العالم – مقالات وتحليلات
العرض الذي قُدم لحركة المقاومة الاسلامية "حماس"، خلال هذه المفاوضات كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، وينص على وقف إطلاق النار لمدة 4 أشهر في قطاع غزة مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، ويتم على ثلاث مراحل، المرحلة الاولى وقف الهجمات "الإسرائيلية" لـ6 أسابيع، من أجل إطلاق سراح الأسرى "الإسرائيليين" من الأطفال والنساء وكبار السن الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة، مقابل إطلاق "إسرائيل" سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين وزيادة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. والمرحلة الثانية تتضمن إطلاق حماس سراح "الجنديات الإسرائيليات" الأسيرات، ومن ثم "الجنود الأسرى"، وتسليم جثث القتلى "الإسرائيليين" في غزة إلى تل أبيب. والمرحلة الثالثة، تشمل حصول حماس على ضمانات دولية، بما في ذلك من الولايات المتحدة الأميركية، بإمكانية التوصل إلى اتفاق شامل من شأنه إيقاف الهجمات على غزة بشكل نهائي.
الشيء اللافت في الطرح الرباعي الذي قدم للمقاومة الاسلامية في غزة، هو تقديمه قضية تحرير الاسرى "الاسرائيليين" على جميع القضايا الاخرى، وفي مقدمتها وقف العدوان الشامل على غزة، وسحب جميع قوات الاحتلال من القطاع، فإطلاق سراح الاسرى مرتبط بإنهاء العدوان، ومتزامن معه، وهذا الامر هو الذي دعا الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي زياد نخالة لاصدار بيان اكد فيه عدم انخراط المقاومة في أي تفاهمات دون ضمان وقف شامل للعُدوان على غزة وانسحاب كامل لقوات الاحتلال، وضمان إعادة الإعمار، وحل سياسي جدي يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
من السذاجة ان تعتقد امريكا، التي ترعى الرباعية، كما انها ليس طرفا محايدا بل هي من تدير العدوان الاسرائيلي على غزة، ان المقاومة في غزة، يمكن ان تفرط باهم ورقة في حوزتها، وهي ورقة الاسرى، لمجرد تقديم وعود، سمعها الفلسطينيون والعرب من قبل وعلى مدى العقود الماضية، دون ان تُنفذ.
ان المقاومة في غزة، تدرك جيدا ان الامريكي والاسرائيلي، لن يركنا الى المفاوضات وعقد الصفقات لو كان بامكانهما تحرير الاسرى بالقوة العسكرية، فهذا الثنائي، وعلى مدى 117 يوما لم يحرر اسيرا واحدا، رغم القائه متفجرات على غزة فاقت قوتها قوة ثلاث قنابل نووية، وقتله نحو 27 الف شهيد فلسطيني معظمهم من الاطفال والنساء وتدمير اكر من 70 بالمائى من غزة، لذلك ورغم الكارثة الانسانية التي تشهدها غزة بسبب العدوان، ومسؤولية المقاومة في التخفيف عنها، الا انها ستبقى متمسكة وبقوة بورقة الاسرى لدفع المحتل على تقديم تنازلات رغم لغة الاستعلاء الفارغة التي ما زال يتحدث بها نتنياهو واعضاء حكومة حربه.
تصلب المقاومة بموقفها، ليس عنادا، ولم يأت من فراغ، بل يأتي من معرفة دقيقة بنوايا امريكا والمحتل الاسرائيلي، وتاريخهما الاسود الحافل بالخداع والاكاذيب ونكث العهود، ففي الوقت الذي تتحدث امريكا عن تقدم في مفاوضات باريس يخرج علينا نتنياهو ليقول ان قواته لن تنسحب من غزة، وسنواصل الحرب، فيما كان العديد من وزرائه يشاركون في تجمع كبير في القدس يدعو الى عودة المستوطنين الى غزة، بينما وزير الحرب الاسرائيلي يوآف غالانت يهدد ان كيانه سيفرض سيطرة عسكرية على غزة بعد الحرب!!.
رغم كل عنتريات نتنياهو وغالانت واعضاء حكومته الارهابية العنصرية، الا ان الميدان هو الذي سيفرض نفسه على الجميع، الميدان الذي يتحدث بصوت عال، ان "اسرائيل" فشلت في عدوانها على غزة، وان "جيشهم الذي لا يقهر" تحول الى اضحوكة امام العالم، لفشله في تحرير اسير واحد رغم انه قتل عددا كبيرا من اطفال ونساء غزة!، فاذا كان نتنياهو يراهن على مواصلة حربه العبثية في غزة على أمل ان يحدث شيء في الافق يمكن ان ينزله من اعلى الشجرة التي تسلقها بعنجهيته، فانه واهم، فكل يوم يمر يغوض فيه "جيشه" اكثر في رمال غزة.
سعيد محمد