"جنيف" تركي ـ إسرائيلي: بنود "المصالحة" لم تكتمل

الأربعاء ٠٦ أبريل ٢٠١٦ - ٠٦:٤٠ بتوقيت غرينتش

لمواصلة البحث في سبل تسوية الخلافات بينهما وإعلان المصالحة التي تلح عليها الإدارة الأميركية وتتمناها الحكومتان في أنقرة وتل ابيب. ورغم كل مظاهر التقارب بين الحكومتين مؤخراً، بعد العملية الإرهابية في اسطنبول والعمليات الإرهابية في بلجيكا، لا يزال الخلاف يدور حول سبل فك الحصار عن غزة وإبعاد قيادات حركة «حماس» عن تركيا. ومعروف أن الطاقمين التركي والإسرائيلي أجريا مؤخراً العديد من الاجتماعات، وأعلنا عن حدوث تقدم، إلا أن المصالحة التي كثيرا ما تردد أنها على وشك التحقق، لا تزال بعيدة المنال.

وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن الاجتماع المقرر غدا في جنيف سوف يشكل حلقة مهمة في محاولات التجسير على المواقف بين الطرفين. ومعلوم أن العلاقات بين "إسرائيل" وتركيا، والتي كانت تعتبر استراتيجية، تردت بشكل كبير وانتقلت إلى حالة عداء بعدما سيطر الجيش الإسرائيلي قبل ست سنوات على سفينة مرمرة التي كانت تحاول كسر الحصار الذي تفرضه "إسرائيل" على قطاع غزة. وقادت الاتصالات بين الدولتين، خصوصاً في ظل إلحاح أميركي، إلى التوصل قبل شهور إلى مسودة اتفاق حول تعويض أسر الضحايا الأتراك في سفينة مرمرة وسن قانون يلغي الملاحقات القضائية التركية ضد المشاركين الإسرائيليين في اقتحام السفينة. لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض التوقيع على مسودة الاتفاق لأنها أشارت إلى ما يمكن أن يعتبر موطئ قدم لتركيا في قطاع غزة، وهو ما يغضب مصر وبعض الجهات الإسرائيلية.

ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤولين إسرائيليين كبار قولهم إنه في الأسابيع الأخيرة، وبعد جولة المفاوضات السابقة، تبادل مبعوث رئيس الحكومة الإسرائيلية، يوسف تشخنوفر، ونائب وزير الخارجية التركي فريدون سينيرلولو مسودات عدة لبنود الاتفاق بين الطرفين، لكن ليست هناك مسودة نهائية متفق عليها. وأوضحت الصحيفة أن الموضوعين المركزيين الباقيين من دون حل يتصلان بمطلب "إسرائيل" بوقف نشاط المقر القيادي العسكري لـ «حماس» في اسطنبول، والمطلب التركي بفك الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعاد التذكير بمطلب فك الحصار عن غزة في خطاب ألقاه في الأسبوع الماضي في معهد «بروكينغز» في واشنطن، حينما قال إن تركيا معنية بفك الحصار عن القطاع، وبتمكينها من إرسال سفينة لانتاج الكهرباء إلى هناك.

وفي هذا السياق، أكد مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى لصحيفة «هآرتس» أنه «في كل ما يتصل بقطاع غزة، لن تنال تركيا مكانة خاصة في القطاع رغم أن إسرائيل على استعداد للسماح لها بالعمل في القطاع وفقا للشروط ذاتها التي تعمل بها كل دولة أخرى تود تقديم مساعدات». وأشار المسؤول الإسرائيلي نفسه إلى أن مسألة أخرى بقيت على طاولة المفاوضات تتعلق بترتيب الخطوات بعد التوقيع على اتفاقية المصالحة. وأوضح أنه فقط بعد إغلاق كل الملفات التي فتحت في تركيا ضد جنود وضباط الجيش الإسرائيلي، ستدفع "إسرائيل" 20 مليون دولار إلى صندوق خيري، ومنه ستدفع التعويضات لعائلات الأتراك الذين قتلوا أثناء سيطرة القوات الإسرائيلية على سفينة مرمرة.

وأعرب المسؤول الإسرائيلي الكبير هذا عن تفاؤل حذر بشأن جولة المفاوضات المقبلة، موضحاً أن «هناك رغبة في إتمام الأمر». وأضاف «لم توجد طوال السنوات الست الماضية تصريحات إيجابية من جانب تركيا كالتي تطلق الآن. ونأمل إيجاد صيغة تسمح بالتوصل إلى اتفاق».

وكان الرئيس التركي قد أرسل في الأسابيع الماضية سلسلة من الرسائل إلى تل أبيب بشأن رغبته في التوصل لاتفاق المصالحة. وكانت بعض هذه الرسائل علنية، وبعضها الآخر عبر قنوات ديبلوماسية. وفي الأسبوع الماضي، التقى أردوغان في واشنطن برؤساء المنظمات اليهودية الكبرى، وقال لهم إنه يأمل التوصل لاتفاق مصالحة مع "إسرائيل" بأسرع وقت ممكن. كما أرسل أردوغان رسالة تعزية للرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين بعد عملية اسطنبول التي قتل فيها ثلاثة إسرائيليين. وبعدها هاتف ريفلين أردوغان وتحادثا حول العملية الإرهابية في اسطنبول، في أول محادثة مباشرة بين أردوغان ورئيس إسرائيلي منذ المحادثة التي جرت على هامش زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لـ"إسرائيل" في آذار 2013. وكان نتنياهو قد اعتذر في تلك المحادثة التي رتبها أوباما لأردوغان عن مقتل النشطاء الأتراك على سفينة مرمرة.

وسرى اعتقاد بعد مكالمة نتنياهو واعتذاره لأردوغان أن المصالحة بين الدولتين باتت وشيكة. لكن ها هي ثلاث سنوات مرت على تلك المكالمة ما يجعل الحديث عن أن المظاهر الإيجابية الحالية في العلاقات والتصريحات بين الطرفين ليست ضمانة مؤكدة لتحقيق المصالحة. ومعروف أن الولايات المتحدة تلح طوال الوقت للتوصل لاتفاق، رغبةً منها في دفع حليفيها الأقربين، "إسرائيل" وتركيا، للتعاون في مواجهة التطورات في المنطقة عموما وضد «داعش»( حسب تعبير الكاتب)، وفي سوريا خصوصاً. وكان آخر من تحدث في هذا الشأن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء زيارته الأخيرة لـ"إسرائيل".

حلمي موسى / السفير

109-2