اكرهوا ايران..لكن اعترفوا لها ان صمودها بالمفاوضات يستحق الاحترام

اكرهوا ايران..لكن اعترفوا لها ان صمودها بالمفاوضات يستحق الاحترام
الثلاثاء ٠٧ يوليو ٢٠١٥ - ٠٥:٢٨ بتوقيت غرينتش

الكتابة عن ايران، او اي شيء يتعلق بها، خاصة في ظل دعمها للحكومة في سوريا، ودعمها للتحالف “الحوثي ـ الصالحي” في اليمن، يعتبر من الكبائر في نظر الكثيرين، خاصة اولئك الذين يكرهون انصار المذهب الشيعي لاسباب طائفية، او الذين يعادون الفرس من منطلقات قومية، لكن هذا لن يمنعنا من القول ان المفاوض الايراني الذي صمد طوال السنوات الخمس الماضية في مفاوضات ماراثونية صعبة مع الدول الخمس العظمى، زائد المانيا، حول المشروع النووي الايراني يستحق منا كعرب، ومسلمين نظرة مختلفة، لانه قدم لنا درسا في فن التفاوض نحتاج الى استيعابه، والتعمق فيه، واستخراج العبر من بين سطوره.

الشتم والسباب الذي يسود معظم صحفنا ومواقعنا على وسائط التواصل الاجتماعي من قبل الكثير من العرب، وجيوش سبابهم الالكترونية، لا يفيدنا، وانما يكشف عن جهل مطبق، وقصور فهم، لان الامم  لا تبني حضارتها وتقدمها، وتؤسس لنهضة معرفية بمثل هذا الاسلوب المغرق في سهولته وسذاجته في الوقت نفسه.

المفاوض العربي، سواء المصري او الفلسطيني، الاول في كامب ديفيد (استغرقت اسبوعين فقط)، والثاني في اوسلو (استغرقت شهرين)، كشف عن سهولة خديعته، وسرعة نفاذ صبره، واستسلامه للضغوط الاميركية والاسرائيلية، وتقديم تنازلات استراتيجية ضخمة تدفع ثمنها الامتين العربية والاسلامية لاحقا.

الاتفاق النووي الايراني مع الدول الست العظمى يواجه صعوبات الربع ساعة الاخيرة في فيينا، حيث يحاول كل طرف لي ذراع الطرف الآخر والحصول على اكبر قدر ممكن من التنازلات، ولهذا يتم التمديد تلو الآخر، في ظل تمسك الطرفين بمواقفهما حتى اللحظة الاخيرة.

المشاكل عديدة، واللقاءات خلف الكواليس بين وزراء الخارجية، سواء وزراء خارجية الدول العظمى مع بعضهم البعض، او مع الايراني السيد محمد جواد ظريف، والنقطة الاساسية الابرز موضع الخلاف، تكمن في رفع الحظر كليا عن ايران، بشقيه العسكري والاقتصادي فورا، وعدم عودته التلقائية الا بقرار من مجلس الامن الدولي، مثلما يطالب الجانب الايراني.

الولايات المتحدة وحلفاؤها يرون ان ما هو اهم من التوصل الى اتفاق هو الالتزام الكامل بآليات تطبيقية دون تلكؤ، ويشترطون العودة فورا الى الحصار في حال حدوث اي عقبات في التطبيق من قبل ايران، لان ثقة الدول الست العظمى، مثلما يقول ممثلوها "شبه معدومة" بايران.

هناك ايران واحدة على مائدة المفاوضات يمثلها مفاوض واحد هو السيد ظريف، لكن هناك ستة مفاوضين، وستة وزراء خارجية على الطرف الآخر، بعضهم متشدد، مثل وزير خارجية فرنسا لوران فابيوسن وبعضهم يدعم الطرف الايراني مثل المفاوضين الروسي والصيني، وهناك من يحاول ان يكون في الوسط مثل المفاوض الالماني.

وبسبب تعدد الممثلين في الجانب الآخر فان هناك خلافات تطفو على السطح حول مسألة تلقائية العقوبات اولا، التي تصر عليها الولايات المتحدة وفرنسا، وضرورة العودة الى مجلس الامن في المقابل التي تطالب بها الصين وروسيا اللتان تملكان حق النقض “الفيتو”.

هناك خلافات تقنية اخرى حول تعديلات مفاعلي مجمع فوردو ومفاعل آراك، ولكنها تظل اقل صعوبة من الجوانب السياسية للاتفاق المتعلقة بآليات رفع الحظر، وربما آليات اخرى تتعلق بألملف السوري واليمني والعراقي ايضا.

الايرانيون لا يريدون الوقوع في الاخطاء نفسها التي وقع فيها العراق عندما سمح للاميركان بالتفتيش المطلق، واللقاء بخبراء وعلماء الذرة العراقيين، وهي متاهة ادت في نهاية الامر الى تجريم العراق، واغتيال علمائه، وغزوه تحت اكذوبة اسلحة الدمار الشامل، ناهيك عن خديعة كامب ديفيد التي كبلت مصر باتفاقات افقدتها سيادتها على صحراء سيناء، واخرجتها من الصف العربي، او خديعة اتفاقات اوسلو التي اعطت الاسرائيليين كل ما يريدونه من اعتراف وامن، وتركت الفلسطينيين عراة دون ورقة توت.

اجتماعات الساعات الاخيرة المقبلة ستكون حاسمة ولكن الشيء الوحيد المؤكد ان جميع الاطراف متفقة على امر واحد، وهو استمرارها لان البديل الآخر، وهو الحرب، مرفوض لكلفته الباهظة جدا، علاوة على ان نتائجه غير مضمونة.
“راي اليوم”

كلمات دليلية :