العالم – مقالات وتحليلات
دعوة سماحة السيد خامئني لمسؤولي الدول العربية ، تعتبر "اضعف الايمان"، في التعامل مع ما ترتكبه "اسرائيل" من فظاعات في غزة، فالدعوة لا تتضمن إرسال جيوش عربية لتحارب في قطاع غزة، او حتى لكسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني بالقطاع، بل كل ما طلبه سماحته، قطع العلاقات الاقتصادية والسياسية مع هذا الكيان الارهابي المجرم، وهو اجراء في متناول الانظمة العربية، وبامكانها اتخاذه كرد فعل طبيعي على الابادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة منذ اكثر من ثلاثة اشهر.
الامر الذي يحز في نفس كل انسان عربي، هو ان من اتخذ هذه الاجراءات، مثل طرد سفراء الكيان الاسرائيلي المجرم وقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معه، ليس الدول العربية المطبعة، كما كانت تنتظر الشعوب العربية، بل حكومات بعض الدول في امريكا اللاتينية، مثل كولومبيا وبوليفيا وتشيلي، التي فار الدم في عروق مسؤوليها من هول ما يحدث في غزة من فظائع، بينما تجمدت الدماء في عروق الاشقاء، الذين مازالوا يتمسكون باسنانهم وايديهم بسفراء هذا الكيان الغاصب، قاتل اطفال ونساء فلسطين.
الشيء اللافت في اداء الانظمة العربية المطبعة والنفطية، هو انها حتى لا تحاول ان تلوح، مجرد تلويح، بسلاحي طرد السفراء او النفط، للضغط على "اسرائيل" وعرابها الامريكي، فلم يسجل ولا تصريح واحد لمسؤول في هذه الدول، ومنذ اكثر من ثلاثة اشهر، حتى تلميحا، من ان هذه الدول قد تلجأ الى استخدام هذين السلاحين.
هذه المواقف المتخاذلة لبعض الانظمة العربية، كانت من اهم الاسباب التي جعلت الكيان الاسرائيلي يستبيح الدماء الفلسطينية في غزة، بهذه الوحشية، لان الكيان على قناعة تامة، من ان هذه الانظمة لم ولن يصدر منها اي رد فعل، حتى لو اباد غزة على من فيها.
الادهى والامر من كل ذلك، هو ان بعض الانظمة العربية، لم تكتف بالسكوت ازاء استشهاد نحو 26 الف فلسطيني واكثر من 70 الف جريح، معظمهم من الاطفال والنساء، بل تجاوزت ذلك الى دعم "إسرائيل" في اجرامها، عبر كسر الحصار البحري الذي تفرضه القوات المسلحة اليمنية على الكيان الاسرائيلي، عبر تفعيل جسر بري بين الإمارات ودولة الاحتلال، الامر الذي اصاب الجميع بالحيرة، وهو ما دفع الخبراء لتحليل هذه المواقف الشاذ، بالقول، أن الدول العربية التي طبعت مع الكيان الاسرائيلي، وقعت في ورطة كبيرة من خلال التطبيع، فهي محرجة من انتصار المقاومة في حال صمدت أمام الوحشية الإسرائيلية، وظهر الكيان بموقف الضعيف أمام الآخرين، وهي التي استندت في تطبيعها على قوة "إسرائيل" العسكرية، وأيضا هي في حرج من تصاعد أرقام الضحايا الفلسطينيين، لأن ذلك سيجعل غضب شعوبها ينصب عليها بسبب موقفها المساند ل"إسرائيل"، وان أقصى أمنيات تلك الأنظمة حاليا، هي عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، واستئناف مسار التطبيع لباقي الدول العربية والإسلامية لتثبت للآخرين أنها كانت على صواب في تطبيعها مع "إسرائيل".
عندما تكشف الصحافة الغربية، عن أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، عض اليد التي ساعدته، بعد ان رفض ان يأخذ الوضع الانتخابي الحرج للرئيس الامريكي جو بايدن، بنظر الاعتبار، إثر تدني شعبيته الى مستويات غير مسبوقة، بسبب دعمه اللامحدود لجرائم الاباده الجماعية الذي ترتكبها "اسرائيل" في غزة، حيث كشف نتنياهو وأمام الجميع عن أنه “أبلغ الولايات المتحدة بأنه يعارض مبدأ إقامة دولة فلسطينية في أي سيناريو بعد الحرب، ويجب أن يكون رئيس الوزراء قادرا على قول لا، حتى لأصدقائنا"، ترى هل تتوقع الانظمة العربية من الكيان الاسرائيلي، ان يتعامل معها كحلفاء، او اصدقاء؟!.