الدلالة الرمزية لإستخدام الادارة الأميركية أم القنابل

الدلالة الرمزية لإستخدام الادارة الأميركية أم القنابل
الثلاثاء ١٨ أبريل ٢٠١٧ - ٠٥:٢٨ بتوقيت غرينتش

لقد تردد كل من الرئيسين السابقين للولايات المتحدة الأميركية في استخدام أكبر قنبلة تقليدية تمتلكها أميركا ضد أهداف عسكرية، فقد تخوف جورج بوش الإبن من استخدامها في حرب الخليج (الفارسي) الثانية وكذلك الرئيس أوباما لم يعطي القرار والضوء الأخضر لضرب مقرات مفترضة لإبن لادن قبل عدة سنوات، لكن بدأ الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب مرحلة حكمه بإستخدام قنبلة (جي بي تو 43) المعروفة بأم القنابل ضد هدف ليس استراتيجيا في المحصلة، إنما قتل بحسب مصادر أفغانية وأميركية ما يقارب مئة عنصر من تنظيم داعش.

العالم - مقالات

فلماذا هذا الاستعجال والحماس في استخدم هذه القنبلة، فعلى ما يبدو أنه استخدام تجريبي سياسي قبل أن يكون عسكريا، يكمن وراء إلقاءه على وادي يحتوي على أنفاق لمرور وإختباء عناصر من التنظيم الارهابي عدة أهداف سياسية، أبرزها:

1- إرسال رسائل فاقعة إلى العديد من الجهات تذكر من جديد بأن أميركا هي من تمتلك أقوى جيش وعتاد عسكري في العالم، ترجمة لأقوال يكررها ترامب في خطاباته وتصريحاته اليومية.

2- ترسيخ فكرة ومفهوم بأن أميركا ستستخدم هذه القوة العسكرية الضاربة بالتوازي أو حتى قبل العمل الدبلوماسي.

3- الوفاء لفكرة ترامب بإزالة "داعش" من عن وجه الأرض، ممارسة القوة والأسلحة غير الاعتيادية ضد مواقع الإرهاب العالمي.

4- تحذير لكل من روسيا والصين في طريقة مقاربتهم لملف كوريا الشمالية.
يأتي إنفجار هذه القنبلة كحدث إحتفالي لبدء سياسات أميركية راديكالية، فكأن القنبلة تدشن لمرحلة جديدة يمكن تعريفها وتوصيفها بمرحلة هيمنة الرأسمال المسلح على المشهد العالمي، هي مرحلة ذات علاقة بتعويم الإرهاب والتطرف الإسلامي، فضلا عن تراجع مساعي نشر الديمقراطية، وتلكوء لبرلة العوالم خارج أوربا وأميركا، فالقنبلة ذات علاقة بسلوك الادارة الجديدة، هذا السلوك المنحاز لاستخدام القوة العسكرية الثقيلة.

  يبدو أن الإدارة الأميركية الجديدة متجهة لتدشين مرحلة الرأسمالية المسلحة، عبر تجسيد عمق المتغيرات في منحى وسياسات الحزب الجمهوري، الأكثر قدرة على التجريب والمجازفة في السياسات الأميركية الخارجية. إذ أن الأيام التسعون الأولى من حكم ترامب قد حددت بصيغة ما الخطوط العامة للإستراتيجية الأميركية، التي ستستند على أدوات وعقول عسكرية في المقام الأول ومن ثم رأسمالية في الدرجة الثانية، بالتالي نحن لسنا أمام جنرالات يقودهم الساسة في واشنطن، بل قادة عسكريون يصنعون السياسة، فالإدارة الأميركية الجديدة تتجه لتكون عملية تزاوج بين المؤسستين العسكرية – الأمنية والمالية الرأسمالية.  حيث ستكون الإدارة الجديدة على الأرجح إدارة لمرحلة ما بعد ليبرالية الرأسمال العالمي، تخطيا لما أسست ومهدت لها العولمة تقنيا، إدارة تعمل على ترسيخ مرحلة يمكن تسميتها وتوصيفها بمرحلة الرأسمال المسلح (Reinforced Capitalism)، التي تأتي  في أحد أوجهها كرد فعل على عدم القدرة على ليبرلة العالم ولا حل المشاكل الرئيسية للمجتمعات المعاصرة سلميا.

بالتوازي مع حدث إلقاء أم القنابل على أفغانستان هل يشكل توجه حاملة الطائرات (كارل فنسون) مع إسطولها المرافق نحو كوريا الشمالية مناورة أم استعدادا حقيقيا للحرب؟ هل هي عملية تخويف أم تمهيد لتهيأة المناخات للحرب؟ ثمة أسئلة أخرى ذات صلة تحتاج لإجابات لتفسير المشهد العالمي.

خاصة أن أوساط من المجتمع الأميركي باتت تتقبل الحرب وتعمل على تعميمه عبر مقدمات وخطوات صريحة، فقد طالب أحد الضباط نتحوير وجهة الحرب نحو المكسيك، إذ "طالب شريف شرطة مقاطعة بتلر التابعة لولاية أوهايو الأميركية، ريتشار جونس، باستخدام أم القنابل للقضاء على عصابات المخدرات المكسيكية".

يظل موضوعا الحرب الواسعة وسيادة الرأسمال المسلح مرهونا ليس بإستخدام هذه القنبلة أو تلك على الرغم من دلالتها الرمزية، بل بطبيعة العلاقة القادمة بين أميركا وكل من روسيا والصين، حقيقة توافقهم أم تنافسهم، خاصة في ملفي سوريا وكوريا الشمالية اللذان سيساهمان في رسم الخط العام لسياسات الدول العظمى للمرحلة القادمة، فضلا عن مستوى إستخدام القوة العسكرية في الأشهر القادمة.

*آزاد احمد علي - اوقات الشام

102-4