الصراع "الاسرائيلي" بين الوجوه الناعمة والمتطرفة

الصراع
الخميس ٠٢ مارس ٢٠٢٣ - ١٠:٥١ بتوقيت غرينتش

على مدار اسابيع مضت وانا احاول جاهدا قراءة المشهد "الاسرائيلي" الداخلي سواء من خلال متابعة الحدث او ما وراء الحدث من خلال اهم الكتاب والمحللين الصهاينة، واستطيع ان اقول ان كيان الاحتلال يعيش اليوم صراعا حقيقيا بين من يعتقد انه قادر على اخضاع كل المؤسسات التي بنيت على مدار سبعين عاما او اكثر لسلطته وبين من يحاول ان يحافظ على الصورة النمطية لكيان الاحتلال والمقصود (واحة الديمقراطية في صحراء الدكتاتوريات العربية ) .

العالم - قضية اليوم

ما اثار اهتمامي مقال الكاتب اليهودي الامريكي توماس فريدمان والذي هاجم نتنياهو بشكل مباشر واتهمه بانه على استعداد ان يدخل الكيان الاسرائيلي في حرب اهلية مقابل مصالحه الشخصية على حد تعبيره ، وفريدمان المح الى ان ما يحدث في الشارع "الاسرائيلي" من فوضى وصراع لا يرضي اليهود الامريكيين - في اشارة الى اللوبي اليهودي في امريكا والذي يشكل الداعم الرئيس للاحتلال - في نهاية مقال فريدمان ستصل لحقيقة ان الازمة اليوم في كيان الاحتلال تكمن في غباء اركان السلطة الحاكمة والذين يظنون انهم بعجرفتهم وهمجيتهم يحافظون على الكيان سواء من خلال اصرارهم على التغييرات القضائية والتي يرفضها "المجتمع الاسرائيلي" او اصرارهم على اظهار الهمجية الزائدة اتجاه العرب ، بينما الحقيقة ان من هو قادر على ذلك هم اصحاب الوجوه الناعمة الذين يمررون ما يريدون دون ان يثيروا حولهم زوابع كالتي يثيرها اليوم هؤلاء المتطرفين والذين يستغلهم نتنياهو لمصالحة الشخصية والتي تكمن في الحفاظ على موقعه كرئيس للحكومة وتحصين نفسه من المحاكمة بتهم الفساد التي تطارده ، الواقع ان الولايات المتحدة باتت خجلة من تصرفات بن جفير وسموترطش ونتنياهو فهي تريد الوجوه الناعمة التي تستطيع ان تدافع عنها امام العالم ويمكن للرئيس الامريكي ان يستقبلها في البيت الابيض بافتخار، لكن مع شخص يطالب بمحو بلدة فلسطينية عن الخارطة امام العالم يصبح الامر صعبا او مستحيلا ، والحقيقة ان الحديث عن امكانية رفض الولايات المتحدة لشخصيات مثل سموطرتش وبن جفير لا يتعلق بفكرة عنصريتهم اتجاه الفلسطينيين بقدر العلانية بهذه العنصرية واصرارهم على تصديرها بجلافه امام وسائل الاعلام وكذا الامر باصرارهم على تشويه صورة الديمقراطية الاسرائيلية التي تمدحها واشنطن والغرب في كل فرصة بوصفها تتوافق مع ديمقراطيتهم التي لا يعرفها العرب ، وهذا ما يدركه اليوم عدد كبير من المخضرمين في السياسة والامن الاسرائيلي والذين لا يريدون لكيانهم ان يخرج عن صورته النمطية التي اقنعوا العالم بها على مدار خمسة وسبعين عاما ، هؤلاء هم الذين بنوا الصورة ويرون بان هؤلاء المتطرفين سيهدمون ما تم بناءه على مدار عقود طويلة .

  • فارس الصرفندي