سلسلة رتب ورواتب تفرض المواجهة بين فقراء لبنان

سلسلة رتب ورواتب تفرض المواجهة بين فقراء لبنان
الخميس ١٩ يونيو ٢٠١٤ - ٠٧:١٣ بتوقيت غرينتش

لم يحصل سابقا ان وقف شعب فقير في مواجهة بعض منه يجاريه في الفقر على خلفية حقوق معيشية، او أن نقم جزء على الجزء الذي يسعى الى اقرار حقوق معيشية له عمرها سنوات. هذا الحال وجد له ارضية بين افراد الشعب اللبناني.

 ففي لبنان سلسلة رتب ورواتب تعود الى هيئات تعليمية وموظفي الدولة، يطالب أصحابها منذ سنوات ثلاث باقرار حقوق لهم عبر تمريرها أولا في أروقة الحكومة وثانيا في المجلس النيابي.
المعركة التي عمرها سنوات نجحت فيها هيئة التنسيق النقابية (التي تمثل القطاعات المطالبة بالحقوق) في أن تصيب هدفها ايام حكومة نجيب ميقاتي، حينها تم تمرير مشروع الحكومة الى المجلس النيابي، لكنه علق لاحقا في ادراج مجلس النواب اللبناني، هناك بقي المشروع لسنوات، لكن ملاحقة السلسلة من اصحاب الحقوق عبر رفع الصوت من هيئة التنسيق من خلال تنفيذها اضرابات واعتصامات دون كلل على مدى سنوات وضغوط مختلفة منها، خرج المشروع مرة جديدة الى العلن.
مرت ارقام السلسلة للمرة الاولى السنة الماضية بين ايدي لجنة مختصة يقودها نائب التيار الوطني الحر ابراهيم كنعان، لكن تكلفتها العالية التي قدرتها اللجنة باكثر من 2800 مليار ليرة جعلتها تعود ادراجها الى لجنة نيابية ثانية ترأسها نائب القوات اللبنانية جورج عدوان، نجحت بعد جهد جهيد في تخفيض ارقامها الى ما يقارب المليار وسبعمئة الف ليرة لبنانية جراء تعديلات مختلفة اجرتها على التقديمات الممنوحة.
ربما هذه الارقام غير عالية في اجندات الدول، لكن لبنان الذي يعيش على عجز في ميزانيته قدره وزير المالية  للعام 2014 علي حسن خليل  ب34.9 بالمئة، جعل كل من في لبنان يعيش هلعا كبيرا من اقرار السلسلة، واعطاء الحقوق المفترضة لاصحابها في القطاعين العام والخاص.
الخوف فرضه حديث سرب لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة خلال استدعائه الى مجلس النواب لاخذ رايه في ارقام السلسلة خلال اول دراسة حقيقة لارقامها، حينها قال سلامة للمجتمعين "انتم باقرار هذه السلسلة تأخذون البلد الى المجهول، ارقام من دون واردات يعني بلا شك اعلان افلاس للدولة اللبنانية، انا اخشى ان اقريتم السلسلة كما هي، انكم تذهبون بانفسكم الى اعلان افلاس الدولة اللبنانية كاملة".
لم يكن حينها حديث الحاكم الذي استطاع على مدى سنوات ضبط سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الاميركي مجرد حديث عابر، فالنواب اخذوا بجدية رأي رجل خبير يملك اكثر منهم ارقام البلد المالية، لا بل دفعوا بتصريحاتهم التي انطلقت منذ تلك اللحظة الى بث نقمة كبيرة بين افراد الشعب اللبناني على المطالبين بالسلسلة.
وقف الحق لاصحاب السلسلة مواجها لقدرة الناس المعيشية، لا سيما ان لبنان يعد من الدول  الغالية المعيشة نوعا ما، فلا يريد اللبنانيون ضغطا جديدا ستحمله اليهم ارقام السلسلة في حال اقرارها، لاسيما ان بينهم عشرات الاف اللاجئين السوريين الذين يقاسمونهم لقمة العيش في كثير من الاماكن (التقديرات لاعداد اللاجئين تخطت رسميا المليون ومئة الف، فيما المتواجد عمليا ربما وصل الى ما يقارب ربع سكان الشعب اللبناني المقدر اصلا باربعة ملايين ونصف المليون  نسمة).
وقف الشعب اذا في مواجهة الشعب، نقم من سيدفع ثمن السلسلة، ضرائب جديدة حسب اعتقاده في حال اقرارها على كل هيئة التنسيق التي لا تتوقف عن المطالبة بالحقوق، واصبح كل موعد يضربه مجلس النواب لمناقشة ارقام السلسلة، توقيتا لخوف متجدد من قبل عدد كبير من الشعب اللبناني. خوف من اقرار سيأخذ معظم اللبنانيين الى اعادة ترتيب لماليتهم الخاصة المأزومة اصلا. انه الخوف مقابل لا قدرة مالية تدفع كل لبناني شهريا الى ابتداع جدولة معينة لمعيشة ذات تكلفة غالية في بلدهم. فكيف بسلسلة لن تكون الا على متن ضرائب جديدة. لكن برغم كل شيء، ستحضر السلسلة على طاولة مجلس النواب في يوم جديد لها الخميس القادم، في ذاك اليوم سينتظر اللبنانييون كما في كل مرة على أحر من الجمر ما سيخرج من اروقة مجلس النواب، الاقرار ام التأجيل، انه الخوف القائم حتى اشعار اخر.


* فاطمة عواضة