تفجير منبج المشبوه وقنبلة ترامب الصامتة!!..

تفجير منبج المشبوه وقنبلة ترامب الصامتة!!..
الجمعة ١٨ يناير ٢٠١٩ - ٠٩:٣٠ بتوقيت غرينتش

تفجير منبج الواقعة في الشمال السوري على الحدود التركية، لا يمكن إلا أن يكون رسالة سياسية بالدرجة الأولى، بغض النظر عن الجهة المنفذة له، الأمر الذي يفرض إنتظار التداعيات التي ستترتب على خطط الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة بعد الانسحاب المؤجل.

العالم - تقارير

ففي الوقت الذي تتحضر فيه ​الولايات المتحدة​ لبدء الإنسحاب من الأراضي السورية، برز التفجير​ الإنتحاري الذي استهدف دورية للجيش الأميركي في بلدة منبج، خصوصاً بعد أن أعلن تنظيم "داعش" الوهابي مسؤوليته عنه، الأمر الذي تطرح حوله الكثير من علامات الإستفهام، في ظل التناقض والتداخل بين مصالح مختلف اللاعبين في​ الشمال السوري في الوقت الراهن.

الصورة ما زالت غير واضحة، فإذا كان تنظيم داعش الوهابي هو الذي يقف خلف هذا التفجير، وهذا ليس مستبعداً، فإن هذا يعني أن إعلان الرئيس ترامب هزيمتها، والقضاء عليها كان سابقا لأوانه.

الصمت بانتظار..

قبيل التفجير بايام، فجر الرئيس الاميركي دونالد ترامب قضية "المنطقة الآمنة" على الشريط الحدودي التركي مع شمال سورية، وبعدها لاذ بالصمت بانتظار، كما يبدو، تاركاً الجدل التي اثارت قضيته واستحوذت على جزء رئيس من الجدل حول الملف السوري، في ظل عدم اتضاح تفاصيل هذه المنطقة، خصوصاً ما يتعلق بالجهة التي ستتولى إقامتها وإدارتها.

كما أثارت عودة الحرارة بين الرئيسين الأميركي والتركي والتي تمخضت عن اتفاق بين الجانبين يقضي بقيام الجيش التركي بإقامة منطقة آمنة داخل الأراضي السورية بعمق يمتدّ بين 20 إلى 30 كلم مقابل تعهّد أردوغان بعدم المسّ بحلفاء واشنطن من الأحزاب الكردية، بعد الانسحاب الأميركي.. أثارت العديد من التساؤلات حول مستقبل الوضع في شمال شرق سورية، وما إذا كان مثل هذا الاتفاق سيرى النور أم أنه سيواجه برفض روسي إيراني مستند إلى موقف سورية الحازم في رفض الاعتداء التركي على أراضيها واستعدادها لمواجهته واستعادة كل شبر من الأرض السورية.

في المقابل، لدى "قوات سوريا الديمقراطية" قراءة مختلفة، تعتبر أن أنقرة هي المستفيد من التفجير الإرهابي، عبر توجيه رسالة إلى الولايات المتّحدة بأن هذه المنطقة ليست آمنة، والمطلوب منها الإسراع في سحب قواتها من جهة، والسماح لها بتنفيذ عمليّة عسكرية لتطهيرها من الجماعات الإرهابية من جهة ثانية، مع العلم أنها تعتبر أن "داعش" و"سوريا الديمقراطية" وجهان لعملة واحدة.

تسخين المنطقة

التطورات السياسية المتسارعة في المنطقة بعد اعلان النظام التركي توصله إلى اتفاق مع نظيره الأميركي بشأن المنطقة الحدودية الامنة هذه والتي تقع ضمن مفهوم تقاطع المصالح بين واشنطن وانقرة، قابله تخوف في الاوساط السياسية السورية، كون هكذا قرار يفتح المنطقة امام مواجهة من نوع جديد، رأت فيه تلك الاوساط ان تلك الخطوة تأتي كقوة احتلال في حال نفذ هذا الاتفاق.

وأكدت اوساط سياسية سورية أن الاتفاق خطوة احتلالية تحت ذريعة عزل الخطر الكردي عن الحدود، معتبرين أن الاتفاق جزء من تقاطع المصالح بين انقرة وواشنطن.

وشددت على ان الامريكي باعلان انسحابه هو يريد ان يسخن المنطقة، احد ادوات تسخين المنطقة هو استبدال الاحتلال الامريكي لبعض المناطق في الشرق السوري باحتلال اخر هو الاحتلال التركي.

حلب والرقة والحسكة تقول الاوساط التركية انها ستدخل ضمن دائرة المنطقة العازلة في شمال سوريا، على طول 460 كيلومتراً ما يثير تخوف المراقبين هنا في دمشق كونها ستشكل خطرا على وحدة الاراضي السورية تحت حجة ما اسمته انقرة عزل الخطر الكردي بحزام من قواتها والمجموعات المسلحة التابعة لها، فيما تبقى "قسد" تدور في فلك ما تسوقه واشنطن من مبادرات.

الاوساط السياسية السورية هذه تدرك ان البلاد دخلت مرحلة مواجهة مشروع المناطق الامنة العدواني بعد ان فشلت المجموعات المسلحة المدعومة من بعض الدول في تنفيذ ما تسعى اليه في تلك المنطقة وتؤكد ان الدولة السورية جاهزة على مواجهة هذا المشروع على كافة المستويات.

وفي هذا الوقت، تحافظ سوريا وروسيا على موقفهما الرافض لأي مقترحات لا تتضمن عودة هذه المناطق بالكامل إلى سيطرة الدولة السورية، وإن كان ذلك لم يمنع كلاً منهما من الانخراط في مفاوضات (الحكومة السورية مع الأكراد، وروسيا مع الأتراك) منفصلة لمحاولة التأثير في تشكيل ملامح المرحلة المقبلة لمناطق شرق سورية الغنية بالنفط والثروات الأخرى.

* اقبال عبدالرسول/ قناة العالم