بعد دعس المسلحين اتفاق سوتشي..

كيف ستعيد الدول الضامنة السلام إلى أرض إدلب؟

كيف ستعيد الدول الضامنة السلام إلى أرض إدلب؟
الأربعاء ٢٤ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٩:٠٠ بتوقيت غرينتش

بالرغم من إعلان بعض الجماعات المسلحة وفي مقدمتها "جبهة النصرة" الارهابية عدم استجابتها لاتفاق سوتشي، الذي ينص على نزع السلاح وايجاد منطقة منزوعة السلاح في إدلب، تواصل الدول الضامنة لمحادثات آستانة لإعادة الامن والسلام الى سوريا جهودها، لإعادة سيادة الحكومة الشرعية تدريجيا على محافظة ادلب، دون وقوع أضرار أو حدوث مشاكل كبيرة.

العالم- سوریا- تقاریر

ومنذ انطلاق اتفاق سوتشي عملت الدول الضامنة (روسيا وايران وتركيا) على ايجاد ممرات آمنة ومناطق قليلة التوتر لتفسح المجال اكثر للحلول السلمية والمحادثات والمصالحات السورية-السورية، حتى ان تركيا حاولت إظهار إنسحاب بعض القطعات الخفيفة للجماعات المسلحة بأنها بداية لانسحاب كامل للأسلحة الثقيلة من المدينة، لكن إعلان "جبهة النصرة" وقبل يومين من انتهاء الفترة المحددة لإخراج الاسلحة الثقيلة من المنطقة، أعاد التوترات الى مربعها الاول. وقد ازدادت الأمور سوءا بعد ان قامت النصرة، بنقل كميات كبيرة من المواد الكيميائية بما فيها غازي الكلور والسارين من بلدة "معرة مصرين" بريف إدلب الشمالي إلى منطقة "جسر الشغور" بعيد إنتهاء الفترة المحددة لنزع السلاح من المنطقة. كما ان مصادر سورية محلية واستخبارات الجيش السوري اكدا تخزين الجماعات المسلحة لأسلحة نصف ثقيلة وثقيلة في مخابئ وأنفاق حفروها تحت المنطقة التي كانت من المقرر ان تصبح منزوعة السلاح بدءا من الخامس عشر من تشرين الاول/اكتوبر الجاري، وتتحكم بها دوريات روسية تركية بالتعاون مع قوات الجيش السوري.

وإذا ما أخذنا بنظر الإعتبار الجهوزية المتوقفة للجيش السوري للبدء بعمليات تحسم الحالة وتقرر مصير ادلب، فإن الشواهد تؤكد إحتمال اندلاع حرب قد تأتي على الاخضر واليابس على أقل تقدير حسب المعطيات الموجودة على الأرض. إلا أن هناك جهودا خلف الأبواب المغلقة تبذلها الدول الضامنة لتفادي وقوع مثل هذه الحرب، لسحب البساط من تحت أرجل القوى المتربصة بالمنطقة والدول العميلة لها. وفي هذا الصدد يمكن الاشارة الى اجتماع كبار الخبراء ومساعدي الخارجية للبلدان الضامنة في موسكو خلال يوم امس واليوم، اي الاجتماع الذي يؤكد إعادة بسط السيادة السورية على المحافظة الشمالية لسوريا، وإنهاء الإنقسام الذي افتعلته الجماعات المسلحة فيها. لكن وجود الجماعات المسلحة الدخيلة على سوريا، والميليشيات الموالية لتركيا، وبعض الجماعات المسلحة المدعومة أميركيا، شرقي الفرات لن يسمح بإعادة الأمن والسلام لهذه المحافظة السورية وأريافها. ما يدفع الدول الضامنة للضغط على الجماعات المسلحة وتكريس الاجتماعات الثلاثية ومتعددة الاطرف اضافة الى محادثات ثنائية قد تجري حتى نهاية اليوم بين الجانبين التركي والروسي لوضع حد للجماعات المسلحة التي لاترضخ لخلع السلاح.

ويبدو ان الجانبين الروسي والتركي سيوافقان بالتالي على المشروع الايراني القاضي بنزع السلاح من كل الجماعات المسلحة الموجودة على ارض ادلب لتتمكن الدول الضامنة من ترسيخ الامن وتسيير الدوريات الروسية التركية المشتركة، وبعد ذلك تفتح الممرات الانسانية وتمهد لخروج الجماعات التي لاتوائمها الاوضاع، وتغادر ادلب دون وقوع مجازر او خسائر في الارواح. هذا التفاؤل الايراني بالنجاح بهذه الخطة يبدو أنه سيكمل مسيرة التوافقات المطروحة على الطاولة بين الجماعات المسلحة والدول الضامنة، خاصة وان الوضع الاقليمي والدولي لم يكن كما كان عليه قبل إتفاق سوتشي، بل إنه أصبح أكثر سوءا بفضل تورط السعودية بمقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي وما حدث له من تداعيات، ناهيك عن الولايات المتحدة التي لم تعد كما كانت في السابق وان رئيسها الحالي لم ولن يقدم اي شيئ للجماعات المسلحة من عنده بل يعتمد على استحلاب الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي لدعم الجماعات المسلحة، والتي هي بدورها باتت في اوضاع لا تحسد عليها.

وتبقى الكرة في ملعب الجماعات التي رفضت ترك السلاح حتى الآن، خاصة وان ثلاثة ملايين نسمة هم سكان محافظة ادلب اضحوا لايحتملون الجماعات المسلحة المتوغلة بين صفوفهم، وراحت الجماعات تلو الجماعات تخبر عن مخابئهم ومتاريس اسلحتهم وانفاقهم، ما يجعل حياتهم على كف عفريت ان رفضوا نتيجة مفاوضات الدول الضامنة التي ستنتهي مساء اليوم الأربعاء.

فالجيش السوري على ابواب المحافظة، وقد اصبحت لديه الإحداثيات الخاصة بمتاريس الاسلحة والانفاق التي تم تخزين الاسلحة الثقيلة ونصف الثقيلة فيها من قبل الجماعات المسلحة، وقد بدأ بتقديم النصح لسكان المدينة بالإبتعاد عن مقرات الجماعات المسلحة ومتاريس اسلحتهم، كي لايتعرضوا لسوء، والساعات المتبقية من اجتماع مساعدي وزارة الخارجية هي التي قد تكشف عن واقع جديد، ستواجهه الجماعات المسلحة في ارياف ادلب.

*عبد الهادي الضيغمي