لماذا تعرقل " القوات اللبنانية " تشكيل الحكومة؟

لماذا تعرقل
الخميس ١٨ أكتوبر ٢٠١٨ - ١١:١٩ بتوقيت غرينتش

بات معروفا أن العقدة الداخلية الأساسية التي تعرقل اليوم تشكيل الحكومة في لبنان هي عقدة "القوات اللبنانية " بزعامة سمير جعجع، خصوصا بعدما أبدى النائب السابق وليد جنبلاط مرونة في الحصة الدرزية، وإيحائه بامكانية التنازل عن شروطه لتسهيل عملية التأليف.

العالم - تقارير

الا ان "القوات"  لاتزال تتمسك في أن يكون لها أربعة وزراء بحقائب من بينها وزارتا الطاقة أو الأشغال العامة والنقل، وذلك تعويضا عن تخليها عن الحقيبة السيادية وعن منصب رئيس الحكومة.

وكشفت مصادر معنية بمفاوضات تأليف الحكومة أن الصيغة التي سيطرحها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري على الكتل السياسية في الأيام القليلة المقبلة، تستند إلى تقسيم المقاعد الحكومية وفق الصيغة المعروفة: عشرة مقاعد لرئيس الجمهورية و​"التيار الوطني الحر"​ وحلفائه في تكتل "​لبنان القوي​"، ستة مقاعد لرئيس الحكومة، ستة مقاعد لحزب الله​ و​"حركة أمل"​، أربعة مقاعد لـ"القوات اللبنانية"، ثلاثة مقاعد للنائب السابق ​وليد جنبلاط​، ومقعد لـ"​تيار المردة"​.

وأشارت مصادر لصحيفة " الاخبار" إلى أن هذه  الصيغة تصطدم بكيفية توزيع الحقائب، في ظل تمسّك "القوات" بثلاث حقائب "وازنة" ومنصب نائب رئيس الحكومة "على الأقل"، في مقابل رفض "التيار الوطني الحر" ذلك.

مصادر رفيعة المستوى في "التيار الوطني الحر" قالت  إن رئيس "القوات" سمير جعجع  يصر على عرقلة تأليف الحكومة لضرب العهد ( عهد رئيس الجمهورية ميشيل عون ) ، "كونه يرى في نجاح العهد خطراً على طموحاته في المعارك التي سيخوضها مع وزير الخارجية  جبران باسيل مستقبلاً".

وقد قام سمير جعجع  خلال الشهور الماضية بلقاءات مع الرئيس المكلف سعد الحريري خصوصا بعد التسريبات التي تحدثت عن إمكانية قبول رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر باعطاء القوات منصب نائب رئيس الحكومة من دون حقيبة، ووزير دولة إضافة الى حقيبتين واحدة "وازنة" والثانية عادية.

وقد كثرت التساؤلات بعد اللقاءات لجهة: هل قدم الحريري الى جعجع هذا العرض بشكل رسمي؟، وهل سترضى القوات به؟، أم أن جعجع أبدى إعتراضا على الصيغة الجديدة؟، وكيف يمكن للحريري أن يرضي القوات الموصى بها سعوديا؟.

وبات معروفا أن الرئيس الحريري يحرص على إرضاء القوات، وتلبية ما أمكن من شروطها، خصوصا أنه يدرك أن ذلك يرضي السعودية التي أوحت للرئيس المكلف منذ البداية بضرورة تنفيذ رغبات القوات والحزب التقدمي الاشتراكي، كما يحرص الحريري على عدم إثارة غضب رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر حرصا على التسوية الرئاسية التي من المفترض أن تجعله رئيس حكومات عهد ميشيل عون، ما يجعله بين ناريّ طرفين مسيحيين تدور بينهما حربا باردة تنعكس تعطيلا لعملية التشكيل.

واشارت المصادر القواتية المطلعة الى أن قبول العرض أو رفضه يخضع للوزارات التي سيتم عرضها، لافتة الانتباه الى أن القوات لم تكن موافقة على الصيغة التي رفعها الحريري الى رئيس الجمهورية كونها تتمسك بحصولها على حقيبة من إثنتين الطاقة أو الأشغال، كما أنها لم تطالب بوزارة التربية.

وتؤكد هذه المصادر أن القوات لن ترضى بمنصب نائب رئيس الحكومة بدون حقيبة، خصوصا أنه قبل الانتخابات النيابية عندما كان لديها ثمانية نواب فقط، حصلت على منصب نائب رئيس الحكومة مع وزارة الصحة، وعلى وزارتي الاعلام والشؤون الاجتماعية ووزارة دولة، فكيف ترضى اليوم بعدما أصبح لديها 15 نائبا بأقل من ذلك، علما أن "تفاهم معراب" أوصى بالمناصفة بين الطرفين، وبالتالي فهي قدمت كثيرا من التنازلات ولم يعد بمقدورها تقديم المزيد.

وتضيف المصادر نفسها: القوات تنتظر أن يقدم لها عرض كامل وبشكل رسمي، وعندها ستبحث الأمر في الهيئة التنفيذية وبناء على ما ستقرره الهيئة يمكن أن تقبل أو أن ترفض، لكن في كل الأحوال هي لن ترضى بأقل من نائب رئيس الحكومة مع حقيبة، مع ثلاث حقائب من بينها حقيبة أساسية، وعلى المعنيين بتشكيل الحكومة أن يتحملوا مسؤولية عدم إعطاء القوات الحصة التي تتناسب مع حجمها النيابي".

وقال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني جوزيف  أبو فاضل، أنّ حقيبة الدفاع لا يمكن أن تُسنَد إلى ​القوات اللبنانية​، لأنّه كان هناك تشنّج بين ​الجيش​ والقوات طيلة الفترة الماضية، مشيراً إلى أنّ ممارسات القوات تجاه العهد كانت سلبية جداً، وخصوصاً تجاه الوزير جبران باسيل، مشدّداً على أنّ اتفاق ​معراب​ بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر لتقسيم الحقائب السيادية بين المسيحيين وهي، الخارجية، الدفاع، المال والداخلية انتهى ولم يعد يساوي شيئاً.

واعتبر أبو فاضل أنّ لا نوايا صادقة من القوات تجاه التيار، كما أنّ الثقة ضُربت بين الفريقين، لافتاً إلى أنّ معركة ​رئاسة الجمهورية​ فُتِحت باكراً، وقال إنّ رئيس الجمهورية يعتبر أنّهم يحاولون تطويق وإسقاط الوزير باسيل بعملية ترشحه لرئاسة الجمهورية.

وشدّد أبو فاضل على أنّ الاتفاق بين القوات و​التيار الوطني الحر​ كان اتفاقاً تاريخياً أدّى إلى تهدئة الشارع، لكن القوات يتناغمون مع أيّ فريق آخر إذا كان ضدّ العهد، وهم يعتبرون أنّ الاتفاق يعني ضمنياً أنّ جعجع هو من يفترض أن يصل إلى الرئاسة بعد عون.

وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ القوات اللبنانية تريد ​وزارة الخارجية​ من خلال مطالبتها بالحصول على حقيبة سيادية، ملمّحاً إلى إمكان عدم مشاركة القوات في الحكومة إذا لم تحصل على وزارة الخارجية. ولفت رداً على سؤال، إلى إمكان أن يتنازل الوزير جبران باسيل عن الخارجية في حال حصل التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية على الثلث الضامن.

وقد التقى رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري مؤخرا الرئيس عون في قصر بعبدا  لمناقشة  تاليف الحكومة والاستمرار في الاتصالات للاسراعِ بعملية تشكيلها .

ووفقا للمصادر الاعلامية اللبنانية فان “اجتماع عون – الحريري ناقش صيغاً بديلة عن الصيغة التي قدمها الحريري إلى الرئيس عون في 3 أيلول الماضي”، وجرت  المواءمة بين الأفكار المطروحة وخصوصاً في ما يتعلق بتوزيع الحقائب، ما يعني أن هناك تقدماً حصل وقبولاً من الأطراف المعنيين بتليين مواقفهم حول حصصهم في الحقائب، لكن الأمور تستلزم مزيداً من الاتصالات خلال الأيام القليلة المقبلة قبل لقاء الرئيسَين.

وأشارت المصادر الى أن الرئيس الحريري لم يجلب معه صيغة جديدة ولم يتم نقاش أسماء الوزراء، بل لا زال الأمر عالقاً عند توزيع الحقائب،

واضافت المصادر ان اللقاء كان إيجابياً على رغم ان الحريري لم يحمل تشكيلة شبه نهائية، وإن الرئيسين عرضا لصيغ مختلفة للتركيبة الحكومية.

وخلصت المصادر الى أن الاولوية عند الرئيس عون هي تشكيل الحكومة في اقرب وقت ممكن.