تركي وعشقي و"اسرائيل"

تركي وعشقي و
الثلاثاء ٢٦ يوليو ٢٠١٦ - ٠٦:١٦ بتوقيت غرينتش

المطلوب الان، ومع بروز التحالف والتطبيع السعودي الإسرائيلي الى العلن، ان يقف العالم العربي والاسلامي، وقفة رجل، في وجه هذه الجرثومة المسماة السعودية، (ونعني النظام وليس الشعب)، بكل الأشكال اعلاميا وميدانيا وسياسيا وفكريا

قد يكون مشهد اللقاءات التي تجريها شخصيات سعودية مع الاسرائيليين في تل ابيب والخارج، جديدة على الراي العام، لكن جذورها ضاربة في اعماق تأسيس مملكة ال سعود .... اذ ان تأسيس هذا الكيان السعودي الدخيل على العالم الاسلامي، لم يكن ليكون، لولا ان تعهد ال سعود لأسيادهم البريطانيين المستعمرين انذاك بالكثير من الأمور أهمها:
- التعهد بالعمل على تدمير العقيدة الإسلامية الصحيحة عبر الإتيان بالفكرالتكفيري الوهابي ( تلاقح سياسة ال سعود مع الفكري التكفيري لمحمد بن عبد الوهاب بهدف هدم وتشويه صورة الإسلام الحقيقي الأصيل).
- التعهد بزعزعة وتقويض كيانات العالم الإسلامي على اختلافها وعلى رأسها "الخلافة العثمانية" ( حروب ال سعود كانت من بين الأسباب الرئيسية لهزيمة وسقوط "الخلافة" بفضل الأسلحة البريطانية النوعية.)
- التعهد بالقبول وبدعم وقيام وحماية الكيان الصهيوني المغتصب في فلسطين (الوثائق التاريخية منشورة وبينها وثيقة التعهد بخط الملك عبد العزيز ال سعود).
ولمن يرغب بالتاكد من صحة هذا الأقوال، عليه ان يقرأ قليلاً من التاريح حتى يكتشف ذلك.
مع هذه المقاربة البسيطة لا نستغرب، وقوف السعودية الى جانب الكيان الاسرائلي المحتل، ففي التاريخ الحديث، ولي العهد السعودي، فهد بن عبد العزيز (الذي صار ملكا فيما بعد)، قدم مبادرة للتسوية بين الصهاينة والفلسطينيين في قمتي جامعة الدول العربية في عامي 1981 و1982 في فاس بالمغرب، ومع سقوطها بفعل العدوان الصهيوني على لبنان واجتياجه عام 1982، عاد ولي العهد عبد الله بن عبد العزيز( الذي صار ملكا فيما بعد ايضا)، الى تقديم مبادرة جديدة للصلح الاحتلال الاسرائيلي، في قمة بيروت عام 2002، رفضها مباشرة حينها ارييل شارون وقال انها لا تساوي الحبر الذي كتبت به، ثم جاء بنيامين نتنياهو اليوم ليعلن ان المبادرة لم تعد مناسبة.
ولو كانت السعودية جادة فعلاً في دعم القضية الفلسطينية، وامام هذه الرفض الإسرائيلي لمبادراتها للصلح، فلماذا لا تقدم على تسليح المقاومة الفلسطينية ضد الإحتلال؟ واصلاً هل قدمت السعودية تاريخياً، ولو طلقة واحدة، للمقاومة منذ انطلاقها.....
ولماذا الدور السعودي دائما يبقى في اطار الضغط على الفلسطينيين، والسكوت عن الحروب والجرائم والمجازر التي ترتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني؟
دعاة حماية الإسلام ال سعود، اين هم من التهويد والتدمير الممنهج لأقداس المسلمين في القدس خاصة وفلسطين عامة؟
الأسئلة كثيرة وكثيرة جدا.... المهم ان على الراغب والباحث عن الحقيقة، ان يفكر موضوعيا وواقعيا، لا عاطفيا او مذهبيا او تعصبيا، فيصل الى الحقائق المرة عن تاريخ ال سعود وسياساتهم ضد مصالج الامة ...
فهم نشروا الفكر الوهابي التكفيري التخريبي في العالم كله وليس العالم الاسلامي فقط، هم سبب نشر الإرهاب باسم الاسلام في العالم، وهذا ليس قولنا بل قول سيدهم الرئيس الامريكي باراك اوباما...
هم من يدعمون الجماعات التكفيرية الإرهابية في الدول المقاوِمة للكيان الاسرائيلي في سوريا والعراق واليمن.
هم من يعلنون بكل وقاحة، تسليحهم للجماعات الإرهابية في سوريا، بذريعة دعم المعارضة المعتدلة، وهذه المعتدلة هي التي ذبحت مؤخرا الطفل الفلسطيني عبد الله عيسى من مخيم حندرات في حلب وقطعته اشلاء.
الامريكيون وعلى رأسهم هيلاري كلنتون هم من قالوا، انهم والسعوديون والخليجيون، هم من انشأوا القاعدة وداعش والنصرة وغيرهم من الجماعات التكفيرية. والشرح يطول...
المطلوب الان، ومع بروز التحالف والتطبيع السعودي الإسرائيلي الى العلن، ان يقف العالم العربي والاسلامي، وقفة رجل، في وجه هذه الجرثومة المسماة السعودية، (ونعني النظام وليس الشعب)، بكل الأشكال اعلاميا وميدانيا وسياسيا وفكريا، والكشف عن مخاطر واضرار هذه الزيارات التي يقوم بها الموفدون السعوديون الى تل ابيب، واللقاءات التي يعقدونها مع قادة الصهاينة سواء كان ذلك في داخل الكيان المغتصب او خارجه، ومن بينهم  تركي الفيصل او انور عشقي او غيرهم ... لا سيما ويدور الحديث الان عن ان وفدا برلمانيا صهيونيا سيدنس قريبا ارض مكة المكرمة والمدينة المنورة ارض الحرمين الشريفين، كما قال احد البرلمانيين الاسرائيليين.
على الشعب السعودي ان ينتفض في وجه هذه الوقاحة من نظام ال سعود، فهو المسؤول الأول عن احباط التطبيع السعودي الاسرائيلي واسقاط مخاطره عن فلسطين والأمة، لأن ما سينتج عن مخاطر التطبيع من جرائم ودماء عربية ومسلمة سواء في فلسطين وغيرها، سيكون في رقبته اولا، ويكون التعبير عن ذلك بكل الامكانيات المتوفرة.. باليد او باللسان او بالقلب وهو اقل الايمان...  ولا احد معذور اليوم في ظل وجود وسائل التواصل  الاجتماعي السلاح الفتاك في المعارك الإعلامية اليوم.
لا بد من شن حملة ادانة واستنكار واسعتين ضد هذه الزيارات وعمليات التطبيع، وحملات الترهيب التي تمارسها السعودية على قوى المقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلي ..
مع الاشارة الى ان ال سعود لم يتموضعوا تاريخيا الا ضد محور وقوى المقاومة.. ومثال ذلك حربهم على القائد جمال عبد الناصر لا يزال شاخصا في الأذهان....
وكذلك دعهم المطلق لصدام حسين في عدوانه على الثورة الإسلامية في  ايران التي حملت لواء تحرير فلسطين منذ انطلاقها ولا تزال تدفع ابهض الأثمان من اجل ذلك.
ومؤخرا وقوفهم الى جانب العدوان الاسرائيلي خلال تموز عام 2006 ضد المقاومة في لبنان، ودعمهم وتحالفهم مع الإسرائيلي للقضاء عليها، وتسخير شيوخ الفتنة لإصدار الفتاوى تحرم دعم المقاومة....والاسرائيل هو من كشف هذه المعلومات وليس محور المقاومة.... ومن يتجاهل هذه الحقائق  يكون احد امرين اما عميل او غبي جاهل وتكفيري متعصب...
ومؤخرا يشن ال سعود عدوانا عالميا على المقاومة ووصمها بالإرهاب خدمة للعدو الصهيوني.
ايضا التحريض السعودي المباشر ضد مصالح الأمة، يتمثل في الحرب التي تشنها المملكة على العقائد والفكر الإسلامي الصحيح.... ويظهر ذلك من خلال نشر الفكر الوهابي التكفيري في كل العالم، (بدعم غربي واضح وعلني من الغرب، حيث معظم المؤسسات "الإسلامية" المرخصة في العالم، هي وهابية) ونشر الفتنة والتحريض المذهبي، واختلاق ايران كعدو للأمة بدل العدو الاسرائيلي المغتصب لفلسطين، ومحاصرة محور المقاومة سياسياً وإعلامياً وثقافياً.
وما سبق يعني بشكل واضح ان السعودية انتقلت من مرحلة التحالف السري مع العدو الى التحالف العلني والعمل المباشر ضد مصالح الامتين العربية والاسلامية... وما الزيارات واللقاءات بين الطرفين الا عملية جس نبض للأمة وما اذا كانت تقبل بذلك او لا... لينتقل ال سعود بعدها لمرحلة  عقد الاتفاقيات والتسويات والتحالفات مع عدو الأمة الأول.
الان وبعد ان كشفت السعودية بشكل سافر عن وجهها الحقيقي، في محاربة قضايا الأمة والوقوف الى جانب الصهيوني، المطلوب من الفصائل الفلسطينية، الوقوف، وقفة تاريخية جادة ومسؤولة، لتندد وتشجب هذه الزيارات واللقاءات السعودية الإسرائيلية التطبيعية، وترفض مبررتها جملة وتفصيلا، وتحت أي ذريعة كانت، وترفض التطبيع بأي نوع وأي شكل من الاشكال كان. والا ستكون هذه الفصائل، موضع لعنة التاريخ والأمة، وعاقبة ذلك في الدنيا والاخرة وخيمة ....
ومن غیر المسموح لأي فصيل فلسطيني وتحت اي مبرر وذريعة، الصمت والسكوت عن جرائم تطبيع ال سعود مع العدو والا سيكون هو شريك في الجريمة لن يغفر له شعبه ذلك ابدا .....
ايضا المطلوب من الشعوب الإسلامية والعربية الحرة اليوم، وقفة مماثلة... والا فلا تَلعن شعوبُ اليوم شعوبَ الأمس التي وقفت متفرجة على اغتصاب واحتلال فلسطين، لأن الاثنين سيكونان سواء وشركاء في الجريمة... ولن نطالب الأنظمة العربية والأسلامية، لأن من يقف مع تحرير فلسطين واضح، اما البقية فمأيوس منها...
• د حكم امهز
208