بعد ثلاثة عقود من حكمه..

البشير يؤجج النار فوق قمة "بركان الغضب الشعبي"

البشير يؤجج النار فوق قمة
السبت ٢٢ ديسمبر ٢٠١٨ - ١٠:٢٣ بتوقيت غرينتش

إستمرار المسيرات الإحتجاجية في السودان لأكثر من اسبوع، وإنتقالها لأكثر من ولاية، ووقوع قتلى ومصابين إثر قمع المظاهرات من قبل قوات الشرطة السودانية، يبعث بنذر شؤوم للساحة السودانية الملتهبة أساسا.

العالم- السودان - تقارير

وبعد دخول التيارات السياسية على الخط، وتنديدهم بأعمال القمع ضد المتظاهرين، وظهور تصريحات لكبار المسؤولين السياسيين والشخصيات والوجهاء المحليين، في باقي الولايات السودانية المضطربة، باتت أوضاع السودان على كف عفريت كما يرى المراقبون.

فمقتل تسعة أشخاص على مدى اسبوع، في ولايات الخرطوم (العاصمة) وكردوفان والنيل الأبيض، بعد محاصرة محطات الوقود والمباني الحكومية وخاصة مقار حزب المؤتمر الوطني الحاكم من قبل المتظاهرين المحتجين، دفع رجالات النظام السوداني يشعروا بالخطر الداهم. إلا ان رأس هرم السلطة مازال مصرا على تمرير مخططه في التشبث في الرئاسة السودانية حتى لو كلف البلاد تغيير الدستور، و وصول الدمار والتخريب للمؤسسات والبنى التحتية للبلاد.

فالرئيس السوداني عمر حسن البشير الذي قاد انقلابا عسكريا على الحكومة الديقمراطية المنتخبة برئاسة رئيس وزرائها المنتخب آنذاك الصادق المهدي، صادر رئاسة البلاد عبر انقلابه، وأعلن تشكيل مجلس لقيادة انقلابه الذي اسماه ثورة الانقاذ الوطني في الثلاثين من يونيو حزيران عام 1989، وظل مهيمنا على رئاسة البلاد كرئيس لمجلس قيادة ثورة الانقاذ حتى عام 2010. ومنذ ذلك الحين شارك في انتخابات رئاسية قادته لفترتي رئاسة، في بداية كل فترة كان يدعي انه لن يرشح للرئاسة ثانية، لكنه مع اقتراب موعد انتهاء كل فترة كان يرشح للإنتخابات وتكون النتائج لصالحه.

وبما ان الدستور السوداني لايسمح للرئيس البقاء على رأس السلطة لأكثر من ولايتين، بدأ البشير منذ اكثر منذ مطلع كانون اول/ديسمبر الحالي تحركا عبر نوابه في البرلمان ليعملوا على إصلاح الدستور، كي يتسنى للبشير الترشح لفترتين اخريين. هذا التغير ألهب الساحة السودانية، منذ عشرة أيام كي لايتمكن البشير من مواصلة محاولاته التي بدأها في أيلول الماضي من خلال إجراء تعديلات وزارية شملت رئيس الحكومة وعددا من الوزراء.

هذه التغييرات وخاصة تقليص عدد وزراء الحكومة من 31 وزيرا الى 21 وزيرا، وبذريعة تخفيف التكاليف، الباهضة للحكومة، يرى المراقبون انها تصب في مجال تصفية معارضي البشير، وان الرئيس السوداني قام بإقصاء معارضيه من الحكومة ليتسنى له الإستمرار بالمخطط الذي يضمن بقاءه على رأس السلطة. لكن إستمرار الإحتجاجات واندلاعها في اكثر من ولاية من الولايات السودانية حملة الشخصيات السياسية والثقافية المعارضة لتدعو اعضاء حزب المؤتمر الوطني الحاكم كي لايتحولوا الى جلادين، وان ينحازوا للشعب والنزول عند إرادته والمطالبة بتنحية الرئيس عمر حسن البشير. ومع اتساع رقعة الشخصيات المحتجة على قمع القوات الحكومية للمتظاهرين السلميين، إلتحقت شخصيات فنية ورياضية بركب المعترضين على قمع المظاهرات السلمية، ما حمل الحكومة على ان تعلن اليوم السبت انها لن تتسامح مع من أسمتهم بـ "المخربين الذين يمارسون التخريب" ولن تتهاون في حسم اي فوضى على خلفية الاحتجاجات السائدة في مدن اخرى. لكن هذا الإعلان لم يقلل من عزم المتظاهرين الذين مازالوا يحاصرون مقار حزب المؤتمر الوطني الحاكم في العديد من المدن السودانية، التي ادت المحاصرات الى إحراق عدد منها في مدن القضارف وعطبرة ودنقلا حسب مسوؤلين سودانيين.

أما الناطق الرسمي باسم بشار جمعة، بدوره في بداية الأمر إعتبر الإحتجاجات الشعبية أمرا طبيعيا، وأنها محدودة ومن المقرر ان تقوم الحكومة بتلبية مطالبات المتظاهرين، لكنه وعندما وقف على تسارع رقعتها في باقي المدن السودانية، قال لوكالة الأنباء السودانية، ان "مندسين" أبعدوا المظاهرات السلمية عن مسارها وحولوها الى نشاط تخريبي، حيث استهدفت بفعل المندسين المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة وقامت بإحراق وتدمير بعض مقار الشرطة".

كما ان المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني صلاح قوش، إتهم الموساد الإسرائيلي بتجنيد عناصر من حركة المعارض “عبد الواحد نور”، الذي قال عنهم انهم تدربوا لدى كيان الإحتلال الاسرائيلي على إثارة الفوضى في السودان، وقد تم رصد 280 عنصرا منهم وهم في تعامل مستمر مع الموساد الاسرائيلي.

ومهما كانت تبريرات النظام السوداني، إلا أن تجدد الاحتجاجات تحت غطاء ارتفاع أسعار الخبز، في عدة أحياء من العاصمة الخرطوم وسريانها في مدن سودانية أخرى، وإعلان حالة الطوارئ في مناطق من البلاد، أمر يجب أن يؤخذ بنظر الإعتبار، وفي غير ذلك ستكون حياة الرئيس البشير ونظامه على كف عفريت جاثم على جبل البارود الذي قد ينفجر عليهم في اي وقت.

عبدالهادي الضيغمي