "اسرائيل" ومفاده ان لبنان لا يقبل الّا بسيادته الكاملة على هذه المنطقة وكامل حدوده، ولكنه مع ذلك هو على استعداد لأن يعتبر هذه المنطقة الواقعة ضمن سيادته، منطقة عازلة، لا يقاربها اي طرف، وتلحق بمنطقة عمل قوات الطوارىء الدولية - اليونفيل.

وخلصت المصادر الى القول انه اذا ما وافق الجانب الاسرائيلي على الطرح اللبناني ستحلّ الامور حتماً ونذهب الى اتفاق نهائي لترسيم الحدود، مشيرة الى شرط اساس طرحه لبنان، هو أن يُصار فوراً الى رفع الفيتو الاميركي عن شركات التنقيب لصالح لبنان، بما يمكّنه من ممارسة حقه في التنقيب عن النفط والغاز في أي بقعة من مياهه.