كلمة آية الله خامنئي في الذكرى الـ23 لرحيل الامام الخميني (ره)

كلمة آية الله خامنئي في الذكرى الـ23 لرحيل الامام الخميني (ره)
الأحد ٠٣ يونيو ٢٠١٢ - ١٠:٢٧ بتوقيت غرينتش

اعتبر قائد الثورة الاسلامية سماحة اية الله العظمى السيد علي خامنئي، الامام الخميني(رض) ابا للشعب ورمزا للمحبة والاقتدار والصلابة، منوها الى المساعي الواعية للامام الراحل المتمثلة في احياء روح العزة الوطنية وقال: لقد قدم الشعب الايراني الصانع للتاريخ ومن خلال اعتماده على هذه العناصر، انموذجا ناجحا من ايران الاسلامية والتقدم لشعوب العالم خارج سيطرة ونفوذ السلطويين، حيث أدخل الهلع والدهشة في قلوب متغطرسي العالم وحطم اركان قوى الاستكبار.

واشار آية الله خامنئي في خطاب القاه اليوم الاحد في مراسم الذكرى السنوية ال 23 لرحيل الامام الخميني (رض ) ، امام الحشود الغفيرة من زوار وعشاق الامام الراحل في مرقد مؤسس الجمهورية الاسلامية الايرانية، اشار الى سيرة الامام الراحل في توضيح طريق المستقبل وتصحيح المسيرة وقال : كما كان امير المؤمنين (ع) ابا للامة وشعبنا يسمي يوم مولده 13 رجب بيوم الاب فان امامنا الراحل ايضا كان ابا للشعب الايراني وكان مظهرا للمحبة وصلابة الشخصية كما كان ابا للحركة الإسلامية المعاصرة في العالم الإسلامي بأسره.
واكد سماحته، ان نهضة الإمام الخميني وهبت الشعب الإيراني عزة ومنعة، وانه كان على مدى حياته المباركة، مظهرا للعزة المعنوية لدى الشعب الإيراني.
واعتبر قائد الثورة الاسلامية ان موضوع الخطوة الكبرى للامام (رض) في نفخ روح العزة الوطنية في هيكلية البلاد هو موضوع قائم على حقائق المجتمع وقال في معرض تبيينه  المنطق القرآني حول العزة، ان منطق القرآن يرى ان العزة الحقيقة والشاملة تتعلق بالله سبحانه وتعالى ومن يتم تصنيفه في الجبهة الالهية.
وفي معرض شرحه لمعنى العزة اوضح سماحته ان العزة بمعنى البناء القوي لشخصية الفرد والمجتمع واذا ما نال شخص اومجتمع العزة الحقيقة، فانها تجهض محاولات العدو الرامية للنفوذ في هذا المجتمع والمس به كما تمكنه من التسلح بالقوة لمواجهة العقبات والتصدي للعدو والتغلب على التحديات.
واعتبر قائد الثورة الاسلامية، الامام الخميني (رض) بانه مثال بارز لمثل هذه العزة واضاف، ان الامام الراحل سواء في مجال العلم والتدريس او مرحلة النضال الصعبة او الادارة والحكم، كان مصداقا للاتكال على الله العزيز الرحيم وبناء على ذلك فان جميع الامور الكبرى التي كان الجميع يعتبرونها مستحيلا اصبحت ممكنة وسهلة مع اطلالة الامام (رض) وكل السدود التي كان يقال انها لا تنكسر، انكسرت بحضور الامام.
واضاف قائد الثورة، ان الامام وفضلا عن انه كان هو نفسه مظهر العزة وعزة النفس والاقتدار المعنوي فقد احيا روح العزة لدى الشعب ايضا، موضحا: ان الشعب وبشعوره بالعزة التي تلقاها من دروس الامام والثورة تمكن من كشف وتفتق طاقاته حيث راى نفسه بام عينيه الكثير من تحقق الوعود الالهية خلال العقود الاخيرة كغلبة المستضعفين على المستكبرين.
واعتبر سماحته ان الشعب الايراني شهد الكثير من المنعطفات على مر تاريخه الطويل وان البلاد شهدت مرحلة تراجع وانحطاط خلال الاعوام ال200 الاخيرة الى ما قبل انتصار الثورة الاسلامية، على كل المستويات السياسية والاقتصادية وضعف او عدم الفاعلية في التاثير في الاحداث على الصعيدين الاقليمي والعالمي وتدخلات الاستعمار والاجانب في شؤون البلاد الداخلية.
واضاف: في تلك الحقبة كانت إيران تعاني من الهوان والذل من قبل أنظمة الحكم السابقة بمعاهداتها واتفاقياتها المهينة مع الدول الإستعمارية وان الاستعمار الذي شهدته ايران واقتطاع الأراضي في البلاد جاء نتيجة ضعف الحكومات وان كانت هناك استثنائات مثل وجود "امير كبير" وفتوى لاية الله شيرازي في تحريم الاستفادة من التبغ وتدخل علماء الدين في موضوع النهضة الدستورية اونهضة تأميم صناعة النفط ولكن هذه الاستثنائات اما كانت  قصيرة الامد او واجهه الفشل وبالتالي فرضت الذلة والانكماش والضعف على هذا الشعب الكبير الصانع للتاريخ.
ووصف اية الله خامنئي انتصار الثورة الاسلامية بانه نهاية مسار الذلة وبداية مسار العزة للشعب الايراني مؤكدا ان الثورة قلبت الصفحة وغيرت المسار، فقط تركز عزم الامام الذي كان قائد الثورة ورائدها وزعيمها على احياء العزة الوطنية في هذا الشعب واعادة العزة لهم ورسخ ثقافة "اننا قادرون" في قلوب الشعب.
واكد سماحته ان الايمان نفسه يجلب العزة والسمو استنادا الى الايات القرانية .
واضاف: ان الامام تقدم وتولي القيادة وانبعثت الحوافز والعزائم في نفوس الشعب وتبلورت الطاقات ووفر جهد الشعب وحضوره في الساحة الارضية لاستقطاب الرحمة الالهية.
واشار قائد الثورة الاسلامية الى عدة نماذج من تقدم الشعب الايراني وانجازاته التي حققها في مختلف المجالات والحقول وقال، ان احد نماذج تقدم الشعب الايراني هو التغلب على جميع التحديات السياسية والعسكرية والامنية والاقتصادية على مدي الاعوام الـ 33 الماضية والتي كانت تستهدف وجود النظام والقضاء عليه.
واضاف اية الله خامنئي  ان العالم كان في يوم ما بيد الشرق والغرب وقد تغلب الشعب الايراني عليهما، واليوم فان العالم يبدو على الظاهر بيد الغرب الضال وقد تمكن الشعب الايراني من التغلب عليه ايضا.
واوضح سماحته: بان الانموذج الاخر لتقدم الشعب الايراني هو انه اليوم اقوى بمراحل مما كان عليه في بداية الثورة من ناحية القوة السياسية والقدرة على التاثير في تطورات العالم والحضور في احداث وقضايا المنطقة بل في سائر مناطق العالم ايضا.
واشار قائد الثورة الاسلامية الى شواهد على قوة الجمهورية الاسلامية الايرانية باعتراف الاعداء انفسهم ومنهم احد قادة الكيان الصهيوني الذي قال "بان هنالك اليوم قوة مقتدرة تتقدم الى الامام على العكس من مسار اهدافنا وان ايران تتولي قيادة هذه القوة، وان الخميني اليوم مخيم وراء حدودنا".
واشار قائد الثورة في هذا الصدد ايضا الى تصريحات سياسي اميركي مخضرم قارن اوضاع اميركا في العام 2001 وبما هي عليه في الوقت الراهن والذي قال "اي معتوه غير اوضاع اميركا القوة الكبري في مطلع الالفية الى ظروف اليوم المثيرة للشفقة" ومن ثم قال (السياسي الاميركي) "ان ايران وراء التطورات الحاصلة التي ادت الى ظهور مثل هذه الاوضاع".
واكد اية الله خامنئي قائلا، ان مثل هذه التصريحات تعني ان الشعب الايراني تمكن بحضوره وثباته وعزته وصلابته من ان يترك تاثيرات كبيرة على الاحداث المهمة في العالم والمنطقة، وهذا في الحقيقة مؤشر من مؤشرات التقدم الملموسة القائمة امام اعيننا.
واوضح بان المؤشر الاخر هو حجم الخدمات الانمائية والاعمارية في هذه البلاد الواسعة حيث يمكن مشاهدة انشطة البناء والاعمار في كل انحاء البلاد والتي تزداد عاما بعد عام.
وقال بان من جملة مؤشرات التقدم؛ تنفيذ المشاريع وصنع الاجهزة الصناعية الاكثر تعقيدا والمنشآت الهندسية ومصانع الصلب ومحطات الطاقة والكثير من الاعمال الكبرى على ايدي الخبراء وشباب الثورة بصورة كاملة.
واضاف قائد الثورة الاسلامية ، اننا لسنا بحاجة اليوم في الكثير من الاعمال المهمة في البلاد للخبراء الاجانب، وان الاعمال الكبرى والمنشآت الهندسية العملاقة والاعمال المعقدة يتولاها هؤلاء الشباب الذين ترعرعوا وازدهروا في اجواء الثورة.
واشار قائد الثورة الى التقدم العلمي المتسارع في البلاد واوضح بان هذا الامر تعترف به   المراكز العلمية في العالم والتي تقول بان النمو العلمي في البلاد يبلغ 11 ضعف المعدل العالمي وازداد في العام 2011 بنسبة 20 بالمائة عن العام السابق له.
واعتبر المرتبة العلمية للبلاد في بعض المجالات مثل النووي والنانو والخلايا الجذعية والجوفضاء والتكنولوجيا البيئية بانها باهرة واضاف: ان الانشطة التي تنجز في هذه المجالات انشطة باهرة قل نظيرها في العالم، فالبعض منها يتم فقط في 5 او 10 دول في العالم، وكل ذلك ياتي في ظل عدم تلقينا المساعدة العلمية وغلق المراكز العلمية المتطورة في العالم ابوابها امام طلبتنا الجامعيين، معتبرا في الوقت ذاته الحظر المفروض على البلاد بانه بعث الكثير من الحوافز لانجاز هذه الاعمال الباهرة.
واعتبر اية الله خامنئي احد مظاهر ونماذج ومؤشرات التقدم، بانه يتمثل في السيادة الشعبية الاسلامية التي تعد امرا مهما للغاية، واشار الى مختلف العمليات الانتخابية التي جرت في البلاد لحد الان، ومن ضمنها الانتخابات التشريعية التي جرت كلها من دون تاخير حتى ليوم واحد وتشكيل مجلس الشورى الاسلامي لدوراته المختلفة في مواعيدها المحددة، مؤكدا بان الانتخابات جرت في مواعيدها من دون تاثير لاي حدث سياسي او امني او اقتصادي او تهديدات صادرة من الاعداء.
وتابع قائد الثورة، ان اوساطا سياسية واعلامية عالمية تتحدث عن الخطر النووي الايراني الا انني اقول انها كاذبة في ادعاءاتها وتمرس الخداع، وان ما يخشونه وينبغي ان يخشونه بالفعل ليست ايران النووية بل ايران الاسلامية.
واضاف، ان ايران الاسلامية هزت اركان قوى الاستكبار وقد اثبت الشعب الايراني انه ومن دون الاعتماد على اميركا وقوى الغطرسة الاخرى بل انه في ظل عدائها يمكن لشعب ما الوصول الى التقدم الحقيقي، فتلك القوى تخاف من هذا الدرس وتريد اقناع الشعوب والنخب السياسية انه لا يمكن تحقيق التقدم من دون الدعم من جانب اميركا وخارج اطار نفوذها.
واكد قائد الثورة الاسلامية على ضرورة استمرار التحرك باتجاه تحقيق التقدم والتطور بدون اي تباطؤ، وقال "لقد حطمنا الارقام القياسية وحققنا التطور ولكن اذا اصبحنا قانعين بما حققناه حتى الان فسوف نفشل".
وصرح بان العقوبات لا يمكن ان تثني حركة الشعب الايراني الماضية قدما الى الامام، مؤكدا ضرورة عدم التوقف في المسار لان ذلك سيؤدي للتراجع الى الوراء.
وشدد اية الله خامنئي انه ينبغي للمسؤولين ضرورة الابتعاد عن الانانية والغرور والاعجاب بالنفس لانها امور ستؤدي الى الفشل.
واكد انه لا ينبغي التوقف في مسيرة تطور البلاد، وقال ان الغفلة والغرور والترف والبذخ والالتهاء بزخارف الدنيا، امور محظورة على المسؤولين وبالامتناع عنها يمكننا اعتلاء القمم.
واشار قائد الثورة الاسلامية الى الحركات والثورات في المنطقة واعتبر انها مرتبطة بالعزة الوطنية واضاف، ان هذه الثورات، من اليمن والبحرين الي مصر وليبيا وتونس والى دول لازالت الثورات فيها تحت الرماد وستشتعل يوما، الدوافع فيها كلها هي العودة الى العزة الوطنية والعدالة الاجتماعية والحرية وهي كلها قائمة في ظلال الاسلام، فعندما نقول صحوة اسلامية فكلامنا يرتكز على اسس وجذور واقعية.
واضاف: ان الشعوب الاسلامية تريد العدالة والسيادة الشعبية واحترام هوية الانسان وهي ترى ان ذلك يتحقق في ظل الاسلام وليس في ظل مدارس اخرى خاضت الاختبار وفشلت فيه، ومن دون المبادئ الفكرية لا يمكن الوصول الى هذه الاهداف، فتلك المبادئ الفكرية المبنية على اساس ايمان ومعتقدات شعوب المنطقة هي عبارة عن الاسلام والصحوة الاسلامية، وهذه هي هوية هذه الحركات.
وقال قائد الثورة الاسلامية  ان الغربيين والحكومات التابعة للغرب في المنطقة يريدون تزييف الحقائق، اذ يسعون للايحاء للراي العام بما يتعارض مع الحقيقة ولكن محاولتهم هذه لا طائل من ورائها، داعيا الشعوب والشخصيات المؤثرة للحذر بان لا يتم الالتفاف عليها لانها انجزت عملا عظيما وان الاجواء السياسية والاجتماعية في المنطقة قد تغيرت بصورة اساسية.
واضاف قائد الثورة، ان الانموذج على تغير الاجواء السياسية في المنطقة انه في مصر مثلا عندما وصلت رسالة الشعب الى نقطة الغليان والذروة، حاول الكثير من الغربيين والحكومات المستبدة في المنطقة تقديم الدعم لمبارك وانقاذه وقمع الشعب، ولكن الان حيث انتصر الشعب تتشدق تلك القوى والنظم الاكثر دكتاتورية واستبدادا وذلة فيها بحقوق الشعب وسيادة الشعب، ومعني ذلك ان السيادة الشعبية تحولت اليوم الى عملة رائجة في المنطقة بحيث انه حتى اولئك الذين لم يكونوا مستعدين يوما لوصول صوت الشعب وحقوق الشعب الى اسماع احد هم اليوم مجبرون ومضطرون للتشدق بسيادة الشعب وحقوق الشعب من اجل استقطاب الراي العام.
وقال آية الله خامنئي : اننا متفائلون بمستقبل المنطقة وعلى الشعب المصري أن يسعى إلى حل مشاكله ونأمل أن يحل كافة مشاكله ليعود الى دوره.
وفي ما يتعلق بثورة الشعب البحريني قال قائد الثورة الاسلامية، ان النظام المستبد في البحرين يقمع احتجاجات الشعب المطالبة بابسط متطلبات المواطنة وحقوقها مؤكدا ان قضية الشعب البحريني ليست قضية طائفة لكنهم يؤطرونها بهذا الاطار من اجل افشالها.
وفي ما يتعلق بكيان الاحتلال الصهيوني، اكد قائد الثورة الاسلامية في خطابه ان الغرب واميركا الداعمين للكيان الصهيوني يعانون اليوم من أزماتهم الحادة ونفرة الشعوب منهم، وقال ان الغرب يريد مصادرة ثورات المنطقة عبر إثارة الخلافات والفتن بين شعوبها مؤكدا ان على جميع المسلمين ان يكونوا واعين لمؤامرات العدو ومخططاته.
واوضح قائد الثورة: ان الاستعمار البريطاني كان يهدف إلى اثارة الفتن بين الشيعة والسنة واليوم يستفيد الأميركيون من تلك التجربة.
وراى سماحته"بعون الله تعالى فان كافة المساعي والجهود في المنطقة ستعطي ثمارها ولكن يجب في الوقت ذاته توخي الحيطة والحذر من نشوء النزاعات القومية والطائفية والمذهبية.
وختاما اكد قائد الثورة ان مما لا شك فيه فان المستقبل سيكون افضل من الماضي للشعوب المسلمة والشعب الايراني .