التفويض الشعبي أمضى خيار على الطاولة إلايرانية

التفويض الشعبي أمضى خيار على الطاولة إلايرانية
الأربعاء ١٢ فبراير ٢٠١٤ - ٠٥:٥٩ بتوقيت غرينتش

لا يمكن وصف ما حصل في يوم الثلاثاء الحادي عشر من شهر شباط / فبراير ، ذكرى انتصار الثورة الاسلامية في ايران ، في مختلف المدن الايرانية ، الا بالملحمة الاجتماعية والسياسية ، بكل لهذه الكلمة من معنى.

المشاركة المليونية للشعب الايراني في مسيرات يوم الثاني والعشرين من بهمن، كانت مفاجئة للمسؤولين الايرانيين قبل ان تكون مفاجئة ، لاصدقاء واعداء ايران ، فهي تجاوزت كل التوقعات وحتى المتفائلة  منها.

فلم يكن متوقعا بالكامل ان تتجاوز حجم المشاركة الجماهيرية في هذه المسيرات ، وبعد مرور خمسة وثلاثين عاما على انتصار الثورة الاسلامية ، حجم المشاركات في سنين العنفوان الثوري التي عاشتها ايران في ثمانييات وتسعينيات القرن الماضي.

الكثير من المراقبين للمشهد الايراني يعتقدون ان الملحمة السياسية التي صنعها الشعب الايراني في الذكرى الخامسة والثلاثين لانتصار الثورة الاسلامية ، كانت حركة في غاية الذكاء قام بها الشعب الايراني ، لتحقيق عدد من الاهداف وفي مقدمة هذه الاهداف ، تعزيز موقف الحكومة الايرانية ، في مفاوضاتها النووية مع القوى الكبرى ، التي طالما زعمت بوجود هوة بين النظام الاسلامي وبين الشعب في ايران.

فجاءت هذه المشاركة الملحمية للشعب الايراني في ذكرى انتصار الثورة ، لتؤكد ان الثورة صنعها الشعب، وان النظام منبثق عن الشعب ، وان الحكومة وليدة ارادة شعبية و دورها ينحصر في تحقيق اهداف الشعب ومطالبه ، وفي مقدمة هذه الاهداف والمطالب ، الحفاظ على استقلال وسيادة ايران ، والحفاظ على المكتسبات والمنجزات العلمية التي حققها العلماء الايرانيون وفي مقدمة هذه المنجزات البرنامج النووي الايراني السلمي.

رسائل عديدة كتبت بشكل واضح لا يقبل التأويل ، وجهها الشعب الايراني الى القوى الكبرى ، عبر مشاركته الملحمية في ذكرى انتصار الثورة ،  مفادها ان على القوى الكبرى ان تعلم انها تتفاوض مع ممثلي الشعب الايراني، وهؤلاء الممثلون ينطقون بلسان الشعب ، ويملكون تفويضا كاملا منه، للوصول الى حل مشرف للملف النووي الايراني ، يكون الجميع فيه رابح، بعيدا عن المراوغة ومحاولة الزعم بوجود اكثر من ارادة سياسية داخل ايران.

كما كشف الشعب الايراني ومن خلال ملحمة ذكرى انتصار الثورة ، ان القوى الكبرى ومن خلال فرض حظرها الظالم على ايران ، تستهدف الشعب بشكل مباشر انتقاما منه لوقوفه بوجه اطماعها غير المشروعة في ايران ، وانها تكذب ، اي هذه القوى ، عندما تقول ان الحظر يستهدف النظام ، فالنظام بكل اركانه ، تجسيد عملي لارادة الشعب الايراني ، كما بان واتضح لكل ذي عين ، عبر ملحمتين صنعهما الشعب الايراني خلال ستة اشهر فقط ، الاولى ملحمة الانتخابات الرئاسية التي شارك فيها 80 بالمائة من الشعب الايراني ، والملحمة الثانية ملحمة ذكرى انتصار الثورة.

ترى كيف يمكن بعد هاتين الملحمتين ان يكون بمقدور الغرب ، الذي يدعى الديمقراطية واحترامه لخيارات الشعوب ، ان يبرر عداءه للنظام الايراني، ويزعم بوجود هوة بين الشعب والنظام ، وانه يستهدف النظام وليس الشعب في ايران ؟ . الحقيقة انها مهمة في غاية الصعوبة ، لسبب بسيط وهو كيف يمكن فصل نظام خارج من بطن الشعب بمقاييس واطر يدعي الغرب انها وحدها هي التي تمنح الشرعية للانظمة ، وفي مقدمة هذه المقاييس والاطر ، الانتخابات وحرية التعبير.

الشعب الايراني ومن خلال حركته الذكية في ذكرى انتصار الثورة الاسلامية ، وضع سلاحا استراتيجيا على الطاولة الايرانية ، وهو سلاح التفويض الشعبي الكامل للحكومة والوفد النووي الايراني المفاوض ، في وقت كانت الحكومة فيه احوج ما تكون لوجود مثل هذا الخيار على طاولتها ، وهي تتفاوض مع اناس يتبجحون ليل نهار بوجود خيار القوة العسكرية على طاولتهم ، فكان لابد من وجود قوة يمكن ان تواجه هذا الخيار المتغطرس للمستكبرين ، ولا قوة يمكن ان تضاهي قوة الشعوب عندما تمنح ارادتها لمن يمثلها ، ومثل هذه القوة الهائلة والجبارة هي التي منحها الشعب الايراني للحكومة الايرانية في ذكرى انتصار الثورة ، وجعله خيارا فاجأ به العالم في عيد ثورته المجيدة.

*ماجد حاتمي