المواجهة العسكرية الجديدة بين الشرق والغرب

المواجهة العسكرية الجديدة بين الشرق والغرب
الإثنين ١٩ أغسطس ٢٠١٣ - ٠٤:٤٤ بتوقيت غرينتش

منذ عودة بوتين إلى الرئاسة, عززت روسيا "لهجتها المناوئة لأمريكا" عبر استخدام "أنماط الحرب الباردة", هذا ما قاله الرئيس أوباما بعد أن ألغى اللقاءَ المقرر عقده في أيلول/سبتمبر. القشة التي قصمت ظهر البعير كانت اللجوء الذي منحته روسيا لإدوارد سنودن, المتهم بالكشف عن دلائلَ تثبت تجسسَ وكالات الاستخبارات الأمريكية على الجميع وعلى كل شيء. ولكن هناك شيء آخر.

موسكو تعارض "الدرع الصاروخي" الذي سيسمح للولايات المتحدة بالقيام بضربة نووية أولى من شأنها أن تحيدَ الضربة الانتقامية. كما تعارض روسيا توسعَ الناتو باتجاه الشرق وخطة الولايات المتحدة/الناتو لتدمير سوريا وإيران كجزء من استراتيجية تستهدف منطقة آسيا- الباسيفيك. إذ ترى موسكو كل ذلك بمثابة محاولة لتحقيق تفوق استراتيجي على روسيا (والصين أيضاً).


هل هذه مجرد "أنماط قديمة للحرب الباردة"؟ لا تراهنوا على ذلك, إذا أخذنا بعين الاعتبار البرنامج الذي أعلنه الناتو في 8 آب/أغسطس, الذي يعد بإجراء "التدريبات العسكرية الأكثر طموحاً" وخاصة بالقرب من روسيا. فبين 25 آب/أغسطس و 5 أيلول/سبتمبر, سوف تشارك مقاتلات الناتو القاذفة (بما في ذلك المقاتلات الإيطالية), التي تتمتع بقدرات تقليدية ونووية معاً, في النرويج في تدريبات "السهم الرائع". وسيتم ذلك تحت إمرة قيادة التحالف الجوي, الذي تم للتو تعيين الجنرال فرانك غورينغ – قائد القوات الجوية الأمريكية في أوروبا – رئيساً له.

وسيتبع ذلك في تشرين الثاني/نوفمبر تدريب للقوات الجوية "ستيدفاست جاز", حيث سيتم نشر قاذفات الناتو المقاتلة في بولندة وليتوانيا ولاتفيا, على الحدود الروسية. كما سنشارك سفن الناتو الحربية, في أيلول/سبتمبر/تشرين أول/أكتوبر, في تدريبات "بريليانت مارينر" الضخمة في بحر الشمال وبحر البلطيق. كما سيتم نشر سفن الناتو الحربية الأخرى في البحر الأسود. وهناك في تموز/يونيو جرت مناورات "سي بريز 2013" حيث شاركت القوات البحرية التابعة لعشرة دول (بما في ذلك إيطاليا) تحت إمرة قائد القوات البحرية الأمريكية في أوروبا, التي تقود بدورها "قوة التحالف المشتركة" في نابلس.


ولذلك يقوم حلفاء الولايات المتحدة والناتو بزيادة الضغط العسكري على روسيا والذي لا يقتصر الرد عليه, بالطبع, من خلال ما أسماه أوباما "اللهجة المناوئة لأمريكا". فبعد أن قررت الولايات المتحدة نصبَ "الدرع" الصاروخي على جزيرة "غوام" في غرب الباسيفيك, أعلنت قيادة القوى الاستراتيجية الروسية أنها تقوم ببناء صاروخ جديد يزن 100 طناً "قادر على اختراق أي نظام دفاع صاروخي".

وفي وقت لاحق من هذا العام سوف تقوم روسيا بست عشرة تجربة إطلاق لصواريخَ بالستية عابرة للقارات من أنواع مختلفة. كما تتواجد في المياه أولى الغواصات النووية من فئة "بوري" الجديدة, التي يبلغ طولها 170 متراً, والقادرة على الوصول إلى عمق 450 متراً, التي تحمل 16 صاروخ "بولافا" يصل مداها الدائري إلى 9,000 كم وكل منها محمل بعشرة رؤوس حربية مستقلة قادرة على المناورة لتجنب الصواريخ المعترضة. والغواصة الجديدة واحدة من ثماني غواصات ستستلمها البحرية الروسية مع حلول عام 2020 (لاستبدال الغواصات السابقة), بالإضافة إلى 16 غواصة متعددة الوظائف و 54 وحدة سطحية.


فيما يتعلق بالمعلومات المذكورة أعلاه, لم يذكر الإعلام الأوروبي, البارع في التضليل الإعلامي, أي شيء, بما في ذلك الإعلام الإيطالي. ولذلك يتصور معظم الناس أن الحرب لا تهدد سوى المناطق "المضطربة" مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, دون أن يدركوا أن أوروبا "الآمنة" هي مرة أخرى, مع تحرك الاستراتيجية الأمريكية, الخط الأول للمواجهة العسكرية التي لا تقل خطورة عن المواجهة التي حصلت أثناء الحرب الباردة.

*غلوبل ريسيرتش- مانليو دينوتشي- ترجمة: د. مالك سلمان