الاقتصاد الإماراتي نحو الانهيار

الاقتصاد الإماراتي نحو الانهيار
السبت ١٦ مارس ٢٠١٩ - ٠٧:٠٤ بتوقيت غرينتش

تحاصر مؤشرات الانهيار الشامل الاقتصاد في دولة الإمارات العربية المتحدة في ظل أزمة تلاحق العقارات والبنوك وكبرى شركات الطيران إضافة إلى سوق الأسهم الرئيسية في الدولة وادراج الاتحاد الاوروبي الإمارات في القائمة السوداء لدول الملاذات الضريبية.

العالم- الامارات

وأعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني إن ضعف قطاع البناء والعقارات في الإمارات سيؤثر في إقراض البنوك للأفراد والشركات.

وذكرت موديز أن مبعث قلقها من ارتفاع خسائر القروض يعود إلى تراجع التدفقات النقدية الناجمة عن صعود أسعار الفائدة إلى جانب تضرر القطاع العقاري.

وتوقعت أن يؤثر الركود في هذا القطاع على التزام المقترضين بسداد أقساط قروضهم خلال فترة تتراوح بين 12 شهرا و18 شهرا.

وأشارت موديز إلى أن ارتفاعا طرأ على القروض الموجهة للقطاع العقاري خلال فترة تراجع الطلب، مما أدى إلى زيادة المعروض.

وتتراجع أسعار العقارات السكنية في دبي منذ 2014 متأثرة بزيادة العرض وضعف الطلب، مما يدفع شركات التشييد والهندسة لخفض الوظائف وتعليق خطط التوسع.

وزاد الإقراض لقطاع العقارات إلى 20% من إجمالي الإقراض في نهاية 2018 ارتفاعا من 16% في 2015.

وقالت موديز “هذا التوسع السريع في الإقراض عمق مديونية قطاع البناء والعقارات، مما يزيد انكشافه على ارتفاع محتمل في تكاليف التمويل أو شح في السيولة”.

وأضافت أن البنوك تملك بشكل عام أدوات للتحوط ضد المخاطر التي قد تنجم عن خسائر القروض.

كما أظهر تقرير صادر عن الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء في وقت سابق من مارس/آذار الجاري، أن معدل التضخم في الامارات دخل النطاق السالب على أساس سنوي، مسجلاً 2.39 في المائة خلال يناير/ كانون الثاني الماضي. ويأتي تسجيل التضخم معدلات سلبية لأول مرة منذ عام 2017، وفق البيانات المتاحة من الهيئة الاتحادية.

والتضخم السالب يشير وفق تصنيف المؤسسات المالية الدولية، ومنها صندوق النقد الدولي، إلى تراجع النشاط الاقتصادي وتراجع الائتمان بسبب انخفاض المعروض النقدي، ما يؤثر بشكل ملحوظ على الإنتاج ويدفع للركود ويزيد من معدلات البطالة والتعثر المالي.

وأشار التقرير، الذي نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” جزءاً منه في منتصف فبراير/ شباط الماضي، إلى أن بريق دبي التي كانت في السابق من أهم مراكز الجذب العقاري في العالم، خاصة بالنسبة للأثرياء، بدأ يخفت، في الآونة الأخيرة.

وحسب الوكالة، فإن دبي كانت المدينة الأسوأ أداءً من حيث أسعار العقارات، خلال العامين الماضيين.

في هذه الأثناء أعلن طيران الاتحاد الإماراتي تكبده خسائر للعام الثالث توالياً في 2018، ملقياً اللوم على تحدي أوضاع السوق وزيادات في أسعار الوقود.

وقالت الشركة الإماراتية، ومقرها أبوظبي، إن صافي الخسائر تقلص إلى 1.28 مليار دولار العام الماضي، من 1.52 مليار دولار في 2017.

وأضافت أن إجمالي إيرادات الشركة العام الماضي تراجع بنسبة 2.4%، لتبلغ 5.86 مليارات دولار هبوطاً من 6 مليارات دولار قبل ذلك بسنة.

ونقلت الشركة 17.8 مليون مسافر العام الماضي، انخفاضاً من 18.6 مليوناً في 2017.

كما أنهت الشركة العام الماضي بإجمالي عدد طائرات 106، مقارنة بـ115 طائرة في 2017، رغم تسلمها 8 طائرات جديدة العام الماضي.

وذكرت في بيانها اليوم أنها أوقفت في 2018 عدداً من الرحلات إلى مدن مثل؛ طهران، وجايبور (الهند)، وعنتيبي (أوغندا)، ودالاس، وفورت وورث، ودكا، ودار السلام، وإدنبرة.

وكانت شركة طيران الاتحاد الإماراتية تكبدت خسائر بقيمة 1.87 مليار دولار في 2016؛ نظراً لتراجع قيمة أصولها وضعف عائدات استثماراتها في شركتي أليطاليا وإير برلين.

وفي السياق سجلت بورصة أبوظبي الإماراتية أسوأ أداء على مستوى العالم حتى الآن في شهر مارس/ آذار الجاري، بعدما مُني مؤشرها الرئيسي بأطول سلسلة خسائر على الإطلاق، وعقب هبوطه 0.9% نهاية الأسبوع الماضي مواصلاً رحلة هبوطه يوماً عاشراً على التوالي.

وانخفض المؤشر العام لسوق أبوظبي للأوراق المالية، اليوم، مسجلاً أطول سلسلة خسائر له على الإطلاق، بعد أن واصل انخفاضه لجلسة عاشرة، مع مواجهة “بنك أبوظبي الأول”، أكبر سهم مُدرج في المؤشر، ضغوطًا من منافسيه الأكثر جاذبية.

ومنذ بداية الشهر الجاري، انخفض مؤشر سوق أبوظبي 6.2%، ما يجعله صاحب أسوأ أداء على مستوى العالم بين مقاييس الأسهم الرئيسية التي ترصدها شبكة “بلومبيرغ” الأميركية.

ويمثل سهم “بنك أبوظبي الأول” FAB ما نسبته 43% من المؤشر، ويقول عنه العضو المنتدب ورئيس أبحاث الأسهم في شركة “أرقام كابيتال المحدودة”، التي لديها توصية البيع الوحيدة على هذا السهم بين محللين تتابعهم “بلومبيرغ”، جاب ماير، إنه “سيتعرض لضغوط أكبر” مع احتمال أن يبدأ المستثمرون التحول باتجاه أسهم أخرى، مثل “بنك أبوظبي التجاري” المُتدَاول حالياً بخصم نسبته 30% قياساً بسهم “أبوظبي الأول”.

وأوضح ماير أن سبب التراجع الأخير لسهم “أبوظبي الأول” يعود جزئياً إلى “نمو ضعيف إلى حد ما”.

وجاء إدراج الإمارات في قائمة أوروبية سوداء لدول الملاذات الضريبية، ليزيد من مأزق البنوك والعقارات والتعاملات التجارية في الدولة الخليجية، التي يواجه اقتصادها ضغوطاً متزايدة، تنذر بتصدع العديد من القطاعات الحيوية.

وتبنت حكومات الاتحاد الأوروبي مؤخرا قائمة سوداء موسعة للملاذات الضريبية، أضافت إليها الإمارات ومناطق تابعة لبريطانيا وهولندا، في تعديل زاد عدد المناطق والدول المدرجة على القائمة إلى ثلاثة أمثال، وذلك بعد الكشف عن انتشار عمليات للتهرب الضريبي على نطاق واسع، تستخدمها الشركات والأفراد الأثرياء حول العالم.

وتواجه الملاذات المدرجة على القائمة السوداء أضرارا تلحق بسمعتها وقيوداً أكثر صرامة على التعاملات مع الاتحاد الأوروبي، لاسيما على صعيد القطاعين المصرفي والتجاري.

الأمر الذي يعني، حسب مراقبين، أن الحسابات البنكية والشركات التي تستثمر في الإمارات ستكون تحت التدقيق بشكل أكبر وربما تخضع الإمارات أو الشركات والبنوك التي تتخذ منها مقرا رئيسيا لها لعقوبات في حال إقرار الاتحاد الأوروبي عقوبات على الدول الموجودة على قائمته السوداء، ما يعني المزيد من المتاعب المالية للإمارات.

ويحذر الخبراء من تداعيات أخطر للقرار الأوروبي، مثل مقاطعة بعض البنوك العالمية للإمارات، كما أن الاستثمارات الأوروبية في الإمارات ستخضع للتدقيق ولإجراءات أكثر تشددا بشكل أكبر.

أما الخطوة التالية المتوقعة، فهي صدور قوانين أوروبية تقيد الاستثمارات في الدول المدرجة في القائمة السوداء للملاذات الضريبية.

وقال مسؤول في أحد بنوك الاستثمار الإقليمية إن “وضع الدولة على القائمة السوداء للملاذات الضريبية سيؤثر حتما على القطاعات المصرفية والاستثمار، وربما يطاول العقارات أيضا، فهي جميعا تدور في حلقة واحدة وسيكون هناك تداعيات لا يمكن إنكارها”.

وأوضح المسؤول أن “القائمة السوداء ستؤدي إلى خلق قيود على التعاملات مع المصارف في الدولة ومراقبة الكثير من العمليات إن لم يكن جميعها، كما أن القطاع الخاص والشركات الأوروبية التي لديها تعاملات مع الإمارات أو تتجه لضخ المزيد من الاستثمارات ستكون في خانة المراقبة”.