أسباب تفاقم الأزمة في كركوك العراقية

أسباب تفاقم الأزمة في كركوك العراقية
الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٨:٤٧ بتوقيت غرينتش

طفت أزمة محافظة كركوك المتنازع عليها بين بغداد وكردستان على السطح مرة أخرى بعد اتهامات كردية بوجود محاولات لـ"تعريب المحافظة"، في وقت اعتبرت جهات عربية أنّ هذه الاتهامات محاولة للضغط باتجاه عودة البشمركة لكركوك.

العالم تقارير

وقال فرع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، في بيان صحافي، إنّ "جهات مدعومة من قبل بعض القوات الأمنية، أقدمت على مواصلة محاولات زعزعة الأمن وتمزيق اللحمة بين مكونات كركوك"، لافتاً إلى أنّ "هذه الخطوات هي محاولة إحياء عمليات التعريب، في عدد من القرى التابعة لقضاء داقوق جنوبي المحافظة".

وأضاف البيان أنّ "تلك الجهات عملت على استحداث وبناء مجمعات سكنية لمجموعة من العوائل العربية الوافدة إلى المنطقة من محافظتي صلاح الدين وديالى، وإسكانهم على أراض تعود ملكيتها لمواطنين كرد من أبناء المنطقة"، مؤكدا رفضه "لجميع هذه المحاولات التي تجري بتنسيق مشبوه بين مجموعة من الجهات، بدعم من قبل قوات أمنية بعينها، والتي تقف خلفها أجندات لا تريد الخير لمحافظة كركوك وأهلها من جميع المكونات".

إلى ذلك، أكد مسؤولون عرب في كركوك أنّ الحديث عن "تعريبفي كركوك عار عن الصحة، وأنّ العوائل التي يتحدثون عنها هي عوائل طردت من داقوق بعد عام 2014.

ورد رئيس المجموعة العربية في مجلس محافظة كركوك برهان العاصي، على الاتهامات الكردية وذلك في بيان إن «العشرات من اصحاب العقود الزراعية من المكون العربي ومن اهالي داقوق وغير المشمولين والمادة 140 ابعدوا وطردوا واخرجوا من اراضيهم بعد العام 2003بضغوط سياسية كردية» و«بعد الحرب على داعش في حزيران يونيو 2014دمرت قراهم ولم يعودوا اليها.

ودعا العاصي، رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الى «التدخل العاجل لاعادة اصحاب العقود الزراعية الى لأراضيهم التي ابعدت عنها الاحزاب الكردية منذ العام 2003 وتدمير دورهم وقراهم في قضاء داقوق جنوب كركوك».

أزمة عودة عائلات عربية الى كركوك 

أثارت عودة عشرات العائلات العربية الى أراضيها قرب كركوك (240 كيلومتراً شمال بغداد) جدلاً بين مكونات المحافظات و جددت طلبات بتنفيذ المادة ١٤٠ من الدستور العراقي الخاصة بالمناطق المتنازع عليها.

وقال النائب مريوان نادر عن «كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني» في البرلمان الاتحادي: «تم استقدام 50 عائلة عربية إلى بلدة داقوق بقرار من محافظ كركوك بالوكالة راكان سعيد الجبوري، وبحماية من الشرطة العراقية الاتحادية». واكد ان «هؤلاء تم توطينهم في قرية حفته غار والمناطق المحيطة بها ويقال أن العدد يصل إلى نحو 100 عائلة».

 



واعتبر أن «هذه الخطوة تدق ناقوس خطر التعريب»، واضاف: «بدأ تنفيذ هذه العمليات ولا بد من أن يكون لحكومة إقليم كردستان موقف جدي لأن الأمر سياسي وليس قانونياً».

وافاد مسؤول مكتب «الاتحاد الوطني» في كركوك، غفور صالح بأن الشرطة العراقية الاتحادية «رفعت أحد الحواجز وإدخلت عدداً من العائلات العربية المستقدمة إلى قرية أبو سراج المحاذية لقرية حفته غار». واعتبر ذلك «تكراراً لعمليات التعريب التي ارتكبها نظام صدام المقبور عبر إنشاء المجمعات للعرب على أراضي الاكراد وإسكانهم فيها».

يشار إلى أن عدداً كبيراً من العائلات العربية التي وطنها نظام صدام المقبور خلال عمليات التعريب أعيدت إلى المناطق الكوردستانية مجدداً بعد 16 اكتوبر 2017 بقرار من محافظ كركوك بالوكالة، الأمر الذي أثار استياء الكورد حيث نظم سكان قرية حفته غار وقرى أخرى مجاورة في داقوق قبل أيام وقفة احتجاجية ضد إعادة توطين العرب في مناطقهم.

بارزاني يطالب بعودة البشمركة إلى كركوك

طالب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني خلال زيارته الأخيرة الى بغداد والتي تعد أول زيارة له الى بغداد منذ استفتاء إقليم كردستان على الانفصال من العراق طالب بعودة البشمركة إلى كركوك .

وذكرت وسائل الإعلام أن «من أهم الملفات التي بُحثت بين رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني هو ملف تشكيل الحكومة وحصة الأكراد فيها، فضلاً عن الملفات العالقة بين بغداد وأربيل».

وأضافت المصادر أن «بارزاني ركز على موضوع عودة البشمركة إلى كركوك»، مشيرا إلى أنه «يعتبر أن عودة البشمركة بنسبة معينة ستقلل من حدة الخلاف وتسهل من حل الأزمات العالقة بين الجانبين».

البارزاني يعاود نشاطه السياسي في بغداد 

اختار رئيس إقليم كردستان السابق مسعود البارزاني توقيت غياب الرئيس العراقي برهم صالح عن البلاد ليعلن إنهاء القطيعة مع بغداد، والتقى قادتها بعد عام على استفتاء استقلال الإقليم (25 سبتمبر 2017) ، وبحث في القضايا المشتركة، وأبرزها الموازنة واستكمال تشكيل الحكومة، لكنّه كرّس الخلاف مع “حزب الاتحاد الوطنيّ”.
وطوت زيارة زعيم الحزب “الديمقراطيّ الكردستانيّ” مسعود بارزاني لبغداد، في 22 نوفمبر الماضي ، صفحة عام من الاتهامات والتهديدات المتبادلة بينه وبين السلطات الاتحاديّة، والتي أعقبت الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان نهاية العام الماضي.
وبعيد عودته من بغداد، اعتبر مسعود البارزاني أنّ رئيس الوزراء الجديد عادل عبد المهدي أكثر تفهّماً من السابق حيدر العبادي لقضايا الأكراد، وهو متعاون معهم لحلّها.
لكنّ زيارة العاصمة، ثمّ التوجّه نحو محافظة النّجف ولقاء زعيم التيّار الصدريّ مقتدى الصدر، أوحت بسياسة جديدة يعتزم البارزاني تنفيذها، تماشياً مع المتغيّرات الراهنة المتمثلة بسيطرة القوّات الاتحاديّة على كركوك والمناطق المتنازع عليها والمنافذ الحدوديّة، إضافة إلى قرب إقرار الموازنة العامّة للبلاد لعام 2019 وإصرار بغداد على خفض حصّة الإقليم الكرديّ فيها إلى ما دون الـ17 في المئة.
وقال القياديّ في “الحزب الديمقراطي” محسن سعدون، إنّ”البارزاني بحث مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وقادة الكتل البرلمانيّة في القضايا العالقة بين بغداد وإربيل، لكنّ السبب الرئيسيّ للزيارة هو رغبته في تفعيل دور الحزب السياسيّ في المفاوضات بين الكتل. ولذا، فإنّ لقاءه بالصدر كان من أجل الوساطة وإزاحة الجمود في مفاوضات إكمال التشكيلة الحكوميّة”.
وعن الأنباء، التي تحدّثت عن احتمال تشكيل تحالف سياسيّ يضمّ البارزاني وزعيميّ “دولة القانون” نوري المالكي و”الفتح” هادي العامري، قال محسن سعدون، إنّ”التفاهمات الحاليّة لا ترتقي إلى مستوى تحالف، لكنّ بارزاني يعتزم فتح مكتب له في بغداد لاستمرار التواصل، لا سيّما أنّ حزبه شريك رئيس في الحكومة الجديدة”.

يشار إلى أنّ كركوك ذات الخليط السكاني من العرب والكرد والتركمان، تعيش وضعاً سياسياً مرتبكاً، إذ يسعى كل مكون فيها إلى أن يكون له الدور بإدارة المحافظة، بينما يسعى الكرد لإعادة قواتهم (البشمركة)، والتي أخرجتها القوات العراقية عقب استفتاء كردستان الذي جرى في سبتمبرأيلول 2017.