المملكة لم تستطع تصنيع سيارة..

فريد زكريا: برنامج السعودية النووي "كلام في الهواء"

فريد زكريا: برنامج السعودية النووي
السبت ١٣ يونيو ٢٠١٥ - ١٠:٢٧ بتوقيت غرينتش

أثار الاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي مخاوف كبيرة، ليضيف مزيدا من القلق لحالة التوتر التي تحيط بمنطقة الشرق الأوسط من كل اتجاه، خاصة في ضوء الحديث المتواتر عن قيام المملكة العربية السعودية بتأسيس برنامج نووي خاص بها قد يفتح الباب أمام سباق للتسلح، إلا أن الأمر في الواقع لا يبدو كذلك على الإطلاق، بحسب الكاتب الأميركي فريد زكريا.

وأضاف الكاتب، في مقاله بصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن المملكة لن تقوم بتأسيس برنامج نووي لها، لأنها ببساطة مازالت حتى الآن لم تستطع أن تقوم بتصنيع سيارة.

وفي اشارة الى التليمحات التي جاءت في تصريحات للسفير السعودي في لندن الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز الذي قال لصحيفة «دايلي تلغراف» «كل الخيارات مطروحة على الطاولة». يعلق زكريا على هذه التصريحات «السعودية لن تبني قنبلة نووية ولا تستطيع بناءها، فالسعودية لم تبن سيارة . ويمضي زكريا قائلا إن السعودية يمكنها حفر ثقوب في الأرض لاستخراج النفط وليس أكثر.
وتمثل عائدات النفط نسبة 45% من منتجاتها المحلية وهو رقم عال مقارنة مع دول نفطية أخرى مثل نيجيريا وفنزويلا. ومن ناحية عائدات الحكومة تعتمد بنسبة 90% على الثروة النفطية.
فرغم سنوات من الإستثمارات الحكومية الضخمة والدعم الكبير والطاقة الرخيصة لا تتجاوز مساهمة التصنيع في الدخل السنوي العام عن 10%.
ويثير الكاتب تساؤلات حول الكيفية التي ستقوم بها السعودية تدريب الفنيين والعلماء لإدارة مشاريع علمية سرية. فالنظام التعليمي «الرجعي» كما يصفه لا يساعد في هذا، وتأتي السعودية في المرتبة 73 من ناحية التحصيل الدراسي العالي في الرياضيات والعلوم حسب تصنيف منبر الإقتصاد العالمي وهي مرتبة متدنية بالنسبة لبلد غني. وفيما جاءت إيران في المرتبة 44 مع أن الدخل السنوي العام للفرد أقل مقارنة مع السعودية ورغم الحصار المفروض عليها منذ عدة عقود .
وتساءل  زكريا عن قوة العمل التي تريد العمل في الصناعة النووية السعودية المتخيلة. ويحيل إلى ما كتبته كارين إليوت هاوس المحررة السابقة لـ «وول ستريت جورنال» التي قالت ان «واحدا من كل ثلاثة في سوق المملكة  هو أجنبي. وان اثنين من كل ثلاثة ممن لديهم وظائف هم من الأجانب. وفي القطاع الخاص الذي يعاني من فقر الدم تسعة من بين كل عشرة لديهم وظائف هم غير سعوديين.. وباختصار فالسعودية هي مجتمع فيه الكثير من الرجال لا يريدون العمل في الوظيفة المؤهلون لها ومجتمع لا يسمح فيه للمرأة بالعمل ونتيجة لهذا فمعظم العمل يقوم به الأجانب».
ويرفض زكريا الحديث عن الحزم المتزايد للسعودية والذي وصفه البعض بالإستراتيجي مشيرا إلى أنه في الحقيقة رد عاطفي وتعبير عن جزع يتغذى من المشاعر المعادية لإيران. وكمثال عن التصرفات السعودية المتسرعة يذكر رفض المملكة لمقعد في مجلس الأمن (تشرين الأول/اكتوبر 2013) الذي حصلت عليه بعد سنوات الحملات التي كلفتها ملايين الدولارات.
وبررت تخليها عن المقعد بأنه جاء احتجاجا على السياسة الأميركية في المنطقة. وحتى في الحملة الأخيرة على اليمن يرى زكريا أنها لم تحقق أهدافها.
وينقل ما قاله بروس ريدل إن الحملة الجوية والدمار للبنية التحتية قد «خلق أضغانا بين اليمنيين وجيرانهم من دول الخليج (الفارسي)الغنية مما سيسمم العلاقات بين الطرفين لسنوات قادمة، فلطالما حنق اليمنيون على جيرانهم الأثرياء والأن ربما رغبوا بالإنتقام».
وحتى لو حاول السعوديون شراء السلاح النووي سرا فسيكونون عرضة للعقوبات الدولية والحملات الإنتقامية. ولأن السعودية تعتمد كثيرا على الأجانب وشركاتهم الذين يقومون ببناء البنية التحتية ويشترون نفطها ويصدرون إليها بضائعهم. ففي حالة فرض عليها الحصار كإيران وكوريا الشمالية فسينهار اقتصادها.

ويتناول ما يقال عن تعاون سعودي- باكستاني نظرا للدعم الذي قدمته الرياض للمشروع النووي الباكستاني. وهذا صحيح لكن حكومة إسلام أباد واعية كثيرا للمخاطر التي قد تنتج عن تعاون مثل هذا.
ورفضت الباكستان في نيسان/إبريل دعم السعودية في اليمن. ويتكهن زكريا بالقول إن السعودية بعد عشرة أعوام من الآن لن تمتلك السلاح النووي مهما حصل مع إيران والمحادثات الجارية حول ملفها. والسبب هو أن السعودية «غير قادرة» كما يقول. وفي النهاية فما يقلق السعودية ليس الملف النووي الإيراني ولكن تداعياته وخروج طهران قوية بعد الإتفاق .