الولایات المتّحدة، منظمة الإرهاب الدولي (الجزء الثاني)

الولایات المتّحدة، منظمة الإرهاب الدولي (الجزء الثاني)
السبت ٠٨ مارس ٢٠١٤ - ٠٣:٠١ بتوقيت غرينتش

ما هي المآرب التي يتوخى الارهابيون تحقيقها من خلال اثارة اعمال العنف والفوضى؟ بناء على الجهات المختصة فان الإرهابیین يتطلعون الى تحقيق امور تخدم مصالحهم، فعلى سبيل المثال ان اثارة الاضطرابات وزعزعة الاستقرار الامني في بعض المجتمعات واطلاق الدعوات الانفصالية والصراع مع الحكومات الشرعية، جميعها تهدف الى الحصول على تنازلات وامتيازات.

وبامكان اي عصابة او فريق من المرتزقة ارتكاب اعمال عنف او قتل، لكن الارهاب المنظم يتخطى الحدود، ولذلك فانه بحاجة الى سمة سياسية او بعبارة اخرى غطاء سياسي. وخير دليل على ذلك ان غالبية العصابات يتم تمويلها وتدريبها من قبل جهات مختصة في العديد من الدول لاستغلالها في الوقت المناسب من اجل تمرير مخططات مبيتة .
وبناء على ما قيل فان "ارهاب الدولة" ليس وهما بل هو امر حقيقي قامت ولازالت تقوم به واشنطن. وخير دليل على ذلك ما قامت به الولایات المتّحدة الأمریکیة في لیبیا وما تقوم به الآن في سوریة! .

لنلقي نظرة عابرة على الاحداث الاخيرة التي اشتهرت بـ "الربیع العربي ". بدأ الربيع العربي بحسب التسمية بإنقلاب في تونس. وبناء على الاعلام الغربي، فقد إنتفض الشعب ونزل إلی الشوارع بزعامة الاخوان المسلمين مطالبا بالدیمقراطیة. الانتفاضة حظت بدعم امريكي، الا ان النقطة الغامضة كانت تدور حول مصادر تمويل وتسليح من كانوا يوصفون بالثوار فضلا عن الجرائم التي كانت ترتكبها بعض الجماعات المتطرفة. لكن الاعلام الغربي لم يسلط الضوء على هذا الجانب، بعكس ما جرى في ليبيا، لماذا ؟ لان القذافي تمرد على الامريكيين وكان لا بد من الاطاحة به باي وسيلة ممكنة، لذلك بادر حلف الناتو الى شن غارات راح ضحيتها العديد من المدنيين فضلا عن تسليح المعارضين المتطرفين .
وكانت هناك محاولة لاعادة تطبيق المخطط نفسه في سوريا، ولكن الرياح لم تجر بما تشتهيه السفن حيث ان سوريا تعرضت لضغوط کبیرة من دول عربیة عدة، الا ان الرئیس أوباما تراجع عن توجيه ضربته الجوية الموعودة.
وهذا ما اعترف به السيناتور الامريكي جون ماكين في تصريح لقناة " بي بي سي " البريطانية حيث قال :" أعتقد أنّ الرئیس بشّار الأسد ورئیس وزراء روسیا، فلادیمیر بوتین، (قبل أن یصبح رئیساً للجمهوریة) وبعض قادة الصین أیضاً، بداوا يشعرون بالقلق لانهم شاهدوا کیف أنتفض الشعب اللیبي بمساعدة ودعم منا"!. هذه الكلمات لم يصرح بها شخص مجهول بل سیناتور أمریکي کان منافساً للرئیس أوباما في الانتخابات الرئاسیة.
والیوم، وصل الإرهاب الثوري إلی أوکرانیا، فالعصابات قامت بإرتکاب فضائح وشنائع في قلب العاصمة کییف، وهناك تقاریر عن محاولات للإستیلاء علی مقارّ الحکومات المحلّیة في " أودیسا و دونیتسك وغیرها". السؤال الذي یطرح نفسه هو من المنظّم للثورة في أوکرانیا؟ .
لاشك ان إدارة الامريكية هي التي تقف وراء هذه الاحداث بدعم من الدول الأوروبیة. فهي تدعم وتساند النازيين الجدد سیاسیا وتدربها وتزودها بالأسلحة، ولا یمکن إطلاق أيّ صفة علی هذه المنظّمات سوی أنّها منظّمات إرهابیة.
وقد كشف مستشار الرئيس الروسي  سیرجي غلازییف في مقابلة مع صحیفة " کومیرسانت أوکرانیا" أنّ الولایات المتّحدة تنفق 20 ملیون دولار اسبوعیاً لتمویل المعارضة الأوکرانیة، وأضاف : " الأحداث التي شهدتها العاصمة کییف لم تکن سوی محاولة إنقلاب، للإطاحة بالحکومة. مثل هذه المحاولات توصف وفقا للقانون الأوکراني، بل وحتی القانون الدولي محاولة إنقلاب، حیث یشارك المدنیون إلی جانب جنود مدرّبین تدریبا حرفیا في هذه الأحداث. لدینا معلومات تشير الى تدريب وتسليح المعارضية في السفارة الأمریکیة بکییف"! .
لقد سقطت الأقنعة. ففي حين لا تقوم الادارة المريكية باي محاولة من اجل التستر على تدخلها السافر في التحضیر للانقلاب في أوکرانیا، نرى انها تقمع بوحشية وباستخدام الرصاص المطاط والغاز المسيل للدموع كل حركة تدعو الى حرية الراي والتعبير كما هو الحال في بريطانيا.
وبناء على نظرية تقسيم الادوار فان التصريحات التي يطلقها السيناتور الامريكي جون ماكين ما هي الا انعكاس للمخططات السياسية الامريكية. وهنا نتساءل ماذا سيحدث بعد تسلم المتمردين للسلطة في اوكرانيا؟. المؤشرات تشير الى ان اوباما سيحاول بداية التمهيد لانقلاب سياسي في موسكو ومن ثم سيدمر سوريا وايران وصولا الى الصين ليخضع العالم باكمله لهيمنة الولايات المتحدة. ومن هنا فما بعد ستظهر الطائرات بدون طيار والروبوتات لتضيق الخناق على المواطنين من خلال الرقابة المشددة والتنصت على نطاق واسع .

حقبة جدیدة تلوح في الافق
بعد ما سردناه آنفا، هل هناك من يدعي انه سينعم بالدیمقراطیة والرخاء والإزدهار في المستقبل ؟ فحين يشيع الفساد والمخدرات ويجري قمع اي صوت معارض في المجتمع، لن يكون بامكان المواطن الحصول سوى على ما يسد به رمقه. فلا رعاية صحية ولا خدمات اجتماعية ولا مكافآت او تعليم، لان مثل هذه الخدمات ستكلف الشركات العملاقة اموالا طائلة هي في غنى عنها. فالمبدا هنا هو كيفية خفض الانفاق وزيادة الارباح، وهذا ما تبرع فيه الشركات الاستثمارية العملاقة .
يتبع ...

بقلم: کنستانتین بینزیف

ترجمة : محمود عسکر