مجلس النواب أقرّ الموازنة.. والعين على الحكومة 

مجلس النواب أقرّ الموازنة.. والعين على الحكومة 
الثلاثاء ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٢ - ٠٧:٥١ بتوقيت غرينتش

بعد ما طويت صفحة الموازنة للعام 2022 بتاريخ صلاحية لثلاثة أشهر تقريبًا، بعد تصويت 63 نائبًا عليها في جلسة مجلس النواب  اللبناني بالأمس تتجه الأنظار إلى الملف الحكومي.

العالم - لبنان

الأجواء كانت إيجابية مؤخرًا، على أن الأمور قد لا تسير بالسرعة المتوقعة، حيث بات من شبه المؤكد أن رئيس الحكومة المكلف لن يزور قصر بعبدا اليوم، موفدًا المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ليبنى على الشيء مقتداه.

ولا تزال الملفات تنتظر اللبنانيين، لا سيما ترسيم الحدود البحرية المرهون بردّ المفاوض الأمريكي عاموس هوكشتاين، عدا عن المعضلة الأكبر المتمثلة بانتخاب رئيس للجمهورية، والتي دونها عقبات كثيرة.

وفي السياق كتبت صحيفة الاخبار اليوم الثلثاء السؤال استجدّ بعد بروز أسئلة وسط استعدادات رجحت قبل يومين أن يعلن نجيب ميقاتي حكومته المعوّمة أو المعدّلة بما يراعي المعايير التي رُسمت لها لتكون حكومة رئاسية بديلة في حال الشغور الرئاسي. لكن بعيداً من الأوهام، ثمة من القوى السياسية من يعتقِد أن لا زيارة اليوم ميقاتي لرئيس الجمهورية ، على عكس ما جرى الترويج له، وما أشار إليه الرئيس المكلف خلال آخر زيارة لرئيس الجمهورية بأن المشوار الجاي لو بدّي ضل نام هون مش رح فلّ إلا ما تتشكّل الحكومة.

فالأجواء الإيجابية التي تركها ميقاتي، عند مغادرته إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، تبدلّت. وهو عبّر عن ذلك في تصريح له من هناك حين أشار إلى أن الحكومة واقفة على وزير من هنا ووزير من هناك، لكن ثمّة معطيات تتعلّق بأكثر من الوزراء على ما يبدو.

على أن الأجواء الإيجابية لم تغب تماماً. ويبدو واضحاً بالنسبة لكبار اللاعبين أن ميقاتي ومعه حلفاء من لبنان اقتنعوا بأن لا بديل عن تشكيل حكومة قبل نهاية ولاية الرئيس عون، وقرأ البعض اجتماع دار الفتوى السبت الماضي بأنه إشارة إضافية على ضرورة تشكيل الحكومة. علماً أن التفاؤل ظل موجوداً عند الوسيط الأساسي، أي حزب الله، الذي واصل خلال الساعات الماضية جهوده على جبهتي الرئيسين عون وميقاتي.

معلوم أن حزب الله بادر للمرة الأولى قبل نحو عشرة أيام بإبلاغ جميع المعنيين بالملف، أنه لم يعد مقبولاً تحت أي ظرف عدم تشكيل الحكومة. وأعرب عن استعداده للعب دور مباشر لتسهيل الأمر بين عون وميقاتي.

وكان البارز الاجتماع الذي عقده ميقاتي مع المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، الذي بقي على تشاور مع الرئيس نبيه بري من جهة ومع القصر الجمهوري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من جهة ثانية.

وقد حسمت خلال الاجتماع الثوابت التي تقول بأن عدم تشكيل الحكومة سيتسبب بمشكلة وطنية كبيرة لأن الرئيس عون وفريقه السياسي إضافة إلى قوى مسيحية أخرى سيرفضون الإقرار بأن هذه الحكومة قادرة على تولي صلاحيات الرئيس في حالة الشغور، كذلك من أن هناك مخاوف من انسحاب الوزراء المحسوبين على الرئيس عون والتيار الوطني من الحكومة ما يفقدها شرعيتها الوطنية والميثاقية ويدفع البلاد نحو ما هو أكبر من فوضى دستورية.

وبعدما استقرت الأمور على عدم وجود حاجة إلى فرض عقبات تمنع تشكيل الحكومة، استقرت جهود حزب الله عندَ أمرين: إما أن يسمّي عون بالتوافق مع رئيس الحزب الديموقراطي طلال إرسلان الاسم الدرزي البديل عن الوزير عصام شرف الدين، ويسمي بديلاً عن الوزير أمين سلام بالتوافق مع نواب عكار السنة، خصوصاً أن ميقاتي كان صريحاً في قوله إنه يسعى إلى نيل ثقة كتلة الحزب الاشتراكي وكذلك كتلة سنة عكار، ولذلك يفضل عدم اختيار بديل عن شرف الدين يكون مستفزاً للنائب السابق وليد جنبلاط (علماً أنه أكد عدم تدخله في التسمية)، كما أراد الوقوف على خاطر الكتلة النيابية السنية العكارية من خلال التنسيق مع أعضائها في اختيار البديل عن وزير الاقتصاد.

و كتبت صحيفة الجمهورية ايضا حول الموضوع مع إقرار موازنة العام 2022 بـ63 صوتاً نيابياً معها، واعتراض 37 نائباً، وامتناع 6 نواب، تُطوى هذه الصفحة، كإجراء يلبّي من جهة متطلبات صندوق النقد الدولي، لكنها من جهة ثانية، لا ترقى حتى إلى اسمها، حيث انّها بدل أن تأتي محمّلة بعناصر الحماية والقدرة على مواجهة الأزمة وتحدّياتها، اضافت إلى معاناة المواطن اللبناني المنكوب، حمولة زائدة من الأعباء الثقيلة، التي لن يطول الوقت حتى تبدأ آثارها في الظهور، ويبدأ معها اللبنانيون رحلة صراخ جديدة من اوجاعها.

فعلى الصعيد الحكومي، يُفترض بعد إقرار الموازنة ان تدور محركات التأليف بزخم مفترض، بحسب الأجواء التي سادت في الآونة الاخيرة ورجّحت ولادة الحكومة ضمن فترة سقفها بدايات تشرين الاول المقبل. وتبعاً لذلك، يُنتظر ان يدخل ملف التأليف في دائرة الحسم النهائي، مع اللقاء المرتقب في الساعات المقبلة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، لتوجيه الدفة الحكومية، إما في اتجاه التأليف وإصدار مراسيم الحكومة، واما في الاتجاه الآخر وإبقاء هذا الملف في دائرة التعقيد.

ومعنى ذلك تهيئة البلد لاشتباك سياسي عقيم حول صلاحية حكومة تصريف الاعمال بوراثة صلاحيات رئيس الجمهورية، يلي الفشل الحتمي في اجراء الانتخابات الرئاسية في جو الانقسام السياسي القائم، خلال الشهر الثاني من المهلة الدستورية، على رغم الدعوة، او ربما الدعوات المتتالية لجلسات الانتخاب التي سيدعو اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وإذا كان المناخ الذي ساد في الايام الاخيرة وأوحى بأنّ الحكومة الجديدة صارت في مرحلة وضع اللمسات الاخيرة على تشكيلتها، وحسمها ينتظر لقاء الرئيسين عون وميقاتي، الّا انّ ما هو سائد عشية هذا اللقاء، والذي تجلّى بإعادة تطويق ملف التأليف بروايات وتسريبات جديدة - قديمة من هذا الجانب او ذاك، فرض من جديد، جوّاً من الغموض صعّب تحديد وجهة الرّياح الحكوميّة.

وعلى ما تؤكّد مصادر معنية بملف التأليف لـ"الجمهورية"، فإنّ الجو القائم بين الرئيسين عون وميقاتي يعكس رغبتهما في التسريع في تأليف حكومة، وعدم إيقاع البلد في مشكل سياسي وجدل دستوري مفتوح، وتداعيات واحتمالات سلبية، وهو امر يدفع إلى افتراض انّ الإيجابيات ما زالت قائمة، انما يشوبها الكثير من الحذر ربطاً ببعض التفاصيل المرتبطة ببعض الاسماء المقترحة للخروج من الحكومة القائمة.

وكذلك الاسماء المقترحة كبدائل لهم. علماً انّ ثمة اشارات جدّية ما زالت موجودة، تعكس رفض تغيير بعض الاسماء. وفي اي حال، كل تلك التفاصيل يفترض ان تُحسم في لقاء، او ربما لقاءات الرئيسين عون وميقاتي، هذا إذا لم تحصل مداخلات من قِبل بعض المتضررين ونسفت تلك اللقاءات قبل انعقادها.

وعلى الرغم من الايجابيات المفترضة، الّا انّ الاجواء المحيطة بالرئيسين عون وميقاتي عابقة بالحذر المتبادل، والتشكيك بالنوايا.

لكن صحيبفة اللواء نقلت عن مصدر مطلع ان يزور الرئيس المكلف قصر بعبدا اليوم، في اطار المساعي لتأليف الحكومة، وسط صعوبات ومستجدات تتعلق بالشروط والمطالب العونية.
وفهم ان مصير اللقاء اليوم او في اي يوم آخر بات يتوقف على الاتصالات الجارية او التفاهمات المسبقة، والتي لم تحسم بعد.