قلنا انه يؤدي لاستنتاجات باطلة..

صباغ: حذرنا مرارا خطأ مسار فرق منظمة الحظر حول حادثة دوما المزعومة

صباغ: حذرنا مرارا خطأ مسار فرق منظمة الحظر حول حادثة دوما المزعومة
الثلاثاء ٠٧ فبراير ٢٠٢٣ - ٠٧:٠٣ بتوقيت غرينتش

أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ أن سورية حذرت مراراً من أن المسار الخاطئ وغير المهني الذي اتبعته بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول حادثة دوما المزعومة سيؤدي إلى استنتاجات باطلة، معربا عن الأسف لعدم قيام البعثة بتصحيح أساليب عملها رغم كل الدعوات التي وجهت لها للالتزام بالقواعد المنصوص عليها في اتفاقية الحظر ووثيقة الشروط المرجعية التي تم الاتفاق عليها مع سورية.

العالم - سوریا

وقال صباغ خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم حول “ملف الكيميائي” في سورية إن سورية اتخذت في عام 2013 قراراً استراتيجيا بالانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، ودمرت بشكل كامل مخزونها من هذه الأسلحة في وقت قياسي على الرغم من الظروف الصعبة التي كانت تمر بها، وقد أكدت الأمم المتحدة ومنظمة الحظر هذا الأمر، مبيناً أن سورية تعاونت بكل انفتاح وشفافية مع المنظمة وسهلت زيارات فرقها المختلفة، وحرصت على العمل معها من أجل تصحيح طرائق العمل الخاطئة التي أثرت على مصداقية تقاريرها وأبعدتها عن دورها المهني وولايتها الفنية التي أناطتها بها الاتفاقية.

وأوضح صباغ أن سورية دأبت في نحو دائم ومتكرر على التأكيد على موقفها الثابت بإدانة استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي كان وفي أي زمان ومكان وتحت أي ظروف، وهي بادرت فور ظهور الادعاءات حول الحادثة المزعومة باستخدام أسلحة كيميائية في دوما في السابع من نيسان 2018 إلى الطلب من المدير العام للمنظمة إرسال بعثة تقصي الحقائق للتحقيق في هذه الحادثة، والتي تأخر وصولها إلى دمشق أسبوعا كاملاً.

ولفت مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى أن القرار الذي اعتمدته الدورة الاستثنائية الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الحظر في الـ 27 من حزيران 2018، وتم بموجبه إنشاء ما يسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية” شكل منعطفاً خطيراً في تاريخ المنظمة، وعكس بشكل واضح حالة التسييس الكبيرة التي تقوم بها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون لزج المنظمة ذات الطبيعة الفنية في متاهة سياسية قوضت مصداقيتها.

وبين صباغ أنه لم يؤيد هذا القرار سوى أقل من نصف الدول الأعضاء أي 82 دولة فقط من أصل 193، وأدى تجاهل مواقف الدول التي صوتت ضده أو امتنعت عن التصويت أو تغيبت عنه جراء التلاعب الفاضح في نصوص اتفاقية الحظر والتجاوز الواضح لأحكامها بإسناد مسؤولية غير منصوص عليها في الاتفاقية إلى جعل إنشاء هذا الفريق غير شرعي، ما دفع سورية ودولا أخرى إلى إعلان عدم اعترافها بالفريق غير الشرعي ولا بالتقارير التي ستصدر عنه لاحقاً.

وأشار صباغ إلى أن بعثتي سورية وروسيا لدى منظمة الحظر في لاهاي جلبتا 17 شاهدا من موقع الحادثة المزعومة في دوما إلى مقر المنظمة في الـ 26 من نيسان 2018 للإدلاء بشهاداتهم حول الهجوم الكيميائي المزعوم دحضوا خلالها كل الادعاءات التي تمت فبركتها من قبل المجموعات الإرهابية وداعميها، مؤكدين على أنها عبارة عن مسرحية مفبركة، إلا أن بعثة تقصي الحقائق لم تقابلهم ولم يتم الاستماع لشهاداتهم.

وأوضح مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن العديد من الأكاديميين والخبراء العسكريين المستقلين ومختصين من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وفي مقدمتهم خوسيه بستاني المدير العام الأول للمنظمة، والمفتش إيان هندرسون الذي قاد الفريق الذي شارك بالتحقيق في حادثة دوما المزعومة، وغيرهم قدموا تحليلا علميا دقيقا، وفندوا على نحو مهني الاستنتاجات التي وردت في تقرير بعثة تقصي الحقائق، وأثبتوا أن هذا التقرير غير مهني وغير حيادي وغير نزيه، إضافة إلى نشر صحيفة ديلي ميل البريطانية تقريرا تضمن اعترافا لمحطة “بي بي سي” بأن الفيلم الوثائقي الذي عرضته عبر قناتها “راديو4” حول الحادثة المزعومة احتوى أخطاء وادعاءات باطلة، كما قدم الصحفي الكندي المستقل آرون ماته الذي زار موقع الحادثة المزعومة في دوما تقارير وقائعية عن فبركة هذه الحادثة.

وشدد صباغ على أن المسار الخاطئ وغير المهني الذي اتبعته بعثة تقصي الحقائق سيؤدي بطبيعة الحال إلى استنتاجات باطلة، معربا عن الأسف لعدم قيام البعثة بتصحيح أساليب عملها الخاطئة وغير المهنية التي اتبعتها في تحقيقاتها بالحادثة المزعومة رغم كل الدعوات التي وجهت إليها للالتزام بالقواعد المنصوص عليها في الاتفاقية ووثيقة الشروط المرجعية المتفق عليها مع سورية.

وأوضح صباغ أن جمع الأدلة التي لا تتمتع بأدنى حد من المصداقية، وأخذ العينات التي تفتقر لسلسلة الحضانة القانونية، والاعتماد على المصادر المفتوحة المشبوهة أو المعلومات المفبركة والمضللة التي توفرها التنظيمات الإرهابية وأذرعها جماعة ما تسمى “الخوذ البيضاء” التي ترعاها

أجهزة الاستخبارات الغربية لا يمكن اعتبارها أسسا علمية أو مهنية ولا يمكن أن تقود إلى استنتاجات موضوعية.

وأشار صباغ إلى أن ما يسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية” استغرق سنوات للوصول إلى استنتاج كانت دول العدوان الثلاثي على سورية “الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا” روجت له بعد ساعات من فبركة الحادثة المزعومة في دوما، ثم قفزت لاستخدامها ذريعة للعدوان على عدة مواقع عسكرية ومدنية في سورية في الـ 14 من نيسان 2018، ولتبرير هذا العدوان، ولفرض المزيد من العقوبات والحصار الجائر على الشعب السوري، مؤكدا أن هذا العدوان يمثل دليلا جليا على أن حادثة دوما المزعومة نتاج مسرحية اختلقتها هذه الدول لتوجيه ضربة لقوات الجيش العربي السوري، في الوقت الذي كان يحقق فيه تقدما في معركته ضد الإرهاب، ويستهدف فيه أوكار الإرهابيين وتحصيناتهم بضربات مركزة ودقيقة باستخدام أسلحته التقليدية.

وجدد صباغ التأكيد على عدم اعتراف سورية بما يسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية” وبالتقارير التي تصدر عنه ورفضها الكامل لها بما في ذلك استنتاجاتها الخاطئة، مشيرا إلى أن إصدار الفريق غير الشرعي تقريره الثالث المضلل في هذا التوقيت هو تأكيد جديد على استمرار الولايات

المتحدة وحلفائها الغربيين بتسييس هذا الملف والتلاعب بالتقارير الصادرة بشأنه خدمة لأجنداتها.

وأعاد صباغ التذكير بمسرحية واشنطن لتبرير غزو العراق قائلا: قبل 20 عاماً وتحديدا في الخامس من شباط 2003 جلس كولن باول وزير الخارجية الأمريكي حينها أمام المجلس ليقوم بدور تمثيلي في مسرحية خداع معدة مسبقا لتبرير الغزو الأمريكي للعراق بحجة امتلاكه أسلحة دمار شامل كيميائية وبيولوجية، وتبين لاحقا أن كل ذلك كان مجرد أكاذيب لا أساس لها من الصحة حتى أن باول نفسه وصف ما قاله أمام المجلس بأنه “وصمة عار”.

وأضاف صباغ: ما أشبه اليوم بالبارحة.. نفس المسرحية ونفس الأكاذيب ونفس المدبر لكن هذه المرة المستهدف هو سورية تحت ذريعة مماثلة وهي امتلاكها واستخدامها أسلحة كيميائية، لذلك لا بد أن يتعلم العالم من دروس الماضي وألا يسمح مرة أخرى للولايات المتحدة وحلفائها بأن يمارسوا لعبة التضليل من جديد.

وشدد صباغ على أن الجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة في العراق لا تسقط بالتقادم، وكان الأحرى بمن يتحدثون عن المساءلة ويثيرون الحماس بشأنها أن يطالبوا بمحاسبة الولايات المتحدة عن تلك الجرائم وأن تكون لدى هؤلاء الجرأة للمطالبة بمساءلة الدول التي وفرت كل أشكال الدعم للتنظيمات الإرهابية في سورية ومكنتها من حيازة واستخدام أسلحة ومواد كيميائية سامة، وأن يكون لديهم نفس الحماسة لمساءلة دول العدوان على ما ارتكبته من جرائم ضد الشعب السوري وتدميرها مدنا سورية فوق رؤوس قاطنيها.