السلطة تلجأ إلى التهدئة خنوعاً لضغوط العرب والإسرائيليين!

السلطة تلجأ إلى التهدئة خنوعاً لضغوط العرب والإسرائيليين!
الثلاثاء ١٣ أكتوبر ٢٠١٥ - ٠١:٤٦ بتوقيت غرينتش

مشاكل الشعب الفلسطيني عديدة ومتشعبة، لكن الأكبر منها تتمثل في السلطة الفلسطينية المعزولة تماماً عن هذا الشعب، ومشاعره الإنسانية، والوطنية، وقضاياه المصيرية.

إستبشرنا خيراً عندما ذهب الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الأمم المتحدة شاهراً سيف المواجهة، ومتعهداً بتفجير قنبلة في خطابه الذي كان من المقرر إلقائه أمام الجمعية العامة، وجاء الخطاب حاملاً بالحقائق حول توحش الاستيطان، والاقتحامات المتواصلة للمسجد الأقصى، وهدد بعدم التزام السلطة بالاتفاقات الموقعة مع الإسرائيليين لأنهم لم يلتزموا بها.

إستبشارنا لم يدم طويلاً، وسرعان ما تنازل الرئيس عباس عن مضمون خطابه، وأصيب بحالة من الرعب من جراء اندلاع انتفاضة السكاكين في الأراضي المحتلة، وبات يتنصل منها، بحجة عدم رغبته في الانجرار إلى "مربع العنف"، الذي يريد بنيامين نتنياهو جره إليه.

عمليات الطعن استمرت في الأراضي العربية المحتلة في القدس وأراضي عام 48 المحتلة، علاوة على مدن في الضفة الغربية، وقطاع غزة، حتى وصلت إلى 16 عملية حتى الآن، بينما يبلغ عدد الشهداء أكثر من 25 شهيداً منذ مطلع الشهر الحالي.

الحكومات العربية حرصت على ممارسة ضغوط على الرئيس الفلسطيني من أجل التهدئة، وكان أول المتصلين السيد عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، الذي لم ينتظر سطوع الشمس لمهاتفة الرئيس الفلسطيني في هذا الخصوص.

لم يكن من اللائق أن يرد الرئيس عباس على مكالمته بنفسه، فالمسألة مسألة مقامات وكرامات، فلو كانت المكالمة من العاهل السعودي لفهمنا، وتفهمنا، ولكن أن تكون من وزير خارجيته، فإن الأعراف تقتضي أن يتولى أمرها وزير الخارجية الفلسطيني، أو من ينوب عنه، وقد يجادل البعض بأن السيد الجبير قد يحمل رسالة من العاهل السعودي يريد إيصالها إلى الرئيس الفلسطيني، ولا مانع في ذلك شريطة أن تكون عبر نظيره الفلسطيني، نسِأل بكل براءة، هل بمقدور السيد رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني أن يهاتف العاهل السعودي، وأن يرد العاهل السعودي على هذه المكالمة بنفسه؟!

نعرف جيداً الجواب، ولكن ماذا نقول في سلطة لا تقدر مكانتها وقيمتها، ومكانة وقيمة قضيتها في الوقت نفسه.

اليوم حملت إلينا الأنباء إقدام هذه السلطة على التهدئة تطوعاً، ودون أي مقابل، عندما أوقفت البث المباشر لتغطية فعاليات الانتفاضة، والمواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنيين، ومنعت الأغاني الوطنية، وقلصت نشرات الأخبار، إستجابة مع اتهامات نتنياهو لها بالتحريض.

هل أوقف نتنياهو اعتداءات المستوطنيين، وهل أطلقت شرطته النار عليهم، مثلما تفعل مع قاذفي الحجارة، وحملة السكاكين، وهل قدمت الحكومة الإسرائيلية نير بركات محافظ القدس المحتلة إلى المحاكمة لأنه أمر المستوطنين بحمل السلاح والتصدي للفلسطينيين؟

ممارسات السلطة هذه، وخنوعها للضغوط العربية والغربية، هي التي تؤدي إلى انفضاض العرب والأجانب عن القضية الفلسطينية، وعدم إقدام الحكومات العربية التي تقيم علاقات دبلوماسية تطبيعية إلى قطع هذه العلاقات، أو طرد السفراء كحد أدنى.

عندما يطلق الإسرائيليون النار على الشبان الذين طفح كيلهم، ولجأوا إلى السكاكين والحجارة، ولا ترد السلطة، والرئيس عباس، بتنفيذ وعوده بعدم الالتزام، وعدم الاستمرار في التنسيق الأمني كحد أدنى، فإن هذه السلطة، وهذا الرئيس، لا يستحقان أن يمثلان هذا الشعب البطل الشريف، المدافع عن مقدساته، وعقيدته وكرامة العرب، والمسلمين جميعا.

* "راي اليوم"