الربيع العربي و سايكس بيكو تحت أقدام الثوار الجدد!!

الربيع العربي و سايكس بيكو تحت أقدام الثوار الجدد!!
الثلاثاء ٢٥ أكتوبر ٢٠١١ - ١١:٣٣ بتوقيت غرينتش

25-10-2011 بقلم:عماد عفانة، صحفي وباحث سياسي thawrathawra2@gmail.com?

خرج علينا الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل قبل أيام بصرعة إعلامية جديدة مفادها أن الربيع العربي ليس ربيعا بل هو خريف يتخفى في ثوب الربيع، وأن ما يحدث ما هو إلا مجرد إعادة تقسيم للعالم العربي على أساس المصالح والسيطرة على الثروات ، تماما كسايكس بيكو الذي قسم العالم العربي بين دول العالم الاستعماري في القرن الماضي.

وهذا الادعاء قد يكون صحيحا لأن قانون الغرب المستعمر لم يتحنط في تابوت أو ثوب الاستعمار القديم بل يأخذ أشكالا وميلادا جديدا تتناسب وتطور وعي وأفهام الشعوب،  فالعالم والعلاقات بين دوله قائم على المصالح مذ وجدت هذه الدول لا غرو في ذلك.

ومن حق أي دولة في العالم أن تسعى لتحقيق مصالحها، وأن تتحالف مع دول أخرى لتقسيم ثروات بلاد ضعيفة أخرى كالبلاد العربية التي تعج بالهرج والمرج.

لكن ما لا نتفق مع هيكل عليه هو وصف الربيع العربي بأنه لن يزهر حرية وتحرر من الحكومات الجبرية.

ولسنا مع هيكل في ذهابه إلى أن الثورات لا تصنع، فالثورات يصنعها الأحرار الذين اكتووا بنار الحكام الظلمة عشرات السنوات، ويمكن لها أن تنجح بإخلاص النوايا وعزائم ثوارها.

فلم نسمع يوما في ما مضى من التاريخ أن الثورات صنعها أناس من خارج بلادها ثم سلموها جاهزة لأناس آخرين .

صحيح أن الاعتراف الأمريكي الغربي بالإخوان المسلمين لم يأت قبولاً بحق لهم ولا اعجاباً بل اعترافا حكيما من قوى باتت تدرك القوى الحقيقة على الأرض والتي لها مستقبل قيادة الحكم في هذه المنطقة الملتهبة.

من المعروف تاريخيا أن الغرب لا يألوا جهدا في تأجيج الفتنة بين المسلمين عملا بسياسة الاستعمار القديمة الجديدة وهي سياسة فرق تسد، وأي فتنة داخل صفوف المسلمين هي بلا شك مصلحة استعمارية.

ومما لاشك فيه أن رواد الإسلام الصاعد أكثر وعيا بهذه الحقيقة، وأكثر حرصا على عدم الانسياق وراء الفتن التي تطبخ لنا غربيا وصهيونيا، سواء الفتنة بين المسلمين والأقباط في مصر، أو الفتنة بين المسلمين والشيعة، أو الفتنة في بلدان ذات تنوع طائفي كسوريا ولبنان.

المشروع الغربي الاستعماري في ساحتنا وجوده قديم جدا، وهو مشروع استعماري هدفه إضعاف العالم الإسلامي واستمرار السيطرة على ثرواته.

بيد أن المشروعين الإيراني والتركي إن وجدا كما يزعم هيكل فهدفهما مغاير تماما للمشروع الغربي، فهما مشروعان إسلاميان أولا، وليس مشروعان استعماريان، وهدفهما إن وجدا هدف حضاري نهضوي لإعادة أمجاد الدولة الإسلامية الكبرى كدولة متقدمة رائدة في العلوم وقائدة أخلاقيا فاتحة للعالم لإنقاذه من هذا الظلم والجهل الذين يغرقون فيه إلى نور وعدالة الإسلام.

أما عن نصف المشروع الذي يتحدث عنه هيكل إسرائيليا فهو مشروع بات يحتضر بعد أن تهاوت أحلام الصهاينة في دولة كبرى من النيل إلى الفرات، وأغلقت على نفسها جدرانا من الكراهية والبغضاء والدماء أولا، ثم جدران العزلة السياسية ثم الجدران الإسمنتية من كل جانب، فالمشروع الصهيوني ينكمش حتى يكاد يختنق هذا الكيان السرطاني ويشرف على النهاية.

فالمشكلة العربية الإسلامية مع كيان العدو لم يعد الخوف العربي من تمدده بل بات الخوف الصهيوني من ساعة النهاية التي اقتربت مع زحف الربيع والثوار الجدد على صهواته..

وعليه إذا كان "سايكس بيكو الأولى كانت خطاً على خريطة، يصل من (الكاف) إلى (الكاف).. الكاف في عكا والكاف في كركوك ويفصل الشمال.. هذه المرة ليس هناك خطاً فاصلاً، وانما هناك مواقع متناثرة.." فالشرارة الأولى لسايكس بيكو الثوار الجدد انطلقت من تونس الخضراء، ثم اندلعت في ارض الكنانة، فأصابات العدوى ليبيا عمر المختار وما زال الحبل على الجرار  حيث من المتوقع أن يتمدد الربيع العربي ليشمل كامل النطاق الجغرافي للعالم العربي وربما يمتد للعالم الإسلامي.

فقادة الثورة في تونس كانوا من الإسلاميين وها هي الانتخابات التونسية تمنحهم أعلى الأصوات، وقادة الثورة في مصر من الإسلاميين وتتوقع لهم كافة الدوائر المراقبة أغلبية انتخابية ساحقة، وقادة الثوار في ليبيا الحرة هم من الإسلاميين وخطابهم ينضح بذلك..

وعليه فان الربيع العربي هو ربيع إسلامي بامتياز، لتصدق الشعار الخالد " الإسلام هو الحل" بعدما فشلت كل النظريات التي غرق بها العالم العربي وحكامه طويلا بعيدا عن الحل الإسلامي الشافي لكل مشاكل ومعضلات العالم.

صحيح أن الغرب يسعى ويريد أن يقسم فيما بينه موارد ومواقع النفط وفوائضه.. تماما كما نهبوا  نفط وفوائض العراق.

لكن ليس كل ما يخطط له ويريده الغرب يتحقق، فإرادة الربيع العربي وثواره فوق إرادة الغرب وأطماعه، وإرادة الله تعالى بانتهاء حقبة الحكومات الجبرية فوق إرادة كل البشر.