في ظل شروط "القوات اللبنانية"..

كيف ستشهد الحكومة اللبنانية النور في الأيام القادمة؟

كيف ستشهد الحكومة اللبنانية النور في الأيام القادمة؟
السبت ٢٠ أكتوبر ٢٠١٨ - ١١:٠٧ بتوقيت غرينتش

نشرت صحيفة الأخبار اللبنانية مقالا تحت عمود "المشهد السياسي" عنوانه : "القوات تكبل الحريري: طارت الحكومة؟".. وتطرق المقال الى الاوضاع السائدة في لبنان خاصة الأجواء السلبية التي هيمنت مساء أمس على الحوارات التي جرت بين قادة التيارات السياسية في لبنان. واليكم نص المقال.

العالم- لبنان - مقالات

ووضعت عقدة تهديد القوات اللبنانية بالخروج من الحكومة تمسّكاً بوزارة العدل، الرئيس المكلّف سعد الحريري أمام الخيار الأصعب: وقف عملية التأليف. أجواء ليلة أمس كانت سلبية للغاية، وسط الحديث عن رفض سعودي وأميركي لحكومة لا تتمثّل فيها القوات ويكون لحزب الله وحلفائه اليد الطولى فيها

لم تنجح جرعات التفاؤل التي وزّعها على مدى الأيام الماضية رئيسا الجمهورية ميشال عون والحكومة المكلّف سعد الحريري عن قرب تشكيل الحكومة. وعلى العكس، أصيبت عملية التأليف أمس بانتكاسة كبيرة، تمثّلت برفض حزب القوات اللبنانية العرض الذي قدّمه عون والوزير جبران باسيل، واستمرارهما على التمسّك بحقيبة العدل، مما دفع القوات إلى إبلاغ الحريري رسمّياً عدم مشاركتها في الحكومة من دون الحصول على «العدلية».
وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، كانت غالبية المصادر المعنية بمفاوضات التأليف تؤكد لـ«الأخبار» أن عملية التأليف دخلت في سبات عميق، ما لم يطرأ تبدّل على موقف الأطراف، تحديداً تراجع عون أو القوات عن تمسّك كل منهما بحقيبة العدل.
التطوّرات الأخيرة كانت مدار بحثٍ في منزل الحريري مساء أمس، بعد أن أبلغ الوزير ملحم الرياشي الرئيس المكلف رسالة رسمية من رئيس القوات سمير جعجع، باعتكاف القوات عن المشاركة بالحكومة ما لم تحصل على حقيبة العدل، ورفض الحزب الحصول على حقائب الشؤون الاجتماعية والثقافة والعمل ومنصب رئيس الحكومة بلا حقيبة. وسريعاً، ردّ الحريري بأنه لن يشكّل حكومة من دون القوات، بحسب مصادر الأخيرة، قبل أن تعمل مصادره ليلاً على تسريب هذا الموقف إلى أكثر من وسيلة إعلامية.
الأكيد، أن عقدة تمثيل القوّات، وضعت الحريري وفريقه تحت ضغطٍ كبير. إذ نقلت مصادر مقرّبة من الرئيس المكلّف أن «السبل أمامه الآن مسدودة، وهناك حالة من الضّياع في التعامل مع الموقف». إذ إن أجواء القصر الجمهوري والتيار الوطني الحر في الأيام الماضية، كانت تؤكد بأن الحريري قد يسير في عملية التشكيل ولو من دون القوات، مراعاة للعلاقة مع رئيس الجمهورية والتزاماً بالتسوية الرئاسية، خصوصاً في ظلّ الضغوط التي يتعرّض لها لبنان. لكن تبيّن بعد موقف القوات الصارم، أن الحريري لا يمكنه السير بالحكومة من دون جعجع ومواجهة ما قد يترتب عن هذا الخيار سعوديّاً وأميركياً، بعد أن ظهر الموقف السعودي واضحاً خلال الأشهر الماضية بعدم تأليف حكومة لا توافق عليها القوات والنائب السابق وليد جنبلاط. وبدأ أكثر من مصدر مطّلع على مفاوضات التأليف، الحديث بصورة جدية عن تصعيد أميركي تجاه لبنان في حال جرى تشكيل حكومة يكون لحزب الله وحلفائه اليد الطولى فيها، الأمر الذي زاد إرباك الحريري.
ومما لا شكّ فيه، أن تراجع جنبلاط خلال الأيام الماضية عن التمسّك بموقفه تسمية ثلاثة وزراء دروز، جعل موقف القوات صعباً، ودفع برئيس الجمهورية إلى رفع السقوف في مواجهتها وعدم التراجع عن التمسّك بحقيبة العدل. علماً أن الحريري كان سبق أن أبلغ القوات وآخرين أن باسيل لا يمانع أن يمنح القوات حقيبة العدل، وهو الأمر الذي أعطى الإشارة الإيجابية لانطلاق عملية التأليف، بعد جمود الأشهر الخمسة الماضية.

 

عقدة تمثيل سنة 8 آذار مسألة جدية على عكس ما يظن الحريري

والأجواء السلبية أيضاً انسحبت على العقد الأخرى. إذ إن القوات اللبنانية، وإزاء التشنّج الحاصل، عادت لترفض مسألة وزير من دون حقيبة والمطالبة بأربع حقائب، وبتمثيلها بوزيرين مارونيين وآخرين أورثوذكسيين، وهو تعقيد جديد يضاف إلى عقدة وزارة العدل. وفيما عاد باسيل إلى رفض منح وزارة الأشغال لتيار المردة، ظهرت بقوّة مجددّاً مسألة تمثيل سنّة 8 آذار بمقعد وزاري. ويقول مصدر مطّلع أن الحريري لم يكن يتعامل بجديّة مع مسألة تمثيل سنّة 8 آذار، وهذه مشكلة وقع فيها، إذ إنه في كلّ المعايير التي طرحت حول التمثيل، يكون لزاماً أن تتمثّل هذه القوى، طالما أنها تمثّل على الأقل 27% من نسبة الناخبين السّنة، ولديها تجمّع يضم خمسة نواب على الأقل. ومساءً، قال النائب فيصل كرامي إنه «لا حكومة من دوننا».

نصرالله متفائل بحذر
بدوره، أشار الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله إلى وجود «تفاؤل كبير وتقدّم مُهّم» في ما خصّ اقتراب تشكيل الحكومة الجديدة، إلا أنّه بقي مُلتزماً الحذر، «فلا ننصح أحداً أن يضع مُهلاً زمنية إذ لا تزال هناك مسائل عالقة، تختص بالحقائب الوزارية»، مُشيراً إلى أنّ «الحكومة يجب أن تتشكّل لأنّ البلد بحاجةٍ إليها».
واعتبر أنه «إذا افترضنا وجود إذن خارجي بتشكيل الحكومة، ولا معلومات لدّي بذلك لأنّ هناك معلومات متناقضة. طبعاً بالنسبة إلى فريقنا، لا أحد يقول لنا لا تُشكلوا حكومة. من يقول لا للتشكيل هو إما الأميركي أو السعودي». وأكد أنّ إيران «لا تتدخل بالشأن الحكومي». لم يستطع نصرالله أن يجزم ما المانع من تشكيل الحكومة، ولكن «الواضح أنّ التعقيد داخلي، من خلال التكلم عن الأحجام والحقوق». وأضاف أن العقدة الأساسية التي حصلت منذ البداية، «عدم الاتفاق على معايير واحدة لعملية التشكيل، والمطلوب من الكلّ التعاون والتواضع، فثنائي حركة أمل - حزب الله، تواضعا منذ اليوم الأول». موضحاً أنّ حزب الله لا يتدخل بالتشكيل وتوزيع الحقائب والحصص، «هذا النقاش بشكل أساسي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المُكلّف، نحن نُعبّر عن رأينا ولكن الملّف ليس لدينا». ونفى أن يكون قد التقى باسيل أو أنّه أبلغه ضرورة تشكيل الحكومة وتقديم تنازلات قبل بدء العقوبات الأميركية على إيران، «نحن لا نملي على التيار ولا على رئيس الحكومة ولا على القوى السياسية». وأكد نصرالله أنّه «لا يجوز أن يكون تشكيل الحكومة معركة تكسير رأس وتصفية حسابات وفرض أحجام على حساب البلد. نعم اليوم الأمور وصلت إلى جدية عالية والمطلوب من الجميع أن يتعاون ويتواضع». وشدّد على ضرورة الابتعاد في المفاوضات عن الإعلام.