حكومة تبون الجديدة.. تغييرات مستمرة وهيكلة غير مستقرة

حكومة تبون الجديدة.. تغييرات مستمرة وهيكلة غير مستقرة
الجمعة ١٧ مارس ٢٠٢٣ - ١٢:٥٧ بتوقيت غرينتش

لم يحمل التعديل الحكومي الجديد في الجزائر الكثير من المفاجآت السياسية، عدا مفاجأة لم تكن متوقعة تخص عودة وزير الخارجية أحمد عطاف بعد 24 سنة من مغادرته المنصب، لكنه كشف عن عدم استقرار بعض الوزارات وسرعة التغييرات التي تمسها، واستمرار البحث عن هيكلة حكومية مثالية لم يجر التوصل إليها بعد ثلاث سنوات من حكم الرئيس عبد المجيد تبون. 

العالم - الجزائر

أظهر التعديل الحكومي أن حركة البناء الوطني كانت أكثر الأحزاب السياسية التي استفادت من التعديل الحكومي، إذ ازدادت عضوين في الحكومة، بعد تعيين اثنين من الإطارات المحسوبة عليها في الفريق الحكومي. ويتعلق الأمر بوزير العمل فيصل بن طالب ووزير الصيد البحري أحمد بداني، فيما خسرت جبهة التحرير الوطني حقيبتين، بعد إقالة وزير الصناعة أحمد زغدار ووزيرة البيئة سامية موالفي، وبرز تعيين أمين عام حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الطيب زيتوني، في الحكومة وزيرا للتجارة، وهي وزارة ظلت خلال العقدين الماضيين لصيقة بالمسؤولين الحزبيين، حيث تداولت عليها قيادات في أحزاب حركة مجتمع السلم مرتين والحركة الشعبية الجزائرية.

أبرز الإقالات اللافتة كانت إقالة وزير التجارة كمال رزيق، وهو قرار كان ضروريا بالنسبة للرئيس تبون لامتصاص الغضب الشعبي والسياسي المتزايد ضد الوزير رزيق. وبالنسبة للكثير من المراقبين فإن هذه الإقالة تأخرت كثيرا، بالنظر إلى الارتباك الكبير الحاصل في تنظيم القطاع التجاري والاضطراب المستمر في الأسواق وقرارات منع التوريد التي أعاقت عمل المصانع والمؤسسات الإنتاجية.

وقال المحلل الاقتصادي سليماني ناصر، لـ"العربي الجديد"، "أعتقد أن الرئيس تبون، الذي تمسك خلال ثلاث سنوات بوزير التجارة برغم الكم الهائل من الانتقادات الموجهة إليه، استهلك كل إمكانية للإبقاء عليه، ولم يعد ممكنا الدفاع عنه، على الرغم من الإعلان عن تحقيق صادرات بقيمة سبعة مليارات دولار خارج المحروقات، خاصة بعد حادثة إدانته من قبل البرلمان، بسبب سلوك غير لبق مع نائب في البرلمان، ومن قبل الرئيس نفسه بسبب قرارات منع التوريد".

ما يلفت الانتباه، على المستوى الهيكلي، هو استمرار تجريب صيغ جديدة في هيكلة الوزارات، ما يعني عدم استقرار الرئيس عبد المجيد تبون، بعد ثلاث سنوات من الحكم، على صيغة مثلى تؤدي الغرض، إذ حمل التعديل الجديد دمج وزارة الصناعة مع وزارة الصناعة الصيدلانية بقيادة وزير الصناعة الصيدلانية على عون، وإعادة فصل وزارة الري عن وزارة الأشغال العمومية، وهي تغييرات كانت قد مست في التعديلات الخمس الماضية، ومنذ الحكومة الأولى التي عينها الرئيس تبون، وزارات أخرى كالثقافة التي كانت بثلاثة أفرع (الثقافة والإنتاج الثقافي والإنتاج السنيمائي)، والمناجم التي كانت ملحقة بوزارة الصناعة، قبل أن يعاد دمجها مع وزارة الطاقة.

كما قال المحلل السياسي فيصل زغدان، إن "هناك عدم استقرار لافت في التشكيل الحكومي وفي الهيكلة؛ يعطينا ذلك فكرة واضحة عن أن الرئيس تبون ما زال بصدد البحث عن هيكلة مثلى للحكومة، لكن لم يجر التوصل إليها حتى الآن، وهذا يفسر فصل ودمج الوزارات التي تجري مع كل تعديل حكومي"، مضيفا أن "غياب أي ترتيب دقيق للأولويات والتوصيف الوظيفي لكل وزارة ولكل مسؤول حكومي، والتحديد للمتطلبات والأهداف، هو الذي يفرز هذا الوضع، ما يتطلب وضع تصور شامل لإصلاح هيكلة الحكومة أولا، والخطط الحكومية، وربطها بالغايات الاقتصادية المطلوب تحقيقها ثانيا".

على صعيد آخر، كشف التعديل الحكومي عن استمرار عدم استقرار بعض الوزارات وسرعة التغييرات التي تمسها، بينها وزارة المالية التي شملتها خمسة تغييرات وشغلها أربعة وزراء في ظرف السنوات الثلاث الأولى من حكم الرئيس تبون، بمن فيهم رئيس الحكومة أيمن بن عبد الرحمن الذي جمع بين منصبه في وزارة المالية لمدة ثمانية أشهر بين يونيو/حزيران 2021 حتى فبراير/شباط 2022، إضافة إلى وزارة العمل، التي تشهد رابع وزير يشغلها في غضون ثلاث سنوات، وكذلك وزارة النقل التي تستقبل رابع وزير في غضون الفترة نفسها.