التصعيد الإسرائيلي لفرض معادلات في قواعد الاشتباك، وردّ المقاومة

التصعيد الإسرائيلي لفرض معادلات في قواعد الاشتباك، وردّ المقاومة
الإثنين ١٦ يوليو ٢٠١٨ - ١٠:١٥ بتوقيت غرينتش

يواصل جيش الإحتلال الصهيوني تصعيده في قطاع غزة المحاصر على الرغم من قلق سلطات الإحتلال إزاء تصاعد العنف في غزة.

العالم فلسطين

يسود التوتر المصحوب بالتصعيد على حدود القطاع منذ بدء مسيرات العودة الكبرى في الثلاثين من آذار الماضي والتي وصلت ذروتها يوم النكبة في الرابع عشر من أيار باستشهاد عشرات الفلسطينيين وإصابة الآلاف برصاص قوات الاحتلال بالقرب من السياج الفاصل.

وفتحت جولة التصعيد المحدودة زمنياً الباب أمام محاولات لفرض اتفاق تهدئة في قطاع غزة. وتمثلت هذه المحاولات بالتدخل المصري والدولي لتثبيت اتفاق لوقف فوري لإطلاق النيران، على أمل استمرار المساعي والاتصالات عبر الوسيط الدولي، نيكولاي ملادينوف، والطرف المصري وأطراف عربية ودولية أخرى.

هنية: العدو لن يفلت من العقاب

وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية خلال كلمة له في تشييع الطفلين أمير النمرة  ولؤي كحيل إن دماء الأطفال الطاهرة لن تذهب هدرا ولن يفلت العدو من العقاب على أيدي مقاومتنا الباسلة وشعبنا المعطاء.

وأكد أن العدو يسعى لفرض معادلات في قواعد الاشتباك، لكن مقاومتنا تقف له بالمرصاد وتردّ عليه وتربك حساباته وتفرض معادلاتها العصيّة على الكسر.

وشدد في رسالة للعالم على أن رسالة مسيرات العودة هي إما أن يرفع هذا الحصار وإما ستواجهون مسيرات أشد وأعظم وأقوى، مضيفا "مسيراتنا مستمرة حتى تحقق كل أهدافها وفي مقدمتها إنهاء الحصار عن غزة".

وأضاف أنه في الوقت الذي يخطط فيه لتصفية قضية فلسطين يقف هذا الشعب ليقول لا لتصفية القضية ولا لصفقة ترمب ولا للتنازل عن القدس، ولا لشطب حق العودة ولا للاعتراف بالمحتل ولا للتفريط بشبر من أرض فلسطين.

واعتبر هنية أن "صفقة القرن ولدت ميتة ولن يجرؤ طرف أن يوافق على صفقة يرفضها شعبنا ومقاومتنا".

ويجد رئيس الوزراء كيان الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يقدم نفسه للإسرائيليين باعتباره رجل الأمن الأول القادر على مواجهة "حماس"، نفسه مضطراً إلى الأخذ بتعليمات وتوجيهات قيادة الجيش، التي تحذر من خطر الانزلاق نحو مواجهة شاملة في القطاع، مع تأكيدها أنه لا يمكن الذهاب لحرب جديدة لمجرد استمرار ظاهرة الطائرات الورقية الحارقة. 

صراع طويل لن ينتهي بضربة واحدة!

وقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الإثنين إن هناك "تبادلًا للضربات" مع قطاع غزة في الوقت الراهن، مشيرًا إلى أن ذلك "لن ينتهي بضربة واحدة".

وأضاف نتنياهو خلال لقائه برؤساء مجالس "غلاف غزة" في مستوطنة "سديروت" صباح اليوم، "لا أستطيع أن أعزي من تلقى الخسائر الكبيرة، ولكننا نعرف أننا نعيش صراعًا صهيونيًا متواصلًا".

وتابع "الصراع الذي نخوضه طويل ومتواصل، ولا أريد أن أقول لأحد إنه انتهى".

وفي سياق متصل، أكد نتنياهو إعطاءه أوامر لجيش الاحتلال بـ"العمل على وقف عمليات إطلاق الطائرات والبالونات الحارقة"، مشددًا على إصرار حكومته على وقفها.

وعكست تصريحات نتنياهو، أمام جلسة الحكومة الأسبوعية أمس الأحد، بأن إسرائيل وجهت إلى "حماس" ضربات قوية هي الأشد منذ عدوان "الجرف الصامد" في العام 2014، مع إشارته بشكل خاص إلى أنها لم توافق على استثناء إطلاق الطائرات الحارقة من اتفاق وقف إطلاق النار، حجم الضغط والحرج الذي تشكله هذه الأداة لنتنياهو في وجه الضغوط الداخلية في الائتلاف الحكومي.

فإن نتنياهو، قد يجد نفسه مضطراً، رغم تحذيرات إسرائيلية بأن أي تصعيد سيؤدي بالضرورة إلى حرب شاملة، للهروب إلى الأمام نحو تصعيد عسكري غير محدود، مع تزايد الضغوط الداخلية عليه لوقف ما يدعيه وزراء في اليمين المتطرف، وأقطاب في المعارضة، من تساهل في مواجهة "حماس"، والعجز عن تحقيق نتنياهو وليبرمان لوعودهما الانتخابية بإسقاط سلطة "حماس" وتصفية قادة الحركة.

وقد لفت، في هذا السياق الصحافي الصهيوني دان مرغليت، إلى أن الوضع الحالي يوجب على نتنياهو تغيير مواقفه المعلنة والكف عن الحديث عن شعار إسقاط سلطة "حماس". ويهدف اقتراح مرغليت إلى تخليص الاحتلال، خصوصاً نتنياهو من خلال استغلال الظروف القائمة حالياً، خصوصاً الاهتمام الدولي بما يحدث في القطاع. وبالرغم من موقف السلطة الفلسطينية، بقيادة محمود عباس الرافض لأي مشاريع لتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة، لمحاولة الوصول إلى اتفاق تهدئة أو تسوية طويلة الأمد، فإنه لن يكون هناك مفر، وفق المنطق الإسرائيلي، من الاتجاه نحو عملية حسم عسكري يكون ضمن أهدافها إسقاط سلطة "حماس" في القطاع، وفق ما قاله وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شطاينتس، للإذاعة الإسرائيلية قبل دقائق من اجتماع الكابينت السياسي والأمني.

في هذا الإطار, كشف تقرير موسع للمحلل العسكري أليكس فيشمان، في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية ،نشر مؤخراَ أن رئيس أركان جيش الاحتلال، الجنرال غادي أيزنكوت، أصدر قبل عدة أشهر أوامر بإدخال تعديلات على الخطط العملياتية الأساسية الجاهزة، كي تلائم وتوفر حلولاً للتهديدات العسكرية التي تفرضها حركة "حماس" وتشكّلها على إسرائيل من جبهتي سورية ولبنان. ويخشى الاحتلال أن تستهدف "حماس" المستوطنات الصهيونية في الجولان السوري المحتل من خلال الأراضي السورية، أو أن تسعى لاستهداف المستوطنات الحدودية في أعالي الجليل من داخل الحدود اللبنانية.

تشديد الضغوطات على فصائل المقاومة 

أظهرت إحصائية أولية تراجعا حادًّا في عدد شاحنات الأغذية والبضائع التي تدخل إلى قطاع غزة من معبر كرم أبو سالم، إذ وصلت إلى 171 شاحنة فقط خلال أسبوع، بعد قرار سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" حظر إدخال البضائع للقطاع كإجراء عقابي.

ويوم الاثنين من الأسبوع الماضي، تبنى بنيامين نتنياهو، توصيات قادة جيش الاحتلال بإغلاق المعابر مع قطاع غزة المحاصر منذ 11 عاما، بذريعة الحرائق التي تشتعل بتخوم البلدات الإسرائيلية بـ"غلاف غزة" الناجمة عن الطائرات الورقية والبالونات الحارقة التي تطلق من القطاع.

وحسب التعليمات تم حظر دخول وخروج أي شاحنات تجارية من وإلى القطاع، وذلك في محاولة من سلطات الاحتلال ممارسة المزيد من الضغوطات على فصائل المقاومة وحركة حماس، كما أن الإجراءات التي تم اتخاذها تشمل أيضا تضييق الحصار البحري على الصيادين، عبر إنهاء صلاحية توسيع مسافة الصيد في قطاع غزة لموسم الصيد في الأشهر الثلاثة الماضية إلى تسعة أميال بدلا من ستة أميال، والتي ستعود اليوم إلى ستة أميال، بحسب بيان الجيش.
 
ووفق صحيفة "هآرتس"، لوحظ تراجع حاد في عدد الشاحنات التي أدخلت إلى قطاع غزة مقارنة بالمعدل الشهري لشاحنات البضائع التي كان يسمح الاحتلال إدخالها للقطاع، فبعد قرار نتنياهو بإغلاق معبر كرم أبو سالم تم إدخال 193 شاحنة، بما في ذلك 171 شاحنة محملة بالأغذية والأدوية ومنتجات النظافة، إلى قطاع غزة.

ويوم الأربعاء من الأسبوع الماضي، كان من المفترض أن تدخل 641 شاحنة إلى قطاع غزة، لكن تم إلغاء دخول 418 شاحنة وتم إدخال 193 شاحنة في نهاية المطاف، وفق الصحيفة.

وإلى جانب 171 شاحنة للأغذية والأدوية، تم إدخال 22 شاحنة تحمل الوقود والسولار وغاز الطهي إلى المستشفيات ومرافق البنية التحتية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي. كما تم إدخال نفس العدد من الشاحنات في اليوم التالي.

ووفقا للإحصائيات التي حصلت عليها "هآرتس"، قبل إغلاق المعبر وحظر إدخال الشاحنات إلى قطاع غزة في 5 تموز الجاري، تم إدخال 508 شاحنة في يوم واحد، في حين بلغ الذروة اليومية في تموز 434 شاحنة.

تواصل مسيرات العودة 

هذا ويؤكد الفلسطينيون على ضرورة استمرار مسيرات العودة الكبرى وشاركت آلاف منهم يوم الجمعة الماضي مثل أيام الجمعة في الأسابيع الماضية في مسيرات العودة في جمعة الوفاء للخان الأحمرـ وهي منطقة تجمع بدوي شرقي مدينة القدس المحتلة ـ يهدد الكيان الصهوني بهدمها وترحيل أهلها وأدت المواجهات مع قوات الاحتلال على جانب الحدود الى استشهاد شابين فلسطينيين في الخامسة عشرة والثامنة عشرة من عمرهما إضافة إلى إصابة (220) آخرين بجروح مختلفة.

ومنذ ليل السبت، شنّت طائرات الإحتلال الإسرائيلي سلسلة من الغارات على مواقع متفرقة بقطاع غزة، تسببت باستشهاد طفلين وإصابة 25 فلسطينيا.

ومنذ فجر أمس الأحد، شنّت طائرات الإحتلال غارتين على قطاع غزة، بعد التوصل إلى تفاهمات "وقف إطلاق نار" بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي بوساطة مصرية مساء السبت.

أعلن الناطق باسم جيش الإحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في بيان أن طائرة عسكرية أغارت على خلية تابعة لحركة حماس، بزعم إطلاقها بالونات من شمالي غزة باتجاه الأراضي المحتلة.

وذكر المتحدث باسم جيش الإحتلال للقناة العاشرة الإسرائيلية أن قوات الجيش مستمرة في عمليتها العسكرية في قطاع غزة، خاصة مع سقوط أكثر من 100 قذيفة وراجمة من القطاع على المستوطنات المحاذية للقطاع.

تشييع الطفلين الفلسطينيين في غزة

شيع مئات الفلسطينيين في مدينة غزة أمس جثماني الشهيدين الطفلين أمير النمرة 15عام ولؤي كحيل 16 عام الذين استشهدا جراء استهداف طائرات الاحتلال الاسرائيلى مبنى الكتيبة وسط غزة بأربعة صواريخ السبت.

وانطلق موكب تشييع الشهيدين من مجمع الشفاء الطبي إلى بيوت ذويهم لإلقاء نظرة الوداع عليهم قبل أن موارتهما الثرى، كما ندد المشاركون بجريمة استهداف الأطفال مطالبين الفصائل الفلسطينية بالرد على الجريمة.

وفي كلمة إلى الآلاف الذين حضروا جنازة المراهقين، تعهد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بمواصلة احتجاجات غزة والثأر للمراهقين.

وأكد إسماعيل هنية في كلمة ألقاها في مسجد عبدالله عزام قبل صلاة الجنازة على الشهيدين” أن دماء الشهداء لن تذهب هدرا ولن يفلت الاحتلال من العقاب.

وشدد هنية على استمرار مسيرات العودة حتى تحقيق أهدافها وفي مقدمتها كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 12 عاما .

المقاومة الفلسطينية ترد وتتوعد

وازاء ذلك، لم تقف المقاومة الفلسطينية مكتوفة الأيدي، فقد أطلقت من غزة عددا من الصواريخ التي اصابت ثلاثة مبان في (نتيف عهسرا، وأشكول) جنوبيَ الأراضي المحتلة ، فيما زعم جيش الاحتلال إن ما تسمى منظومة (القبة الحديدية) اعترضت ستة صواريخ من أصل (31) أُطلقت مؤخرا من غزة باتجاه (عسقلان) والمستوطنات المتاخمة للقطاع.

من جانبه، قال الناطق باسم حركة حماس فوزي برهوم: "إن التعامل الفوري للمقاومة مع تصعيد الاحتلال والرد عليه بقوة يعكس حالة الوعي والوضوح الكبير لديها" مؤكدا ان الهدف من الهجمات الفلسطينية هو ضمان تشكيل حالة توازن ردع سريعة وكافية لإجبار العدو على وقف التصعيد وعدم التمادي في الاستهداف.

وأجبر الرد القاسي من جانب المقاومة الفلسطينية, كيان الاحتلال الإسرائيلي الى رفع القيود المفروضة على المنطقة الحدودية مع قطاع غزة يوم الأحد، ما يشير إلى قبولها اتفاقا لوقف إطلاق النار لإنهاء جولة مكثفة من القتال على مدار الساعة مع حركة حماس، كانت تنذر باندلاع حرب.

كان جيش الاحتلال قد أغلق شاطئا شهيرا في غزة وفرض قيودا على تجمعات الحشود الكبيرة، حيث بقي معظم السكان على مقربة من منازلهم السبت.

وقال جيش الإحتلال أن المخيمات الصيفية ستعمل كالمعتاد ويمكن للمقيمين استئناف حياتهم اليومية.

ملادينوف يطالب بوقف إطلاق النار في غزة 

دعا منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، یوم أمس، الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة والجانب الإسرائيلي بـ"التراجع عن الحافة (حافة حرب حقيقية)، ووقف التصعيد الحاصل".

وقال ميلادينوف، خلال مؤتمر صحفي عقده في مقرّ مكتبه بمدينة غزة:"ان منظمة الأمم المتحدة لن تغادر قطاع غزة إنما ستزيد من تواجدها داخله كي تكون أكثر فاعلية وقوة في تزويد الفلسطينيين بالمساعدات".

وأكّد أن "بالأمس كنا على حافة حرب حقيقية، هذه المواجهة لا أحد يريدها ولا أحد يرغب بها، وسيخسر بها الجميع".

وكشف عن وجود "جهود كبيرة من أجل إبعاد شبح الحرب عن قطاع غزة".

كما عبّر ميلادينوف عن استيائه لتدهور الأوضاع السياسة وتوقف مباحثات المصالحة الفلسطينية بين حركتي "فتح" و"حماس".

وقال:" يجب احياء المباحثات التي تعيد الوحدة بين القطاع والضفة الغربية بحكومة واحدة ونظام سياسي واحدة وسلطة واحدة وسلاح واحد".

وأكّد على أن الدولة الفلسطينية لا يمكن أن تُقام بدون "قطاع غزة، ولا يمكن إنشاء دولة بغزة فقط".

وحذّر ميلادينوف من خطورة الأوضاع الإنسانية التي يعاني منها الفلسطينيون في قطاع غزة قائلاَ اننا نواصل العمل بتقارب أكثر من زملائنا في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا، في ظل الأزمة المالية التي يعانون منها".

وتعاني الوكالة الأممية من أزمة مالية خانقة جراء تجميد واشنطن 300 مليون دولار من أصل مساعدتها البالغة 365 مليون دولار.

وتقول الأمم المتحدة إن "أونروا" تحتاج 217 مليون دولار، محذرة من احتمال أن تضطر الوكالة لخفض برامجها بشكل حاد، والتي تتضمن مساعدات غذائية ودوائية.

وتأسست "أونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وهي: الأردن، سوريا، لبنان، الضفة الغربية وقطاع غزة.

وحتى نهاية 2014، بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في المناطق الخمس نحو 5.9 ملايين لاجئ، حسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء (حكومي).