العالم – قضية اليوم
المجزرة كشفت عن حجم الحقد الذي تكنه الجماعات التكفيرية الارهابية، والجهات المشغلة لها، ليس فقط ضد الجيش السوري الذي اذلهم وافشل مؤامراتهم، بل ضد الشعب السوري نفسه، وذلك عندما اختارت الجهات التي تقف وراء المجزرة، ساعة تنفيذها، عندما احتضنت العوائل، ابناءها الخريجين في ختام حفل التخرج، فتمزقت اشلاء العشرات من الاطفال والنساء، في مشهد سيبقى محفورا في ذاكرة الشعب السوري الى الابد.
الرسائل التي اراد اعداء سوريا توجيهها من خلال هذه المجزرة، تتجاوز حدود سوريا، الى علاقتها مع محور المقاومة والصين وموقفها من التطبيع، ومحاولة امريكا الحفاظ على نظام القطب الواحد، الذي بات يترنح على وقع ما يجري في سوريا و اوكرانيا، وفرض الكيان الاسرائيلي على المنطقة، بعد تقسيم دولها وشرذمة شعوبها.
اتهام امريكا والكيان الاسرائيلي، بانهما يقفان وراء هذه المجزرة الجبانة، لم يأت من فراغ، فالخبراء يرون ان المتفجرات ونوع الطائرة المسيرة التي تم استخدامها، والدقة التي جرت فيها تنفيذ المجزرة، تؤكد وبشكل لا لبس فيه، على ان تقنية عالية الدقة، قد تم استخدامها للتحكم بالطائرة التي قطعت مسافات طويلة، وهي امكانيات لا تمتلكها الجماعات الارهابية، خاصة مع توارد انباء مؤكدة تحدثت عن تحليق مكثف للطيران الامريكي و"الاسرائيلي" فوق المنطقة لدى وقوع المجزرة، الامر الذي يؤكد وجود جهات كانت ترصد كل ما يجري على الارض، من اجل تسهيل عملية تنفيذ المجزرة.
ليس هناك من ينكر، وجود مرجعيات دولية واقليمية، للجماعات الارهابية في سوريا، كما ليس هناك من ينكر كذلك، ان جميع هذه المرجعيات تتحكم بها جهة واحدة، وهي امريكا، فلا يحق لاي جهة كانت ان تحرك تلك الجماعات، دون التنسيق مع امريكا، التي كانت ومازالت تحلم في السيطرة على سوريا، لرفضها التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، ودعمها للفصائل الفلسطينية المقاومة للاحتلال الاسرائيلي، ورفضها الاستبداد الذي تمارسه امريكا على العالم، واعتمادها سياسة التوجه نحو الشرق، عبر اقامة علاقات استراتيجية مع روسيا والصين وايران، وتجسدت هذه السياسة مؤخرا بالزيارة التي قام بها الرئيس السوري بشار الاسد الى الصين، واختيار الاخيرة للجغرافيا السورية، لتكون الرابط لمبادرة طريق الحرير، الذي يربط الشرق بالغرب، وهو ما لا تتحمله امريكا، التي تسعى جاهدة، لبناء الممر الهندي، الذي يستهدف ربط الدول العربية مع الكيان الاسرائيلي، عبر هذا الخط.
ان مجزرة الكلية الحربية في حمص جريمة أمريكية "أسرائيلية" بإمتياز، فهي تأتي متسقة مع التحركات الامريكية في شرق سوريا لفرض واقع جغرافي جديد، يهدد وحدة سوريا، ومتسقة مع العدوان الاسرائيلي المتكرر على سوريا الذي يستهدف الجيش السوري والمنشأت العسكرية والمطارات السورية، وهدف المجزرة والتواجد الامريكي والعدوان الاسرائيلي، هو واحد، اضعاف الجيش السوري، وزرع اليأس لدى السوريين، ومحاولة الايحاء، بان مصير سوريا بيد الثنائي الامريكي الاسرائيلي.
ان الشيء الذي فات هذا الثنائي المأزوم، هو ان مثل هذه الجرائم ، لم ولن تفل من عضد الدولة السورية، التي صمدت على مدى اكثر من 11 عاما، امام المؤامرة الكونية التي استهدفت سوريا، عندما كانت فيه امريكا تتربع على عرش النظام العالمي الاحادي القطب، فسوريا اليوم اكثر قوة من الامس، فالنظام العالمي الحالي بدأ يترنح، وهناك قوى دولية واقليمية كبرى، اخذت تعمل على بناء نظام عالمي جديد اكثر عدلا، لا تتفرد فيه امريكا بالقرار الدولي، وتفرض "اسرائيل" على العرب والمسلمين بالقوة والحيل والمكائد، وهذا العالم قادم لا محالة، ولن توقف ولادته، احتلال امريكا لاجزاء من سوريا، او فرض نفسها بالقوة على الشعب العراقي، او الضغط على العرب للتطبيع مع "اسرائيل"، او تنفيذ مجازر جبانه ووحشية كمجزرة حمص .
أحمد محمد