العالم - فلسطين المحتلة
لعبة الاستدراج الجديدة تسعى من خلالها الولايات المتحدة لتقوية الموقف الإسرائيلي، لا سيما في ما يتعلق بـ “مقترحات باريس”، غير عابئة بالفلسطينيين.
شروط غير مشجعة للذهاب في الصفقة
ويرى الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون في رؤيته لأسباب تأخير المقاومة القبول بما تمخضت عنه لقاءات باريس، بأنه وكما أعلن فما زالت حركة حماس تدرس هذه الصفقة وحتى اللحظة لم تتخذ موقفًا وهي في طور المشاورات، خصوصًا أنّ هذه الصفقة تم ترتيبها مع أطراف كان فيها الأمريكيون والإسرائيليون، لكن الطرف الرئيس الفلسطيني لم يكن موجودًا.
ويلفت المدهون في تصريحاتٍ إعلامية، رصدها المركز الفلسطيني للإعلام، أنّ ما تم تسريبه من هذه الوثيقة أنّها أقرب إلى “وثيقة استسلام” وتخضع للرؤية الإسرائيلية وتخلو هذه الصفقة من وقف دائم لإطلاق النار، وتخلو من انسحاب لقوات الاحتلال الإسرائيلي، ولا تعطي أي ضمانة لعدم تجدد العدوان، وتتحدث عن وقف مؤقت وتبقي زمام المبادرة بيد الاحتلال الإسرائيلي، فضلا عن أنها لم تتحدث عن إعمار قطاع غزة.
وتابع بالقول: لذلك أعتقد أنّ الأمور غير مشجعة للذهاب مع هكذا صفقة، لكن تبقى الدراسات والاحتمالات على كل صعيد.
زيارة لمواصلة المشاركة في العدوان
ويعتقد المدهون أنّ زيارة بلينكن في إطار مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في العدوان على غزة، وهو يقود الجبهة الدبلوماسية والسياسية منذ اليوم الأول للعدوان، والولايات المتحدة غير معنية بوقف دائم لإطلاق النار، أو غير معنية لوقف دائم للحرب على غزة.
وشدد على أنّ أمريكا هي تريد من هذا عدة أمور، تخفيف الضغط الرأي العام الدولي على الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، والأمر الثاني هي معنية بعدم اتساع رقعة المواجهة، والأمر الثالث هي معنية بمنح الاحتلال الإسرائيلي مزيدًا من المساحة والشرعية في مواصلة عدوانه على قطاع غزة.
ويلفت المدهون إلى أنّ الولايات المتحدة معنية بإطالة أمد الحرب والعدوان وما زالت تدعم الاحتلال ولكن بطريقة مختلفة، ولهذا أعتقد أن جميع التصريحات التي تتحدث عن مساعدات إنسانية هي لذر الرماد في العيون.
ويستدرك بالقول: هي غير معنية بتوسعة الحرب، ولكن معنية باستمرار العدوان، وهي لا تمارس أي ضغوط على الاحتلال لوقف عدوانه حتى المبادرات التي قدمتها في باريس تتحدث عن وقف مؤقت للعمليات العسكرية وهذا بالنص، وهي تمنح الاحتلال شرعية الوجود والحضور وامتلاك زمام المبادرة.
نوايا مبيتة لمنح شرعية استمرار العدوان
ويؤكد المدهون أنّ هناك حالة تجويع شديدة في شمال غزة وصلت إلى منتهاها والبعض بدأ يأكل “الحيوانات” والوضع صعب جدًا، ويمر اليومان والثلاثة ولا تجد الأسرة شيئًا تأكله، بالإضافة كما نشاهد جميعا، في الوقت الذي يتحدثون فيه عن مساعدات إنسانية يتم ضرب أي منظومة إنسانية على رأسها “الأونروا”، ويشن الاحتلال حربا عليها وتستجيب أمريكا في استهدافها أيضا لضربها وهي الجهة التي تعمل على التخفيف عن الشعب الفلسطيني.
ويختم بالقول: إنّ الأمر حقيقة معقد ويحتاج أن لا نقع في فخ المراوغات السياسية والإعلامية للولايات المتحدة الأمريكية، وعلينا الحذر، وأعتقد أنّ هناك نوايا مبيتة لمنح الاحتلال شرعية البقاء والاستمرار في عدوانه.
لعبة استدراج جديدة
من جانبه وصف الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة ما تسعى له الولايات المتحدة وما تروج له حول عملية سياسية وحل الدولتين بأنّه “لعبة استدراج جديدة”.
ونقل الزعاترة في تدوينة له، رصدها المركز الفلسطيني للإعلام، عن افتتاحية “إندبندنت”، قولها إن “السبيل الوحيد إلى “تهدئة” التوترات في الشرق الأوسط بشكل دائم يتلخص في إحراز تقدم في تصحيح المظالم التي يعاني منها الشعب الفلسطيني”، وأشارت طبعا إلى “الدولة الفلسطينية”.
ولفت إلى أنّ “الطوفان” جعل من هذه النظرية حالة سائدة في العالم، وذلك بعد أن اعتقد “الكيان” أن “اتفاقات أبراهام” قد دفنتها لصالح مخطط “السلام الاقتصادي” الذي ينبغي أن يصفّي القضية.
وخلص للقول اليوم يريد “بايدن” أن يعيد العجلة إلى الوراء عبر إطلاق “عملية سياسية” مقابل تطبيع مع السعودية، أي “مسيرة أوسلوية” جديدة، وبتعبير أدق لعبة استدراج جديدة.
لعبة عض الأصابع متواصلة
من جانبه يرى الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي أنّ ما يجري هو جزء من عملية التفاوض، وعض الأصابع ليس في الميدان فقط، في ظنّي في الربع الساعة الأخيرة قبل التوصل إلى اتفاق كل طرف يسعى للتوصل إلى ما يريد، وأن يضمن اشتمال الصفقة على ذلك.
ولفت إلى أنه من الواضح أنّه وبعد تسريبات اتفاق باريس أنّ الاتفاق وإن لم يكن مقبولاً بكامله للمقاومة ولديها عليه ملاحظات إلا أنّ الملاحظات من الجانب الإسرائيلي أكبر، وبعضهم وصفوا التسريبات بأنها هزيمة لإسرائيل إن كنت صحيحة بهذا المعنى.
ويشدد الرنتاوي في تصريحاتٍ إعلامية، رصدها المركز الفلسطيني للإعلام، أن المقاومة ما زالت تحتفظ بأوراقها قريبة من صدرها، ولا تريد أن تعطي الإسرائيليين ما يرغبون بالحصول عليه، وهناك ربما من الجانب الأمريكي الذي يعمل بشكل لصيق، يبحثون استكمال ترتيبات الوضع الإسرائيلي الداخلي، وعند إنجاز هذا الاتفاق ستسقط ولا بد من حكومة بديلة تمرر هذا الاتفاق.
ويعبر عن تفاؤله بأنّ الأجواء تشير إلى أننا نقترب بشكل حثيث من الاتفاق على صفقة شاملة بهذا المعنى، وأنّ هذه الصفقة تستبطن المطالب الأساسية للمقاومة الفلسطينية، وهناك يبدو أنّ المقاومة بحاجة لضمانات أكبر بأن ينتهي هذا المسلسل متعدد الحلقات من الإفراج عن الأسرى والمحتجزين إلى تحويل الهدن الطويلة إلى وقف ثابت لإطلاق النار.
وينوه الرنتاوي إلى ان هناك ربما ضمانات وتطمينات، لكن من يقدمها وما هو شكلها، لكن المناخ الأمريكي متحمس جدا ومتفائل بالتوصل لاتفاق قوي وبنّاء، وقطر قالت إن حماس تسلمت المبادرة بأجواء إيجابية، ولم تقل إنها وافقت عليها.
وخلص المحلل السياسي للقول: أعتقد أن المقاومة في الداخل والخارج تقرأ في الصفحة ذاتها، وما يشاع عن خلاف بين الداخل والخارج بعد التجربة ثبت أنه غير ملموس، ولكن الظروف الميدانية والعدوان المكثف على غزة والسيطرة الأمريكية على سماء غزة وأجوائها أوجدت مصاعب في الاتصال بين الداخل والخارج، لكن الموضوع أصبح مسألة وقت، وهذا يفسر سبب تأخير زيارة وفد حماس للقاهرة، ويفسر الأوضاع التي تعيشها حالة الاستمهال في لمفاوضات، لكنّ المناخ يشي أننا أمام اتفاق.
وقف إطلاق نار شامل شرط الموافقة
قال القيادي في حركة “حماس”، أسامة حمدان، إن الحركة متمسكة بوقف إطلاق نار شامل، وانسحاب جيش الاحتلال من كامل قطاع غزة ورفع الحصار عنه، وهو ما تقف “إسرائيل” ضده، وتعرقل إتمام أي اتفاقٍ مع فصائل المقاومة بهذا الشأن.
وقال حمدان في حوار صحفي يوم أمس الاثنين، إنّ “الإسرائيليين يريدون مواصلة هجماتهم العسكرية ضد قطاع غزة وإبقاء الحصار عليه، ولا يريدون التوصل لوقف إطلاق النار”.
وأشار إلى أن الوسطاء يعملون على تحقيق نوع من الاتفاق “الذي من وجهة نظرنا ينبغي أن يضمن لنا تحقيق كل ما نطلبه”.
وأفاد بأنه منذ اليوم الأول أكدت حماس على شرطها إطلاق سراح جميع الأسرى، مردفًا بأن “هذا سيتحقق في النهاية”.
وأضاف القيادي في “حماس” أنّ “الكثير من الأمور تقال في الإعلام كما لو أننا وافقنا عليها، مثل ما يتعلق بإطلاق سراح الإرهابيين المعتقلين، نحن ببساطة لن نوافق على ذلك”.
المصدر - المركز الفلسطيني للإعلام