هل حقاً إلتبس الأمر على أمريكا في سوريا؟

هل حقاً إلتبس الأمر على أمريكا في سوريا؟
الإثنين ٢٥ أبريل ٢٠١٦ - ٠٦:٤٤ بتوقيت غرينتش

في محطتين مهمتين من جولته الاوروبية وتحديدا في لندن وبرلين ، ادلى الرئيس الامريكي باراك اوباما بتصريحين في غاية الاهمية حول سوريا ، اثارا اهتمام المراقبين ، لانهما كشفا عن جانب كبير من سياسة واشنطن ازاء الحرب المفروضة على سوريا بعد خمس سنوات من اندلاعها.

التصريح الاول للرئيس الامريكي ادلى به الى قناة بي بي سي البريطانية ، والذي وصف فيه ارسال قوات برية الى سوريا من اجل اسقاط الحكومة  ب”الخطأ” معتبرا الحل الدبلوماسي هو السبيل الوحيد لتسوية الازمة السورية.

التصريح الثاني لأوباما، جاء في مؤتمر صحفي مشترك مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في مدينة هانوفر الألمانية ، حيث اكد ان ان من الصعب جدا اقامة منطقة عازلة في شمال سوريا على الصعيد العملي.

بالتزامن مع هذين التصريحين للرئيس الامريكي اوباما ، اعترف وزير خارجيته جون كري بان التمييز بين الإرهابيين ومسلحي المعارضة على ساحة القتال في سوريا غدا أكثر تعقيدا مما توقعته الولايات المتحدة.

وفي مقابلة معه نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز“، السبت 23 أبريل/نيسان، تطرق كيري إلى الوضع في حلب، مشيرا إلى أن المنطقة أصبحت معقلا لتنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي المتصل بتنظيم “القاعدة“، لكن تعمل هناك في الوقت نفسه مجموعات معارضة تحارب القوات السورية النظامية.

ولكن رغم هذا الاعتراف الواضح ، ناقض كري نفسه وفي نفس المقابلة عندما اعرب عن قلقه مما وصفه بـ“تعجل” موسكو ودمشق في سعيهما إلى القضاء على المجموعات الإرهابية على الاراضي السورية  ، كما أعرب عن “ريبة” واشنطن برغبة روسيا في محاربة الإرهاب في سوريا ، مكررا المقولة الامريكية إن الضربات الروسية تستهدف المعارضة المعتدلة.

من الواضح ان كري يعترف بوجود اراض شاسعة في سوريا بيد “داعش” و “القاعدة” ، ويعترف بتواجد “المعارضة المعتدلة” الى جانب القاعدة في سوريا ، ويعترف بصعوبة التمييز بينهم ، الا انه ينتقد روسيا لانها تستهدفهم ، ولسان حاله يقول لا يجب مس القاعدة لان مقاتليها يقاتلون الى جانب “المعارضة المعتدلة” ، بينما الحقيقة التي تهرب منها كري هو ان مقاتلي القاعدة في تحالف وثيق مع المجموعات الارهابية الاخرى التي تصنفها امريكا بانها معتدلة ، وهذا التحالف لم يعد سرا ، وقد تم الكشف عنه من قبل قادة المجموعات انفسهم .

المراقب لتصريحات اوباما وكري وباقي اعضاء الادارة الامريكية ، يعتقد للوهلة الاولى ان امر سوريا قد التبس على الامريكيين ، اما لسرعتها ، او لتعقيدها ، بينما الامر ليس كذلك بالمرة ، فامريكا تعرف قبل غيرها لماذا شُنت الحرب على سوريا ؟، وماهي اهدافها ؟، وماهي الوسائل التي استخدمتها في هذه الحرب؟، الا ان الامر الحقيقي الذي جعل التطورات في سوريا تلتبس على امريكا ، هو صلابة محور المقاومة والجيش والشعب السوري ودخول روسيا في هذه الحرب الى جانب محور المقاومة ، فالانتصارات التي حققها هذا المحور ، هو الذي احرق جميع الاوراق التي كانت بيد امريكا للعب بها في سوريا.

الحرب على سوريا لم يمر عليها عقود حتى يمكن ان ننسى يومياتها ، فهذه الحرب بدات قبل خمس سنوات ومازالت مستمرة ، وكلنا يتذكر كيف كان الرئيس الامريكي ووزير خارجيته كري ، يخرجون على الصحفيين بمناسبة او بدونها ليعلنا ، ان ايام الرئيس السوري معدودة ، وان على الاسد ان يرحل.

امريكا والغرب كانا يرفضان اي دور لتركيا في الحرب المفروضة على سوريا ، وكانا يغطيان على الدور التركي المدر في سوريا ، عبر فتح الحدود امام التكفيريين الارهابيين القادمين من اكثر من 80 بلدا في العالم ، وكانا يغطيان على معسكرات التدريب التي اقامتها تركيا للتكفيريين ، وعلى شحنات الاسلحة التي كانت تمولها السعودية وقطر والتي كانت تعبر الحدود التركية السورية ، وهي تحمل الموت والدمار للسوريين ، ولكن صمود محور المقاومة جعل امريكا تنقلب على حلفائها الاقليميين وتتهمهم بانهم وراء انتشار “داعش” والقاعدة في سوريا.

اخر انجازات تركيا ، تلك التي اعلنت عنها “داعش” مؤخرا ، عندما كشفت عن القائمة المعروفة ب”الحمراء” ، وهي قائمة الدواعش  المستعدين لتنفيذ عمليات انتحارية ، وجنسياتهم، وهؤلاء الانتحاريون لم ينزلوا من السماء على سوريا ، بل وفرت لهم تركيا كل التسهيلات من اجل الدخول الى سوريا والعراق ، لقتل الشعبين السوري والعراقي.

القائمة “الحمراء” كشفت عن جنسيات الانتحاريين القادمين من  أكثر من 70 دولة عبر العالم، وكانت الجنسية السعودية الأكثر عددا في قائمة “داعش” حيث بلغ عدد المنتمين إليها 579 تليها الجنسية التونسية بـ 559 ثم الجنسية المغربية بـ 240 ثم التركية بـ 212 ثم الجنسية المصرية بـ 151 ثم الجنسية الروسية بـ 141.

وأظهرت القائمة وجود 49 فرنسيا و38 ألمانيا و30 لبنانيا و26 بريطانيا و11 استراليا وسبعة كنديين وأمريكي واحد وموريتانيين ومالي واحد وكذلك النيجر وبنين.

لم يلتبس الامر على امريكا في سوريا كما يوحي بذلك كري ، بل هي الصفعات التي انهالت على مرتزقة امريكا وحلفائها في سوريا ، جعلت الادارة الامريكية تتلمس لهزيمة مرتزقتها الاعذار ، كما يفعل اوباما.

* جمال كامل/ شفقنا

213