ميزانية القصر بالمغرب.. محرمات سياسية أم عادات برلمانية؟

ميزانية القصر بالمغرب.. محرمات سياسية أم عادات برلمانية؟
الثلاثاء ٠٧ يناير ٢٠١٤ - ١٠:٣٨ بتوقيت غرينتش

تعتبر ميزانية القصر الملكي بالمغرب من المقدسات التي لا تحظى بالنقاش والأخذ والرد، فهي تخضع لعرض موجز أمام البرلمانيين، مع عدم وجود أي ممثل للقصر ليناقشوه حولها.

وميزانية البلاط بالمغرب أيضا تتسم بكونها مبهمة، فالتفاصيل القليلة المقدمة إلى هؤلاء النواب تخلق الكثير من الحيرة من حيث القوائم المدنية، والمنح الملكية، وميزانية البلاط الملكي.

وبالإضافة إلى هذين المعطيين، فإن ميزانية القصر تتميز بكون المواطن المغربي يدفع إلى الملكية 11 مرة، أكثر مما يدفعه مواطن إنجليزي ـ والذي يعد 13 مرة أغنى من المغربي ـ إلى الملكية في بريطانيا.

وقبل ما يزيد عن السنة، اجتمع عشرات من نشطاء حركة 20 فبراير والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أمام ساحة البرلمان، مطالبين بخفض ميزانية القصر: "الدولة في أزمة، ميزانية الدولة تنذر بالخطر، المغاربة شدوا الحزام لغلاء الأسعار وضعف الرواتب، والميزانية المخصصة للملكية في ارتفاع.. إنه أمر غير طبيعي"، هكذا ردد المتظاهرون خلال وقفاتهم الاحتجاجية.

وسار منحى الاحتجاج بشكل خاطئ، حين تدخل الأمن بسرعة لتفريق المسيرة، ومع ذلك، ترددت شعارات المحتجين في وسائل الإعلام الوطنية والدولية. واشتعلت الشبكات الاجتماعية بالموضوع وتصاعد النقاش بالبرلمان.

بعد يومين، أثار أحد أعضاء برلمان مدينة وجدة، عبد العزيز أفتاتي، الجدل حول القضية، مطالبا بوجود ممثل عن القصر لمناقشتها، بدل أحد الوزراء الذي ليس له دخل في الأمر.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي شهد المغرب نقاشا مماثلا، حيث وصلت ميزانية البلاط مرة أخرى بين يدي البرلمانيين في انتظار التصويت. هذه المرة، لم تكن أي مسيرات في الشارع، الشعب انتظر ردة فعل نوابه في المسألة، لكنهم اختاروا مرة أخرى الصمت، وعدم مناقشة ميزانية البلاط، في غياب ممثل للقصر، على الرغم من أن القضية تتعلق بميزانية قيمتها 2.5 مليار درهم سنويا.

وتولى محمد الوفا، الذي حل محل وزير الشؤون العامة، نجيب بوليف، هذه المهمة الصعبة، وكان للمرة الثانية على التوالي البرلماني، عبد العزيز أفتاتي، الوحيد الذي طالب بحضور أمناء صناديق القصر.

يقول الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي: "كنت دائما أفاجأ حين يتم ذكر هذا الموضوع داخل قبة البرلمان، فنحن لا زلنا في عصور ما قبل التاريخ من حيث الشفافية المالية العامة. في البرلمان، تعتبر ميزانية القصر من المحرمات التي لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها."

ويرى رئيس الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية رشيد ركبان أن عدم مناقشة الميزانية يعتبر من عادات البرلمان ليس إلا، وهو تقليد، يدخل في إطاره ميزانية وزارة الدفاع، ويتم التصويت عليها بالإجماع المطلق.

وتعد ميزانية القصر الملكي جزء من الميزانية العامة للدولة، وبالتالي فإنها تدعم جزئيا من أموال دافعي الضرائب. ومناقشتها في جميع البلدان المتقدمة هي مناقشة محترمة بعيدة كل البعد عن ذاتية الحاكم، فإنما تخضع للتصويت مثل باقي ميزانيات المؤسسات الأخرى في الدولة.

وفي المغرب، ميزانية الملك المقدرة بـ 2.5 مليار درهم، تسجل منها %20 في حساب الملك، بينما حصة الأسد منها تسجل تحت بند خاص بما يسمى "القصر الملكي"، وهو يغطي المؤسسات العامة وإدارات القصر والموظفين بالدواوين ومنظمات أخرى.

يقول أفتاتي: "لدي احترام كبير للملك لأجرأ على مناقشة راتبه، ولكن الديوان الملكي هو بالنسبة لي إدارة مثل باقي الإدارات، يجب أن تكون خاضعة للمراقبة طالما يتم تمويلها من أموال دافعي الضرائب."

ويؤكد أفتاتي: "وبالنسبة للوثائق المقدمة للبرلمان، فهي بالكاد أربعة جداول و27 بندا من بنود الميزانية، حتى لو أراد أعضاء البرلمان مناقشتها لن يتمكنوا لنقص التفاصيل، وقلة البيانات التي تفسر صرف الميزانية أو استخدام الثروة. مسافة كبيرة بيننا وبين الشفافية".

عن موقع (هسبريس) المغربي