«دلال» غزة وزيف «العرب»!

«دلال» غزة وزيف «العرب»!
الإثنين ٠٤ أغسطس ٢٠١٤ - ٠٦:١٣ بتوقيت غرينتش

انها الخديعة والفتنة والزيف هذا ما تخبئه اروقة وصالونات السياسة العربية او الاسلامية او الدولية لغزة هاشم بعد اربعة اسابيع من الصمود الاسطوري امام عدوان بربري همجي صهيو امريكي ظالم يتوقف في استراحة القاهرة عائدا اليها بخفي حنين !

بعض قادة «العرب» كانوا يعدون الساعات لاعلان تدمير غزة عن بكرة ابيها واعلان انتصار ساحق ماحق للعدو الاسرائيلي على قادة المقاومة وارادتها وان لا يبقى في القطاع الا السبايا ثم يتقدمون بمشروع لوقف اطلاق النار وآخر لتهدئة طويلة الامد وثالث لتحويل غزة الى «سنغافورة» عربية تعمل لدى دويلة الكيان الصهيوني متنفسا لبعض تجار الدم الفلسطيني!

نعم « القائد الهمام» كما وصفه الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الابن في لحظات صعود تيار المحافظين الجدد ومشروع كوندوليزا رايس الشهير: « الشرق الاوسط الجديد» وخطة تصفية القضية الفلسطينية اثناء حصار المقاطعة الشهير للتخلص من ابو عمار، فقط من اجل تنشيط الذاكرة لمن يريدون محوها! لكنهم اخطأوا الحساب وطال انتظارهم دون جدوى وذهبت احلامهم ادراج الرياح وصار الجميع يقف مشدوها امام حائط غزة الفولاذي.

لا شعب غزة استسلم لقدرهم المزور ، ولا قادة المقاومة رفعوا الاعلام البيضاء ، ولا العدو الصهيوني حقق ايا من اهدافه المعلنة او الخفية.
تل ابيب لجأت الى التحايل واللعب باوراق بالية من نوع اعادة انتشار واعادة تموضع وانسحاب احادي وما الى ذلك من مقولات الهزيمة والفشل!

عواصم النظام العربي و«معدلها» القاهرة قررت احتضان مفاوضات مبتورة لا حضور فيها لغزة هاشم، والنظام الاسلامي الرسمي ممثلا بالرياض قرر اعلان «سنغافورة العرب» بقيمة خمسين مليون دولار !

اما المجتمع الدولي المخطوف اسرائيليا فقرر الإسراع بكل ما يملك من امكانات للبحث عن مصير الضابط الصهيوني المرتزق صاحب الجنسية البريطانية وابن عم وزير الحرب يعالون لعل ذلك يخفف من مرارة طعم الهزيمة….! كل العالم سقط على اعتابك يا غزة هاشم حتى الروس!
بالمناسبة هل سمعتم صوت روسيا في هذه الحرب البربرية الظالمة على اهلنا الابرياء في غزة ام البطولات وأم المعارك؟
كل «المدنية» الغربية توحشت على اسوارك وفي شوارعك وعلى اسطح منازلك وفي جنبات انسانيتك وبراءة رضعك ايتها المدينة النبيلة ، ولم تشبع بعد من التلذذ في قتل اطفالك وشيوخك ونسائك!

لقد تجرأت يا غزة على «المحرم» في لعبة الامم ، اذ كيف تنتصرين على «نمط» مدنيتهم الذي لو هزم انهزم الغرب كله!
الم يكتب ثباتيرو رئيس وزراء اسبانيا يوما مقالا مفصلا بهذا العنوان : «نحن زرعنا هذا النمط الغربي في الشرق ومن يدمره يدمر مدنيتنا كلها»!؟
الم يقل جورج بوش الابن غداة حربه الملعونة والمشؤومة على العراق بانه انما يغزو هذا البلد لأجل « تغيير نمط حياة العراقيين كمقدمة لتغيير نمط حياة المنطقة كلها مرورا ببيروت ودمشق وصولا الى طهران حيث البنك المركزي للارهاب»؟

ماذا فعلت انت يا غزة هاشم ، وكيف تجرأت على ضرب هذا المعسكر في الصميم وما تركت له بابا ليدخل منها الى اي من مكامن قوتك؟
مدنيتك النبيلة انت هي التي انتصرت على «مدنيتهم» المدججة بكل اسلحة الدمار الشامل المعروفة نعم لكنها الوحشية والموحشة، ولذلك ليس عجيبا اذن ان يلجأ العالم كله بغربه وشرقه الى الركوع امام اعتابك يستجدي وقفا لاطلاق نار وتهدئة وانت «تتدللين وتتغنجين»!

يحلو لك الدلال يا غزة هاشم رغم كل العناء والالم وغزارة الدماء وعمق المأساة لأنك انت فقط من يحق له اليوم ان يختار عريسه ولا غير !
وعريسك هذا ليس سوى (فجر 5 ) او( m 75 )او (البراق 80 ) او (صاروخ 302 ) او (الكورنيت) او اسماء حركية اخرى مثل الجعبري او الطوالبة او القسام او السرايا او ابو علي مصطفى او الناصر او الاقصى!

انها اسماء صاروخية لعريس واحد هو المقاوم الفلسطيني الذي ابى الا ان يرفع رأس الامة بعد طول انتظار بوجه العالم كله من معادلة المنتصرين في الحربين العالميتين الاولى و الثانية ، اللتين خذلتا امتنا العربية على مرحلتين فسلمت فلسطين « لليهود المساكين» في الأولى ومن ثم ركبت مراكز شرطة «عربية» لحماية اليهودي الغازي المتسلح بـ «مدنية» اوروبا المتوحشة !
ولأن ما يحصل على يدك اليوم امر خطير وخطير جدا يكاد يطيح بكل النظام العالمي، تراهم اليوم مستنفرين جميعا من اجل سماع كلمة» النعم « منك باي ثمن كان !
لم تنته الحرب العدوانية عليك بعد … انت تعرفين ذلك واحبابك يعرفون ايضا …
انها « استراحة» المهزومين على اعتابك يحاولون جبران هزيمتهم بخديعة التفاوض في القاهرة من دونك على قاعدة الكيلو 101، والدفرسوار. وعيونهم شاخصة الى «عريسك» كيف ينتزعونه منك !

ولكن هيهات ان تعطيهم الامن او الامان غزة هاشم ، فهي اليوم عندما تختصر الاسلام فان ذلك يعني انها تختصر كل انتصارات العرب والمسلمين، لا سيما انتصارات اخراج الامريكيين من العراق و كسر شوكتهم في لبنان ودحر جحافلهم على بوابات ياسمين الشام ، وتعثر خططهم في صنعاء اليمن ومنامة البحرين وكابول الافغان وسقوط الاقنعة في فيينا وجنيف النووي الايراني ومن قبل كل ذلك ومن بعده انتصرات غزة الاولى والثانية … والثالثة ثابتة!
غزة هاشم لن تضام مرتين، مرة على يد العدو ومرة على يد الشقيق!

غزة هاشم تكتب تاريخ العرب من حديد ، ولذلك لن تسمح لخديعة «الافلات من العقاب» التي تطبخ للعدو الصهيوني ان تمر لا في القاهرة ولا في اي عاصمة من عواصم العالم!

*محمد صادق الحسيني/ القدس العربي