الى أين سيصل الغزل السعودي السوري

الى أين سيصل الغزل السعودي السوري
الأربعاء ٠٦ مارس ٢٠١٩ - ٠٧:٤٧ بتوقيت غرينتش

من تابع اجتماع الاتحاد البرلماني العربي في عمان والمداولات، وأحيانا الخلافات، التي سادت بعض جلساته، يستطيع أن يكون صورة مقربة ليس لتطورات الوضع العربي الراهنة فقط، وإنما ما يمكن أن يحمله لنا المستقبل من مفاجآت.

العالم- مقالات وتحليلات

هناك عدة علامات فارقة يمكن التوقف عندها من خلال هذه المتابعة:

الأولى: أن السيد حمودة الصباغ، رئيس مجلس الشعب السوري، الذي شارك في الاجتماع لأول مرة بعد غياب سبع سنوات، كان نجم هذه الدورة دون منازع، واستطاع بحنكته “الشامية” أن يسرق الأضواء، ومن موقع الواثق والمنتصر، عاكسا الإباء السوري، خاصة عندما أكد أن سوريا تخوض أربع حروب: الأولى على الإرهاب، والثانية الحصار، والثالثة على الإعلام، والرابعة على تجار الحروب، وحققت، وتحقق انتصارات ملموسة فيها جميعا.

الثانية: إصرار السيد علي عبد العال، رئيس البرلمان المصري، ورئيس الاتحاد البرلماني العربي، على طرح موضوع واحد فقط على جدول الأعمال، وهو قضية العرب الأولى، فلسطين والقدس عاصمة لها، وكأنه يريد الرد “برلمانيا” على اجتماع وارسو الذي أسقط المشاركون فيه، ومنهم 12 وزير خارجية عربي للأسف، هذه القضية، واعتبروا إيران، وليس "إسرائيل"، هي الخطر الذي يزعزع استقرار المنطقة.
الثالثة: الرفض القوي لكل أشكال التطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، وكان السادة عاطف الطراونة، رئيس البرلمان الأردني، ونبيه بري، رئيس البرلمان اللبناني، ومرزوق الغانم، رئيس البرلمان الكويتي، مجتمعين رأس الحربة في فرض نص صريح في البيان الختامي يدين التطبيع، ومن المفارقة أن الاثنين يمثلان برلمانيين منتخبين، ولعل السيد الغانم كان قويا في كلمته امام الاجتماع، واستحق التصفيق الحاد، عندما دعا إلى “رفض مجرد الحديث أو التسويق للتطبيع″، معتبرا أنه “في خانة الحرام السياسي، والممنوع الأخلاقي”.

الرابعة: الغزل السعودي السوري الذي انعكس واضحا في الجلسات العلنية والمغلقة، حيث ثمن المندوب السعودي عودة سوريا إلى الحضن العربي ورحب بها، ورفض تسديدها للديون المترتبة عليها لخزينة الاتحاد البرلماني، بينما أكد نظيره السيد الصباغ أن سوريا تنظر إلى الأمام وليس إلى الخلف سيرا على هدى مقولة رئيسها بشار الأسد”، وهذا الغزل المتبادل يؤشر إلى قرب عودة العلاقات بن البلدين، وربما تشكيل محور سوري سعودي في مواجهة المحور القطري التركي.

الخامسة: اعتراض الوفود الإماراتية والسعودية والمصرية على النقطة الرافضة للتطبيع في البيان الختامي، ومطالبتها بتعديلها، وهو موقف يؤكد أن هذه الدول سائرة في هذا المسار الذي يحظى برفض شعبي عارم، مما يعكس قصورا في قراءة المتغيرات على الساحة العربية، موقف السيد الطراونة مدعوما بزملائه الآخرين الرافض لهذا التعديل كان مشرفا ويقدم درسا في التمسك بالثوابت العربية والإسلامية.

السادسة: غياب السيد أحمد ابو الغيظ، أمين عام الجامعة العربية، غير المبرر عن هذا الاجتماع المحوري، وهو الذي كان من المقرر أن يلقي الكلمة الافتتاحية، الأمر الذي يعكس سببا إضافيا لانحدار دور الجامعة، وفقدانها لأهميتها في العمل العربي المشترك، أو حتى غير المشترك، واستمرار سيطرة جهات خليجية على دائرة صنع القرار فيها، وليس أدل على هذا التهميش أننا جعلنا من هذه الفقرة آخر الفقرات لأن الاجتماع كان أكثر نجاحا في غياب الأمين العام، السيد أبو الغيط.

ختاما نقول، وباختصار شديد أن سوريا عائدة وبشروطها وصمودها إلى العمل العربي المشترك بقوة، وكدولة رائدة، ومعها، ومحورها، تعود الثوابت العربية وأبرزها قضية فلسطين إلى الصدارة مجددا، وبشكل تدريجي، وهذا في حد ذاته انعكاسا لمرحلة التغيير التي تسود المنطقة، وعنوانها الأبرز هزيمة المشروع الأمريكي الإسرائيلي في سورية والعراق وليبيا، الأمر الذي يدفعنا إلى التفاؤل بالمستقبل، ولو جزئيا.
رأي اليوم