التعاون بين الإحتلال الإسرائيلي ومسلحي النصرة

الإثنين ٢٢ يونيو ٢٠١٥ - ٠٤:٣٥ بتوقيت غرينتش

تقرير للقناة الثانية : - الحرب الأهلية في سورية تقترب من حدود إسرائيل معارك عنيفة بين المتمردين و بين جيش الأسد فيما في الوسط الدروز في الجولان السوريّ . الدروز في إسرائيل يتابعون بقلق تقرير مراسلنا في الشمال غاي فارون .

-        غاي فارون ( مراسل القناة الثانية في الشمال ) : سلام أورن سمعنا في الأسابيع الأخيرة دعواتٍ من الدروز مواطني دولة إسرائيل في الجليل و الجولان إلى تدخّل دولة إسرائيل فيما يجري داخل سورية و  في الحقيقة الدخول و التدخل و حماية أبناء طائفتهم الدروز المنتشرين في عدة تجمعات داخل الأراضي السورية الأقرب من بينها هي قرية " حضر " منذ ساعات الصباح يصل دروزٌ إلى مناطق قريبة من السياج الحدوديّ و يراقبون المعارك و يتحدثون بالهواتف مع أقاربهم و بشكل أساسيّ يعتمدون على الشبكات الإجتماعية و يفهمون أنه توجد معارك هناك و هناك عددٌ من المصابين وسط سكان القرية الدرزية " حضر " و يدعون أحداً ما للتدخل و هم يقولون نحن هنا عاجزون و ليس هناك ما يمكننا فعله و هم يفهمون أيضاً أنّه على ما يبدو إسرائيل لن تدخل سرايا و دبابات إلى هناك و هي تواصل تقديم مساعدات طبيّة خلال السنوات الأخيرة لكن حالياً هذه هي صورة الوضع و هم يقفون في الجانب الإسرائيلي من الحدود و يراقبون المعارك و يشاهدون سحب الدخان و يسمعون أصوات الإنفجارات القوية التي تُسمع هنا منذ ساعات الصباح و هم يأملون خيراً فيما يتصل بأبناء طائفتهم .

سحر مرتضى : و حول هذا الموضوع و مواضيع إسرائيلية أخرى يسعدنا أن نرحب بالباحث السياسي الأستاذ حسن حردان أهلاً بك معنا في هذه الحلقة . إذا أستاذ حسن برأيك هل يمكن للإحتلال أن يتدخل في سورية عبر تعاونه مع الجماعات التكفيرية و منها جماعة النصرة ؟

 

حسن حردان :  هو يتعاون أولا مع هذه الجماعات الإرهابية منذ بداية الأزمة السورية و الجماعات الإرهابية التكفيرية هي بالأصل أدوات إسرائيلية أميركية خليجية تركية لهدف إسقاط الدولة الوطنية السورية و إضعاف محور المقاومة في المنطقة و بالتالي هذا التنسيق ليس جديداً . أمّا ما يحصل اليوم في منطقة السويداء و القنيطرة من محاولات إسرائيلية لإيهام و إيحاء لأهالي المنطقة بأنّ الجيش العربي السوري ليس الضمانة لأمنهم و أنّ الضمانة للأمن هي أن يأخذوا موقف الحياد و الإبتعاد عن الإنحياز إلى الدولة الوطنية السورية و إلى الرئيس بشار الأسد و إلى الجيش العربي السوري و بالتالي إذا كانوا يريدون أن يضمنوا أمنهم فعليهم أن يلجأوا إلى هذه المنطقة المحاذية للجولان في الأراضي السورية و بالتالي عليهم أن ينسقوا مع جبهة النصرة هذا الكلام الإسرائيلي هدفه إثارة النعارات الطائفية بسورية إثارة المذهبية بسورية تعزيز هذا المنطق و النيل من وحدة الشعب العربي السوري و إلتفافه حول الدولة لكن أنا أعتقد بأنّ هذا المنطق سقط سقوطاً مدوياً بفعل ثلاث عوامل  : العامل الأّوّل إنكشاف النصرة بأنها لا تعدو كونها الوجه الآخر لتنظيم داعش و هي تنظيم القاعدة في سورية و أنّ هذا الفكر الإرهابي التكفيري واحد  يمارس القتل و الذبح ضدّ كل من لا يوالي و لا يؤيّد هذه التنظيمات الإرهابية هذا أولاً و بالتالي ما حصل في إدلب أسقط توصيف النصرة على أنها تنظيم معتدل و سقط المنطق الذي كان يروّج لهذه المنظمة الإرهابية . النقطة الثانية هي منطق أهالي السويداء الوطني و التاريخي في مقاومة الإستعمار و في رفض هذه الفتنة الجديدة و تأكيدهم على الإنحياز إلى جانب الدولة الوطنية السورية و إلى الجيش العربي السوري و في مشاركتهم في القتال في الدفاع عن مطار تعلا أسقط هذا المخطط و أكّد بأنّ أهالي السويداء لن يكونوا حصان طروادة للإحتلال الإسرائيلي في محاولة للنيل من الدولة السورية العامل الثالث و هو أنّ إسرائيل تشعر اليوم بأنّ قدرتها على تحقيق مخططها هي و الولايات المتحدة الأميركية في إضعاف الرئيس الأسد و إسقاط الدولة الوطنية السورية قد فشل و بالتالي هم يرمون بآخر أوراقهم اليوم من خلال التبني العلني لجبهة النصرة عبر دعمها من قبل تركيا و السعودية من أجل تحقيق أهدافهم التي عجزوا عن تحقيقها طوال أربع سنوات و نصف .

 

سحر مرتضى :  أستاذ حسن لماذا يصرّ برأيك الإحتلال على النظر إلى الأكراد و الدروز في سورية على أنّه قد يشكلون ذريعة للتدخل و ماذا يريد بالتالي الإسرائيليون بالتحديد تقسيم سورية برأيك ؟

 

حسن حردان : نعم الإسرائيلي بالأصل هو يريد تفتيت سورية و تمزيقها و المدخل لذلك هو التعامل مع سورية على أساس مكوّنات من مجموعة أقليات و بالتالي تمزيق وحدة الشعب السوري هذا هو المدخل عندما يفشل العدوّ في تحقيق أهدافه بواسطة القوة العسكرية يلجأ إلى الفتنة ، يلجأ إلى سياسة فرّق تسدّ و هذه السياسة هي التي إعتُمدت في مراحل الإستعمار البريطاني و الإستعمار الفرنسي لهذه المنطقة و لذلم ما يقوم به الإسرائيلي ليس جديداً الإسرائيلي اليوم لماذا يلجأ إلى هذه السياسة و لا يلجأ إلى التدخل المباشر لأنه يدرك بأنّ الدخول المباشر في الحرب ضدّ سورية هذا يعني تفجير حرب على مستوى المنطقة حرب واسعة مع محور المقاومة و بالتالي هو يدرك أنّ لذلك مخاطر كبيرة على أمن الكيان الصهيوني و على وجوده لما يمتلكه محور المقاومة من قدرات عسكرية و قتالية لذلك هو يلجأ إلى إثارة الفتنة و تغذية الصراع في موضوع الأقليات أنّ هناك أقلية كردية و هناك أقلية درزية و هناك بعد قليل أقلية مسيحية و بالتالي التعامل مع الشعب السوري بهذا المنظار و إيهام هذه الأقليات بأنّ الغرب بأنّ إسرائيل هي الضامن الأمني في حين أنّ الواقع يؤكد بأنّ الغرب و إسرائيل هم الذين يهجرون أبناء المنطقة هذا ما شاهدناه في العراق و هذا ما نشهده في سورية حالياً لكن الهدف الإسرائيلي و هو نابع من قلق إسرائيل بأنّ إنتصار سورية و فشل مخططها في سورية سيؤدي إلى تعزيز محور المقاومة و بالتالي هم باتوا قلقين من إمكانية عودة سورية لدعم المقاومة في فلسطين و تحوّل جبهة الجولان إلى جبهة لمقاومة الإحتلال الإسرائيلي كما هو في جنوب لبنان و بالتالي هناك خطر داهم  على الكيان الصهيوني تحاول إسرائيل اليوم أن تتحدث عن منطقة أمنية في منطقة القنيطرة تدعم فيها جبهة النصرة أو توجد مكاناً لأهالي السويداء ليهجروا إليها لتخلق حاجزاً أمنياً على غرار ما حصل في جنوب لبنان في فترة سعد حداد و من ثمّ أنطوان لحد و أنا أعتقد أنّ هذه المحاولة باءت بالفشل كما يظهر من الوقائع و التطورات التي شاهدناها في سورية .

  سحر مرتضى : بالعودة إليك أستاذ حسن حردان برأيك لماذا يروّج الإعلام الإسرائيلي لهذه التغييرات في مواقف حماس تجاه الإحتلال ما هدفه من ذلك برأيك ؟ 

حسن حردان : أولاً الإحتلال الإسرائيلي له مصلحة في اللعب على التناقضات الفلسطينية و هذه سياسة إسرائيلية بدأت منذ إتفاق أوسلو أن يحدث إنشقاق دائم في الصف الفلسطيني  فهذا يضعف المقاومة ضدّ الإحتلال و يدخل الساحة الفلسطينية في حالة صراع داخلي و إقتتال داخلي و خلافات داخلية إلى ما لا نهاية و يمكّن العدوّ من تحقيق مشاريعه الإستيطانية و التهويدية دون أي مقاومة في ظل إلتهاء الفلسطينيين في خلافاتهم و صراعاتهم الداخلية هذا أولا ثانياً أنّ قطاع غزة اليوم هناك مشكلة حقيقية القطاع محاصر مواد الإعمار لا تتدخل و بالتالي هناك معضلة و هذه المعضلة تبحث حركة حماس عن حلول لها من ضمن هذه الحلول ما قيل عن هدنة أو إقتراحات لهدنة لسنوات مقابل السماح بإعادة الإعمار لكن هذا الأمر مرهون بطبيعة هذه الهدنة و بمضمونها فإذا كانت هناك هدنة طويلة كما تريد إسرائيل ﻠ 15 أو 20 عاماً فهذا أمر خطير جداً لأنه يعني توقف المقاومة ضد الإحتلال و خلق وقائع خلال هذه السنوات الطويلة تمكن الإحتلال من تحقيق أهدافه و بالتالي تصبح المقاومة فيما بعد في ظروفٍ معقدة جداً أمّا إذا كانت لفترة قليلة كما يُحكى عن تهدئة لسنوات عديدة ثلاث أو أربع سنوات أو خمس سنوات حتى يتمّ إعمار غزة أيضاً هذا أمر يشوبه المخاطر و إن كان يبرره الحديث عن إعمار و إنّ هذه الفترة تحتاج إليها حماس من أجل تعزيز وجود المقاومة في قطاع غزة و الإستفادة حالياً من هذه الظروف مرحلياً حتى تنجلي تطورات في المنطقة و تتضح الصورة النهائية لكن علينا أن ندرك أنّ كل يوم يمرّ في ظلّ هدوء مع الإحتلال الإسرائيلي هذا خدمة للإحتلال و يؤدي إلى تعزيز الإستيطان و التهويد و تمكين إسرائيل من تحقيقها مشاريعها التوسعية في الأرض الفلسطينية .        

سحر مرتضى :  من جهة أخرى أستاذ حسن يعيش الإسرائيليون حال إرباك كبير بسبب التقرير الذي وضعه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة و الذي يعتزم تقديمه لأعضاء مجلس الأمن الدولي و فيه إدانة واضحة لجرائم الحرب التي إرتكبها جيش الإحتلال في قطاع غزة التفاصيل نشاهدها معاً في هذا التقرير الإسرائيلي .

سحر مرتضى : نتابع معك أستاذ حسن  حردان لماذا يخشى الإحتلال من التقرير الأممي رغم أنه موقن أنّ مجلس الأمن لن يدينه أو يحاسبه بفعل التجارب السابقة ؟  

 

حسن حردان : صحيح و بان كي مون أنقذ إسرائيل مجدداً من مواجهة إتهام دولي لها بإرتكاب مجازر و بالتالي من العقاب الدولي الذي يترتب على ذلك لكن التقرير بحدّ ذاته مجرد صدور مثل هذا التقرير الذي يتهم إسرائيل بإرتكاب مجازر ضدّ الأطفال في غزة و شهد العالم ذلك بشكل فاضح ليس فقط ضدّ الأطفال إنما ضدّ كل أهالي غزة و البنى التحتية و المدارس و المستشفيات و المؤسسات المدنية هذا التقرير بهذا الوقت بالتحديد الذي يتزامن مع وجود مقاطعة أوروبية متنامية للمنتجات الإسرائيلية في الضفة الغربية و القدس و الجولان هذا يعزّز هذه المقاطعة و يشوّه صورة إسرائيل لدى الرأي العام الأوروبي تحديداً و يفضح إسرائيل أكثر على أنها دولة عنصرية إرهابية توسعية نازية و أنّ سياسة الفصل العنصري التي تتعامل بها إسرائيل مع المواطنين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة 48 و 67 إنما هذه سياسة اليوم تقترن أيضاً بالمجازر و هذا يعزز المنطق بضرورة معاقبة إسرائيل كما تمّت معاقبة النظام العنصري في جنوب أفريقيا عندما كان قائماً و أدى ذلك إلى نتائج سلبية على هذا النظام و هذا ما تخاف منه إسرائيل و لذلك إسرائيل اليوم وضعت خطة دبلوماسية سياسية من أجل أولاً إحتواء مثل هذه التداعيات و الحدّ من المقاطعة و العمل على إفراغ هذا التقرير من مضمونه الحقيقي لما يشكله من خطر على السياسة الإسرائيلية و على صورة إسرائيل في المجتمع الدولي .

الضيف :
حسن حردان - باحث سياسي
 

كلمات دليلية :