استقالة زيني.. وتداعياتها على مصير الازمة الخليجية

استقالة زيني.. وتداعياتها على مصير الازمة الخليجية
الأربعاء ٠٩ يناير ٢٠١٩ - ١٢:٠٧ بتوقيت غرينتش

أكثر من عام ونصف يمر على الازمة الخليجية التي قطعت على إثرها كل من السعودية والامارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر في يونيو/حزيران الماضي، متهمة إياها بدعم "الإرهاب"، رغم المساعي التي بُذلت لحلحلة الامور منذ بدء الازمة. وأخيرا أعلن المبعوث الأميركي لحل الأزمة الخليجية أنطوني زيني، استقالته من هذا المنصب، ليكون دليلا دامغا على أن هذه الأزمة متجذرة ولا يمكن حلها بسهولة.

العالم- تقارير

في الوقت الذي بدأ فيه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو جولة بالشرق الأوسط تشمل دولا عربية منها قطر والسعودية والإمارات ومصر، قدم أنتوني زيني مبعوث الخارجية الأميركية لحل الأزمة الخليجية استقالته من منصبه، بعد أن "أدرك عجزه" عن المساعدة في حل الأزمة، وفقا لشبكة "سي بي إس نيوز".

وأوضح زيني، وهو جنرال متقاعد من قوات مشاة البحرية الأمريكية والرئيس الأسبق للقيادة المركزية الأمريكية، سبب استقالته في حديث لـ"سي بي إس نيوز" بالقول إنه أدرك أنه لا يستطيع المساعدة في حل النزاع "بسبب عدم رغبة الزعماء الإقليميين في الموافقة على جهود الوساطة القابلة للتطبيق التي اقترحنا تنفيذها أو المساعدة في التنفيذ".

واضاف زيني الذي اعترف بالفشل في مهمته لإنهاء الازمة الخليجية التي حذرت واشنطن مرارا من تداعيات سلبية لطول أمدها، أن ملف الأزمة الخليجية وما قام به من عمل هو وفريقه الآن في أيد أمينة بعد مغادرته منصبه، حسب وصفه.

كما نعى زيني ما يسمى "التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط"، وهو تحالف أمني على غرار حلف شمال الأطلسي، طلبت منه إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب تقديمه إلى قادة الشرق الأوسط، مرجعاً فشله إلى الأزمة الخليجية المستمرة، على الرغم من أن مسؤولين آخرين في الإدارة الأمريكية يواصلون الترويج له.

وتطرح استقالة المبعوث الأميركي أسئلة عن مصير التحالف المزعوم، الذي عُرف أيضاً بـ"الناتو العربي"، وفيما إذا كان لا يزال قائما بالفعل، في وقت تشتد فيه الخلافات بين الدول الخليجية، وتفشل الجهود الأمريكية في إيجاد حل للأزمة.

هذا وأكد زيني أن علاقته مع مستشار الأمن القومي جون بولتون، ووزير الخارجية مايك بومبيو، والمستشار الرئاسي جاريد كوشنر كانت ممتازة، ليوضح بذلك أن سبب الاستقالة لم يكن وجود خلاف مع هؤلاء المسؤولين.

وفي صيف عام 2017 وافق زيني على العمل في إدارة ترامب مستشارا خاصا لوزير الخارجية حول قضايا الشرق الأوسط تلبية لطلبي وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس ووزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، وترك كلاهما الإدارة لاحقا بسبب خلافاتهما مع ترامب.

يشار إلى أن جهود الوساطة الكويتية والأمريكية والتنسيق بينهما لحل الأزمة الخليجية، كان واضحًا منذ الأسبوع الأول من بدء الأزمة. ففي أعقاب حصار قطر مباشرة، توقف وزير الخارجية الأمريكي السابق ريكس تيلرسون في الكويت خلال جولته بالمنطقة، والتي بدأت خلالها الخطط للتنسيق بين الولايات المتحدة والكويت للمصالحة بين اطراف الازمة.

وكلف تيلرسون، في شهر أغسطس/ آب من العام الماضي، كلاً من زيني، ونائب مساعد وزير الخارجية لشؤون دول الخليج الفارسي ــ مكتب شؤون الشرق الأدنى، تيموثي ليندركينغ، بالتوجّه إلى منطقة الخليج الفارسي، للمساهمة في حلّ الأزمة الخليجية.

وقام المبعوثان الأميركيان في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، بجولة واحدة يتيمة، لم يكرراها، وشملت كلاً من الكويت، والسعودية، والإمارات، ثم البحرين، ومصر، وسلطنة عمان، ثم قطر على أمل كسر جمود الأزمة وتحريك المفاوضات، وهو ما لم يحصل بالطبع.

والملفت أن المدخل لحل الأزمة الخليجية الذي اتبعه المبعوثان، كان "بحث مبادرة التحالف الأمني في الشرق الأوسط" المقترحة من قبل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع المسؤولين في الدول التي قاما بزيارتها، وهي المبادرة التي كانت ستتم مناقشتها خلال القمة الخليجية الأميركية التي تقرر أولاً عقدها في شهر أكتوبر/ تشرين أول الماضي، قبل الإعلان عن تأجيلها إلى شهر يناير/ كانون الثاني الجاري، ومن ثم الإعلان عن تأجيلها مرة أخرى إلى الربع الأول من العام الجاري.

وتعرقلت كل الجهود بسبب تعنت الدول المقاطعة لقطر ورفضها الحوار، في حين شددت الدوحة في أكثر من مناسبة على أن الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة.

ومع استقالة المبعوث الأميركي التي قد تترك انعكاسات على جهود حل الازمة الخليجية، لا يرجّح أن تحمل الجولة التي بدأها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو من الاردن وتشمل قطر وعدداً من الدول العربية والخليجية، جديدًا على صعيد الأزمة الخليجية، خاصة أن توقيتها يؤكد أن إدارة ترامب لا تملك في المرحلة الراهنة الحل لهذه الأزمة، أو لا تريد بالفعل ممارسة ضغوط حقيقية على الدول الخليجية لحلها.

وقطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، منذ 5 يونيو/ حزيران 2017 علاقاتها مع قطر، وفرضت عليها الحصار، وتم اغلاق المنافذ البرية مع قطر ومنع الطائرات القطرية من التحليق عبر أجواء هذه الدول والنقل البحري إلى قطر عبر موانئها بدعوى "دعمها للإرهاب"، وهو ما نفته الدوحة، وقالت إنها تواجه حملة افتراءات وأكاذيب، وأن هناك سعياً للمس بسيادتها واستقلالها من قبل دول الحصار.

وقدمت دول الحصار 10 شروط لحل الازمة مع الدوحة رفضتها قطر على لسان وزير خارجيتها محمد عبد الرحمن آل ثاني، حيث أكد أن بلاده ترفض المطالب المقدمة لها ولن تقبل بأي انتهاك لسيادتها ولكنها مستعدة للحوار والتفاوض.

من جهته قال نائب رئيس الوزراء، وزير الدولة القطري لشؤون الدفاع، خالد بن محمد العطية، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إن "الباب مفتوح للحوار مع دول الحصار، وأي اتفاق جديد سيكون على أسس واضحة"، مضيفًا أن "حل الأزمة الخليجية يجب أن يكون وفق قواعد جديدة تبدأ بالاعتذار، ثم فك الحصار قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات".

وبعد استقالة المبعوث الأميركي لحل الأزمة الخليجية وفي ظل غياب مبادرة حقيقية لإنهاء الازمة، فمن غير المعروف الى أي منحى ستتجه الازمة الخليجية.