هل انهارت المصالحة المصرية القطرية بوفاة الملك عبد الله؟

هل انهارت المصالحة المصرية القطرية بوفاة الملك عبد الله؟
الأربعاء ١١ فبراير ٢٠١٥ - ٠٦:٣٩ بتوقيت غرينتش

اشتعلت الحملات الاعلامية مجددا بين السلطات المصرية من ناحية وجماعة الاخوان المسلمين ودولة قطر من ناحية اخرى، على ارضية التسجيلات المسربة المنسوبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عندما كان وزيرا للدفاع وتحدث فيها في "دردشة" مع مدير مكتبه عباس كامل واللواء محمود حجازي رئيس هيئة اركان القوات المسلحة بطريقة تتضمن الكثير من السخرية بالمملكة العربية السعودية ودول خليجية اخرى حيث وصفها بأنها تملك كنزا من المال، وقال عنها بأنها "اشباه دول".

قناة "مكملين" المقربة من حركة "الاخوان المسلمين" وشقيقاتها التي تصدر من اسطنبول بادرت ببث هذه التسجيلات على نطاق واسع، اسوة بتسجيلات مماثلة، بهدف احداث شرخ في العلاقات بين النظام المصري الحالي والدول الخليجية الداعمة له ماليا ومعنويا، خاصة في حربه الضروس ضد حركة الاخوان، التي وضعها على لائحة الارهاب، واعتقل جميع قياداتها من الصفين الاول والثاني، الى جانب آلاف من انصارها.

والملاحظ في هذه القضية هو اعادة قناة "الجزيرة" القطرية بث هذه التسجيلات، وتصدر هذه التسجيلات الصفحات الاولى للصحف القطرية "شبه الرسمية" مما يعني ان اتفاق المصالحة المصرية القطرية الذي رعاه الملك السعودي المتوفي عبد الله بن عبد العزيز شخصيا "يترنح" ان لم يكن قد انهار فعلا.

فمن ابرز بنود هذا الاتفاق كان "التهدئة الاعلامية" تمهيدا لتهيئة الاجواء للقاء قمة مصري قطري، وجرى اتخاذ خطوات وترتيبات عملية في هذا الشأن، ابرزها زيارة وفد سعودي قطري مشترك الى القاهرة ضم خالد التويجري رئيس ديوان الملك عبد الله، ومحمد آل ثاني مساعد وزير الخارجية القطري التقى السيسي، ولكن وفاة الملك السعودي السابق ادت الى تجميد خطوات المصالحة.

وجاء بث قناة "الجزيرة" للتسريبات الاخيرة بشكل مكثف، واستضافتها لشخصيات مصرية شرسة في معارضتها ومحسوبة على الاخوان، وتغطيتها المكثفة لصدامات الشرطة المصرية مع المحتجين اثناء الاحتفال بذكرى ثورة 25 يناير/ كانون الثاني التي قتل فيها متظاهرين، واستئناف القرضاوي لانتقاداته الشرسة للرئيس السيسي ونظامه، وتحريضه الشباب المصري على الثورة ضده، كلها عوامل ادت الى تفاقم التوتر وعودة العلاقات بين البلدين الى المربع الاول، او مرحلة ما قبل المصالحة.

الرئيس السيسي اضطر للاتصال بملوك وامراء اربع دول خليجية من اجل تطويق خطر التسريبات هذه، ابتداء من الملك السعودي الجديد سلمان بن عبد العزيز، وامير الكويت صباح الاحمد، وملك البحرين حمد بن عيسى، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد امارة ابو ظبي، وقد اكدوا جميعا على عمق العلاقات المصرية الخليجية.

وكان لافتا ان الملك سلمان اكد "ان علاقة المملكة ومصر اكبر من اي محاولة لتعكير العلاقات المميزة والراسخة بين البلدين الشقيقين"، في اشارة الى مسألة التسريبات، وقال "ان موقف بلاده تجاه مصر واستقرارها وامنها ثابت لا يتغير وان ما يربط بين البلدين الشقيقين نموذج يحتذى في العلاقات الاستراتيجية والمصير المشترك".

ولم يعط الملك سلمان اي اشارة تؤكد نواياه في استئناف جهود الوساطة التي بدأها سابقه لاصلاح العلاقات القطرية المصرية، ربما لاعطائه الاولوية في الوقت الراهن لترتيب البيت الداخلي السعودي، وما زال من غير المعروف ما اذا كان سيحيي المثلث السعودي الاماراتي البحريني الذي سحب سفرائه من الدوحة احتجاجا على سياساتها في تبني حركة الاخوان المسلمين واستضافة قياداتها نكاية بالنظام المصري، او انه سيلجأ الى التهدئة مع السلطات القطرية واتباع سياسة سعودية مستقلة معها عن الدولتين الاخريين، خاصة ان القطريين يراهنون على علاقاتهم الوثيقة مع الامير محمد بن نايف الرجل القوي وولي العهد، وربما الملك القادم للمملكة.

المصدر: رأي اليوم