العالم – مقالات وتحليلات
ليس موضوع المقال هنا، بل أن ما حصل، شبيه تماما بما حصل في عدوان تموز عام 2006، عندما أعلن المقدس الشهيد سماحة السيد حسن نصرالله، بعد أيام من العدوان، الشعار الخالد "أنظروا إليها في عرض البحر إنها تحترق".
وكان يقصد بارجة "ساعر خمسة" الإسرائيلية المتطورة التي أصابتها المقاومة بصاروخ بحري.
مع عملية قيساريا وعملية بنيامينا في قاعدة لواء جولاني، يمكن أن نقول أن التحول بدأ في الحرب القائمة، كما حصل في تاريخية انظروا إليه تحترق.
من خلال هاتين العمليتين (إذا تبنى عملية قيساريا) ومن خلال الملاحم التي يسطرها مقاوموه على الحدود، فإن الحزب أكد إعادة ترميم نفسه سياسيا وعسكريا، وتحكم بمنظومة السيطرة والتنسيق.. بحيث بدأ الأداء الميداني والسياسي متناسقا.. كذلك يبدو أن الحزب اكتشف ثغرة الخرق التي أدت إلى استهداف القادة، وتمكن من سدها.. بدليل عدم تمكن الإسرائيلي من استهداف قادة مجددا.
كذلك بدأ الحزب بإظهار قدراته الاستخبارية والتكنولوجية، من خلال عمليتي قيساريا وبنيامينا.
ففي الأولى: استهدف (إذا صح التوقع بأن الحزب هو المسؤول) منزل نتنياهو في يوم السبت (العطلة اليهودية الأسبوعية).
استخبارتيا يرجح، أن نتنياهو كان موجودا في المنزل وقت الهجوم، خلافا لما يدعيه الاحتلال.. بدليل أن نتنياهو خرج بعد قليل بلباس (سبور) وليس رسمي، ليعلن ما أعلنه.. بمعنى أن هذا اللباس، لا يُلبس إلا عندما يكون الإنسان مرتاحا في بيته ومتفرغا لأعماله الخاصة غير الرسمية التي تتطلب اللباس الرسمي (الطقم).. وبما أن يوم السبت هو يوم عطلة أسبوعية يهودية، فان المفترض، أن يكون نتنياهو إلى جانب أسرته.
الأمر الآخر أيضا، أن الجهة التي نفذت الهجوم، ما كانت لتنفذه، لو لم تكن "متيقنة" من أن نتنياهو موجودا في المنزل. لماذا؟ طالما العملية ستنفذ، لماذا لا تحقق الهدف الأكبر وهو قتل نتنياهو؟ وبالتأكيد، من يقوم بهكذا عملية، لا يقوم بها، للاستعراض أو إيصال رسالة، ولا يقوم بها بدون رصد.. وربما نرى الجهة التي قامت بتنفيذ الهجوم، تنشر صورا ومشاهد عن العملية وعن وجود نتنياهو في المنزل.
المهم أن العملية حققت خرقا أمنيا كبيرا، وكشفت ثغرات هامة في نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي، الذي لم يتحرك للمواجهة، وحتى أن صافرات الإنذار لم تدوي تحذيرا.. وبالتالي، يمكن القول، إن تكنولوجيا هذه الطائرة "الشبح" تفوقت على ما تمتلكه قوات الاحتلال من تكنولوجيا أميركية وغربية في الدفاع الجوي.. جدير بالذكر أن الطائرة قطعت مسافة أكثر من 70 كلم لتصل إلى قيساريا وتجازوت طائرات إسرائيلية ورادارات.
وفي الثانية: كان تنفيذ الهجوم الجوي على قاعدة لواء غولاني في بنيامينا، مماثلا من حيث الخرق.
ويجب التركيز هنا أيضا على قدرة استخبارتية تفصيلية أكبر، تمثلت بتحديد الوقت وغرفة الطعام، واكتشاف القاعدة التي تعتبر سرية، بحيث أن جيرانها لا يعرفون أن بقربهم قاعدة عسكرية للواء غولاني.
وهذه المعلومات الدقيقة، أدتى إلى مقتل وجرح اكثر من 110 جنود وضباط في الهجوم.
من هذا التحول في مسار الحرب، بات من المرجح، أن الإسرائيلي، سيعيد حساباته بدقة، قبل أن يقدم على خطط جديدة للحرب، لا سيما استهداف إيران.. فاذا كان حزب الله يمتلك إمكانيات، حققت ما حققته على مستوى الخرق الأمني والكنولوجيا، فبالأحرى أن ما لدى إيران، يفوق ذلك بأضعاف مضاعفة.
وعلى الأرجح، فإن الإسرائيلي سيؤخر رده المزمع على إيران، لإجراء مراجعة وحساب دقيقين، للمفاجآت المحتملة من قبل إيران.
ويمكن التقدير، أن الذريعة التي نشرتها حكومة الاحتلال عن تسريب واشنطن، خطة ضرب إيران، يمكن أن تكون مخرجا ومبررا، لهذا التأجيل.. وقد أعلن الكابينت الإسرائيلي المصغر، أنه سيبحث يوم الإثنين الرد على إيران والتصعيد على الجبهة اللبنانية.. أي أنه وفقا للمتوقع، فإن ضرب إيران المحتمل لن يكون قبل اجتماع الاثنين.
بقلم: د. حكم أمهز