مجزرة معان: مشهد من الاجرام الذي ارتكبه المسلحون بسوريا

مجزرة معان: مشهد من الاجرام الذي ارتكبه المسلحون بسوريا
الأحد ١٦ فبراير ٢٠١٤ - ٠٣:٤٨ بتوقيت غرينتش

بعد مجازر عديدة ارتكبتها المجموعات المسلحة بحق السوريين منذ بداية الأزمة، دخلت بلدة معان قائمة القرى التي اجتاحها الارهابيون، وذلك بعد الحولة في حمص وقرى ريف اللاذقية وعدرا العمالية في ريف دمشق.

مجزرة تلو الأخرى يرتكبها المسلحون التكفيريون في سوريا بحق المدنيين العزّل، ولا يردعهم رادع.. يقومون بانتهاك الحرمات بلا شفقة ولا مراعاة لحرمة وأعراض.. أدنى ما يمكن أن نصفهم بأنهم ذوو قلوب ميتة جوفاء.

وبحسب تقرير نشره موقع العهد الاخباري، فان القرية التي تبعد عن مركز مدينة حماه أكثر من 20 كلم شمالاً، استشهد فيها العديد من المدنيين ذبحاً بأيدي المسلّحين، معظمهم من آل خضور، حيث يروي الناجون منهم ما حدث على طريقتهم. يقول أحدهم "اجتمعنا في منزل خالي "حكمت" عجوز مبتسم رغم مصاعب الحياة التي شلّت قدميه ليحمل لقب عرف به في القرية "المبتسم المشلول".

"نيران بدأت تلتهم أرزاقنا وأصوات عصافير الـ"ضيعة" كتمها صوت الهاون"، يصف _من كتب له النجاة من المجزرة_ مشهد القرية عندما اجتاحها المسلحون. بحرقة وألم، يتابع القول "تكبيرات الموت التي أطلقها التكفيريون كانت تقترب ومشاهد مجزرة أهلنا في ريف اللاذقية استحضرتها الذاكرة".

صمدوا في القرية ورفضوا الخروج منها، وقالوا "نحنا الختيورا بدنا نبقى اذا متنا بتذكرونا وقت الحصيدي، كرومنا منسقيها بدمنا"، هكذا كان جواب كبار السن بعدما استقرّ الرأي عند المجتمعين ان يحاولوا النجاة بأولادهم وأعراضهم. وحينما قرروا الخروج من القرية "كانت أصوات المسلحين تقترب، يصرخون بلهجات غريبة وبعضهم يلبس الزي "الافغاني".. أصوات الرصاص وقذائف المدفعية تنهمر على بيوتنا"، يقول الراوي.

حان وقت الرحيل.. لحظات قاسية مرّت و"نحن نودّع بعضنا".. و"بقي خالي حكمت خضور"، يضيف ابن العائلة، الذي ودّع "المبتسم المشلول" على طريقته "قبلت قدم خالي، ماسحاً عليها بيدي دمعاً، كانت خطوط يديه آخر ما رأيته وهو يلوح لي مودعاً".

وكان الوداع الاخير، "حكمت خضور خالي ذبح بطريقة وحشية بعد مغادرتنا بحوالي الساعة"، أردف الراوي القول مستذكراً لحظات مرّت مع خاله :"حكمت ختيار فقير.. فلاح مثل كل سكان هذه الضيعة، أذكر جيداً كيف كنت أقص له شعره ويمازحني كل مرّة طالباً أن أصبغ له شيب شعره سواداً رغم أني استطيع ان أعد ما بقي في رأسه من شعر...". وبصوت خافت وبنبرة حزينة يضيف "لا أستطيع أن أتخيّل أن رأس هذا الرجل تدحرج في فناء الدار".

ولم يكتف المسلحون باستهداف من بقي في القرية انما لاحقوا الفارين منها، الذين ذهبوا تباعاً على شكل مجموعات من القرية باتجاه بلدة كوكب وفيها أقرب حاجز للجيش السوري يبعد حوالي 5 كلم، ومنهم "فريزة خضور"، حيث كان "الليل حالكاً مظلماً.. عويل النساء وهنّ يحملن أطفالهن، ما زال كابوساً يقتلني كل مساء"، يصف الراوي المشهد، ويقول "التكفيريون واصلوا استهدافنا بالقناصات وقذائف الهاون فقتل منا أكثر من ستة.. ابنة عمي "فريزة " استشهدت على الطريق". ويتساءل والدمع يجري على خديه "هل تعرف ما هو شعور من تقتل ابنة عمه ولا يستطيع سحب جثتها؟".

"ما ذنب هؤلاء الابرياء، لم يكن في بلدتنا قطعة عسكرية ولم نحمل سلاحاً نعتدي به على أحد كنا نعيش بسلام وابتسام"، يعلّق ابن آل خضور على الحادثة، ويضيف "اتخيّل ابنة عمي ممددة الآن بين الاشجار تشعر بالبرد والجوع".

ولم تنته القصة عند هذا الحد، استرسل قائلاً "في اليوم التالي لنجاتنا اتصل بنا شخص "غريب" مفاوضاً على إحدى الجثث وطلب مبلغ مليوني ليرة سورية لتسليمنا الجثة، وضعنا المادي لا يسمح لنا بالدفع و"أخلاقه" لم تسمح له بتسليمنا الجثة من دون مقابل، أغلب الظن انه أحرقها كما توعدنا".

قصة حزن، هي نسخة تحكي عن كثير من القصص المماثلة التي تحصل في سوريا، أبطالها شهداء رفضوا الاّ أن يصمدوا في بلدهم سوريا، لأن "قدرنا ان نتجذّر في هذه الارض، لن نترك بلادنا، سنرفع اسم "ضيعتنا" عالياً وسنرد كيد المعتدي بأخلاق نعتبرها إرثنا .. حسبنا الله ونعم الوكيل"، يختم الرواي.