ما أهداف المكرمة السعودية للبنان؟

ما أهداف المكرمة السعودية للبنان؟
الخميس ٠٢ يناير ٢٠١٤ - ٠٦:٢١ بتوقيت غرينتش

كتب أحد الصحفيين اللبنانيين مقالا في صحيفة النهار يعاتب فيه على من انتقدوا المكرمة السعودية للجيش اللبناني ويؤكد ان المكرمة السعودية يجب الترحيب بها، بدلا من انتقاد وضعها تحت تصرف الرئيس الفرنسي لتجهيز الجيش اللبناني بالسلاح الذي يحتاجه.

اعتقد ان من انتقدوا المكرمة السعودية  لم ينتقدوا  المكرمة بحد ذاتها ، لانها مساعدة من جانب بلد عربي الى بلد عربي آخر، ولكنهم انتقدوا تسليم المكرمة الى فرنسا لكي تجهز الجيش اللبناني بالسلاح الذي ترغب هي في تسليمها للجيش اللبناني لا كما يريده الجيش اللبناني.
وكما نعلم ان الرئيس الفرنسي زار اخيرا اسرائيل وهو سوف لن يسلم الجيش اللبناني السلاح الذي تعارضه اسرائيل بل يسلم هذا الجيش السلاح الذي تقبله اسرائيل للبنان.
فالمكرمة السعودية تضرب ثلاثة اهداف بحجر واحد. اولا تفرح اللبنانيين لان الاسلحة الفرنسية سوف تقوي الجيش اللبناني وثانيا: ثلاثة مليارات دولار لن تسلم للحكومة اللبنانية والجيش اللبناني بل تسلم الى الرئيس الفرنسي ليزيد من رصيده في فرنسا ويذهب هذا المال الى مصانع الاسلحة الفرنسية وثالثا ترضي اسرائيل التي تحاول منذ فترة اقامة علاقات مع الدول الخليجية وخاصة السعودية وما الاتصالات الاخیرة بين المسؤولين الاسرائيليين و السعوديين الا مؤشر على بدء مرحلة جديدة من التعاون بين الجانبين.
اذن، المكرمة السعودية تحقق ثلاثة أهداف في آن معا اولا ترضي فريقا من اللبنانيين على اعتبار ان المكرمة السعودية تحقق لهم نقلة نوعية ضد فريق آخر، وثانيا تحقق للرئيس الفرنسي مكاسب جديدة لرفع رصيده السياسي والانتخابي وذلك بسبب مواقف بلاده المعرقلة في المحادثات النووية الاخیرة في جنيف، وثالثا ترضي الاسرائيليين لانهم يفرضون ارادتهم على الجانب الفرنسي في نوع السلاح الذي ستقدمه فرنسا الى الجانب اللبناني شرط  ان لا يضر بالتفوق التسليحي الاسرائيلي في المنطقة.
وتعلق صحفية في مقال لها في صحيفة الحياة السعودية على المكرمة السعودية بقولها: "التقدمة السعودية السخية بقيمة ثلاثة بلايين دولار للجيش اللبناني عبر الدولة الفرنسية التي تم إبلاغها من القيادة السعودية الى الجانبين الفرنسي والرئيس سليمان ينبغي أن تُقرأ كحرص المملكة وفرنسا على دعم مؤسسة الجيش اللبناني التي هي رمز وحدة لبنان. فهي ليست ضد أي طرف في لبنان لأن فرنسا والسعودية حريصتان على تجمع اللبنانيين وعلى وحدتهم وعلى مستقبل أفضل للبلد مع مؤسسات دولة حقيقية. "
ولكن فريقا من اللبنانيين المدعومين من السعودية، بعد اطلاعه على المكرمة السعودية، بتدعيم الجيش اللبناني، طرح شعارات يشم منها رائحة المؤامرة على سلاح المقاومة، ففريق 14 اذار بعد اغتيال الوزير شطح في بيروت اعلن عن قراره بنزع سلاح المقاومة بكل السبل المتاحة وهذا يعني ان هذا الفريق يظن ان تزويد الجيش بالسلاح الفرنسي وباموال سعودية يهدف بالدرجة الاولى الى مساعدة فريق 14 اذار للقيام بتحرك مريب لنزع سلاح المقاومة على امل ان يقف الجيش اللبناني الى جانب هذا الفريق والعمل معا على نزع سلاح المقاومة.
ومع ان المقاومة في لبنان لم ترد على تهديدات فريق 14 اذار واتهامه حزب الله باغتيال شطح الا ان الاجواء المتوترة في لبنان تفيد ان هناك مؤامرة تدبر ضد المقاومة بالمال السعودي وبادوات مرتبطة بالسعودية لا تريد الامن والسلام في لبنان بل تعمل على توتير الاجواء وضرب المقاومة بأتفه الاسباب.
هذه المؤامرة التي تدبر منذ فترة طويلة، لم تتمكن  من جر حزب الله الى معارك جانبية، لان حزب الله لن يتورط في معارك مع اطراف تريد الدخول في معركة نيابة عن السعودية التي هزمت في جميع الميادين، وتريد هذه المرة ان تجرب الساحة اللبنانية بعد ان فشلت رهاناتها في سورية وسقط انصارها وجماعاتها المتشددة ومنها داعش والنصرة والقاعدة الواحدة تلو الاخرى وفشلت مساعيها في منع الحوار بين الولايات المتحدة وايران وكذلك منع التوقيع على اتفاقية جنيف بين ايران ومجموعة 5+1.
فالمكرمة السعودية إن كانت صحيحة وشفافة ولم تهدف الى تحقيق اهداف تخدم النظام السعودي، لكانت تقدم لرئيس الجمهورية او الحكومة اللبنانية لتصرف على الجيش اللبناني من اجل شراء الاسلحة والمعدات التي يرغب بها الجيش من أي طرف، لا ان تقدم ثلاثة مليارات دولار الى فرنسا وهي التي تقرر نوع الاسلحة والمعدات التي يجب وضعها تحت تصرف الجيش اللبناني.
فالسعودية ودول الخليج الفارسي الاخرى وضعت 12 مليار دولار نقدا تحت تصرف الحكومة المصرية لدعمها جزاء لها بسبب الاطاحة بحكومة الاخوان المسلمين في مصر ولم تقدم هذا المبلغ الى دولة ثالثة لتضعها تحت تصرف المصريين بشروط تفرضها عليهم.
فلو كان السعوديون يريدون دعم الجيش اللبناني لوضعوا المكرمة تحت تصرف الرئيس اللبناني والحكومة اللبنانية مباشرة من اجل دعم الجيش والحكومة لا ان يقدموها للرئيس الفرنسي ليعزز سلطاته ويدفعها لاصحاب مصانع الاسلحة ويقدم الاسلحة التي ترضي اسرائيل الى الجيش اللبناني.
فالمراقب يجد في انتقاد المعارضين للمكرمة السعودية، انتقادا بناءا، وفي محله، وتثير هذه المكرمة بهذه الطريقة تساؤلات عديدة، فعلى السعوديين ان يردوا على منتقديهم والا فان الشبهات سوف تحوم حول ما يهدف السعوديون من وراء تقديم مكرمتهم هذه وبالطريقة التي قدموها. 

* شاكر كسرائي