العالم - الاحتلال
وذكر المرصد الأورومتوسطي، أن كيان الاحتلال الإسرائيلي مستمر في قتل الفلسطينيين على نحو واسع، من خلال القصف الجوي والمدفعي على المناطق السكنية وتصعيد وتيرة تنفيذ عمليات القتل والإعدام غير القانونية، بما يصل إلى حد ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كجرائم قائمة بحد ذاتها، وفقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وأبرز الأورومتوسطي أن عمليات القتل والإعدام والقنص التي يرتكبها جيش الاحتلال يستهدف فيها بشكل أساسي المدنيين الآمنين في مراكز الإيواء والمستشفيات والشوارع والمناطق السكنية المأهولة.
ومن بين تلك الحوادث، قتل جيش الاحتلال المواطن الفلسطيني “جهاد محمد الدردساوي” (49 عامًا)، من حي “التركمان” في منطقة “الشجاعية” شرق غزة، بإطلاق نار من طائرة “كواد كابتر” (Quadcopter) المسيّرة الإسرائيلية في الرابع من شباط/فبراير الجاري. وفي حينه، أظهر الفحص الأولي لجثة “الدردساوي” تعرضه لعدة فتحات في جسده، على الأقل أربعة في الظهر وواحدة في الفخذ بفعل استهدافه بإطلاق نار مباشر.
وقال “أكرم الدردساوي” في إفادة لفريق المرصد الأورومتوسطي، إن شقيقه “جهاد” كان في طريقه من منزله إلى مجمع الشفاء الطبي في غزة لتوصيل الطعام لشقيقهما المصاب باستخدام دراجة هوائية، قبل استهدافه بإطلاق نار إسرائيلي وقتله، لافتًا إلى أنه تم دفنه لاحقًا في ساحة إحدى مدارس الإيواء شرق مدينة غزة.
وخلال ساعات أمس الجمعة، تلقى المرصد الأورومتوسطي إفادات باستشهاد ثمانية فلسطينيين على الأقل في عمليات قنص وإطلاق نار إسرائيلية في عدة مناطق من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
وعصر أول أمس الخميس، تلقى الأورومتوسطي إفادات بشأن انتشال ستة أشخاص ونقلهم إلى مجمع “ناصر” الحكومي في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، بعد قتلهم باستهداف قناصة من الجيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء محاولتهم الحصول على المياه الصالحة للشرب في محيط المستشفى.
وذكر الأورومتوسطي في اليوم ذاته أنه تلقى إفادات بشأن مقتل فلسطينيين اثنين وإصابة ثالث بجروح خطيرة جراء إطلاق نار من طائرة كواد كابتر المسيرة على مدرسة تؤوي نازحين في محيط مدارس “العودة” شرقي خان يونس.
وصباح الأربعاء الماضي، وثق المرصد الأورومتوسطي استشهاد الطفلة “رؤى عاطف قديح” (14 عامًا) أمام بوابة مستشفى “ناصر” الطبي في خان يونس برصاص قناصة جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال محاولتها الحصول على المياه من مكان قريب من المشفى.
كما وثق قبيل ظهر الثلاثاء الموافق 4 فبراير/شباط الجاري استشهاد المواطن “محمد دياب عبد القادر برهوم” جراء إطلاق النار عليه من طائرة “كواد كابتر” خلال توجهه إلى بلدة النصر شمال مدينة رفح من أجل إطعام أغنامه.
وفي 2 شباط/فبراير الجاري، استشهاد 4 فلسطينيين، منهم مديرة دائرة الشباب والمتطوعين “هدايا حمد”، برصاص قناصة الاحتلال الإسرائيلي المتمركزين في محيط جمعية الهلال الأحمر في خان يونس.
وفي 31 كانون ثانٍ/يناير الماضي، اسشتهد موظف الأمن في مستشفى “الأمل” التابع لجمعية الهلال الأحمر في خانيونس، جراء إطلاق قناصة الجيش الإسرائيلي النار تجاهه أثناء وقوفه قرب الباب الخلفي للمستشفى.
وأكد الأورمتوسطي رصد مئات حالات القتل والإصابة لمدنيين فلسطينيين في عمليات قنص من الجيش الإسرائيلي وإطلاق النار من طائرات “كواد كابتر” المسيرة منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، مع تزايدها خلال عمليات التوغل البري التي بدأت نهاية تشرين أول/أكتوبر الماضي، لاسيما في الأسابيع الأخيرة.
وأكدت الشهادات التي جمعها المرصد الأورومتوسطي أن جيش الاحتلال الإسرائيلي بات يستخدم طائرات “كواد كابتر” بشكل منهجي وواسع النطاق في تنفيذ عمليات القتل العمد والإعدام خارج نطاق القانون والقضاء ضد المدنيين الفلسطينيين، خاصة في المناطق التي تشهد توغلات ومداهمات إسرائيلية ثم تتراجع عنها الآليات الإسرائيلية، بحيث تستهدف عبر هذا النوع من الطائرات أو القناصة المدنيين الذين يحاولون العودة لتفقد منازلهم.
ووفقًا لمسؤولين في وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فإن العاملين الصحيين رصدوا أن أغلب حالات الإعدام والقتل الميداني جرت بواسطة أعيرة نارية غريبة؛ حيث تختلف مواصفاتها عن الأعيرة النارية المعتادة، وتترك شكلًا مختلفًا على جسد الضحية عند اختراقها إياه، إذ لم تكن رصاصات أطلقت من أسلحة من نوع بندقية، وهذا يدفع إلى الاعتقاد أن حالات القتل كانت بواسطة طائرات “كواد كابتر” المسيرة.
يشار إلى أن جيش الاحتلال حوّل هذه الطائرة المسيّرة التي أُنتجت للاستخدام بالأساس في أغراض التصوير، إلى سلاح جوي استخباري ومن ثم وسيلة للقتل والإعدام غير القانوني المباشر.
وطائرات “كواد كابتر” المسيرة – التي طورتها شركات صناعات عسكرية إسرائيلية بخصائص وميزات تكتيكية مختلفة- رباعية المروحيات وصغيرة الحجم لا يتجاوز قطرها مترًا واحدًا، وتصميمها يشبه المروحيات، كما أنها سهلة البرمجة وتسيّر إلكترونيًا عن بُعد.
وهذا النوع من المسيّرات مزوّد بكاميرات ذات جودة عالية وأدوات تنصت دقيقة جدًا، ويمكنها القيام بمهام عسكرية إضافية، مثل إطلاق النار وحمل قنابل، كما أنه يمكن تحويلها إلى طائرة مسيّرة انتحارية.
وكان المرصد الأورومتوسطي وثق في نهاية كانون أول/ديسمبر الماضي في ملف أولي قدمه إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية ومقررين خاصين للأمم المتحدة عشرات جرائم القتل والإعدام المباشر غير القانونية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة ضد المدنيين، داعيًا إلى التحقيق الفوري بها لمحاسبة مرتكبيها وإنصاف الضحايا.
وحث الأورومتوسطي الجهات المذكورة وغيرها من الأطراف الدولية على إعلان موقف من مجمل عمليات القتل الواسعة التي تنفذها القوات الإسرائيلية، والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك عمليات القتل والإعدام والتصفية الجسدية في قطاع غزة.
كما طالب الأورومتوسطي بالإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة خاصة بالهجوم العسكري الأخير على قطاع غزة، وتمكين لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة التي تم تشكيلها من عام 2021 من القيام بعملها، بما في ذلك ضمان وصولها إلى قطاع غزة وفتح التحقيقات اللازمة في جميع الجرائم والانتهاكات المرتكبة ضد الفلسطينيين في القطاع، بما في ذلك عمليات قتل المدنيين الفلسطينيين عمدًا وتصفيتهم جسديًّا.
كما دعا الأورومتوسطي المقرر الخاص المعنيّ بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفًا لإجراء زيارة قُطرية إلى قطاع غزة في أقرب فرصة ممكنة، من أجل التحقيق في جرائم القتل غير المشروعة التي تندرج ضمن ولايته الموضوعية.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن عمليات الإعدام خارج نطاق القانون والقضاء سواء بالتصفية المباشرة أو القنص وإطلاق النار التي ينفذها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين تنتهك حقهم في الحياة على نحو تعسفي وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، كما وتعتبر من الانتهاكات الجسيمة وفقًا لاتفاقيات جنيف، وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفقًا لنظام رما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كجرائم قائمة بحد ذاتها، وتشكل ركنًا من أركان جريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها كيان الاحتلال ضد سكان قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.