أميركا واسطوانة السلاح الكيميائي المشروخة

أميركا واسطوانة السلاح الكيميائي المشروخة
الأربعاء ٢٢ مايو ٢٠١٩ - ٠٦:٣٠ بتوقيت غرينتش

يبدو ان اميركا مقتنعة ان القوة  العسكرية التي تمتلكها تغنيها عن كل شيء، عن القانون الدولي، وعن سيادة الدول ، وحقوق الانسان، وعن كل شيء يمكن ان يقف بينها وبين تحقيق مصالحها، وهي في الاغلب مصالح غير مشروعة.

العالم - قضية اليوم

من بين الاشياء التي لا تعيرها اميركا اي اهمية، هي منظمة الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي والراي العام العالمي، فإذا ما أرادت ان تقوم بأي شيء يمكن ان يهدد السلم والامن الدوليين، كغزو بلد ما او الهجوم عليه، او منح ارض شعب ما لمحتلين ومستعمرين، او فرض حصار تجويعي على الشعوب، او التدخل بشتى الوسائل لتغيير انظمة، ترى أميركا انها لا تتسق وسياستها، فانها تفعله دون تردد، ولسان حالها يقول، "انا قوية عسكريا، اذن الحق معي".

من بين القضايا التي تصول فيها اميركا وتجول دون ان تلتزم بقانون دولي ، او تحترم سيادة الدول ، او تراعي حرمة الشعوب ، هي قضية الحرب المفروضة على سوريا ، فبعد ان زرعت الارهاب والدمار في ربوع سوريا بالتواطؤ ، مع الانظمة العربية الرجعية وفي مقدمتها السعودية والامارات، عبر شحن العصابات التكفيرية من مختلف انحاء العام الى سوريا عبر الاراضي التركية ، فإنها ما انفكت تحول دون ان تضع الحكومة السورية والجيش السوري وحلفاؤهم ، حدا لحمام الدم والفوضى التي تضرب سوريا منذ عام 2011 وحتى اليوم ، فكلما اقترب الجيش السوري وحلفاؤه من تحقيق نصر على العصابات التكفيرية ، حتى تشغل اميركا وبشكل بات مملا ، اسطوانة السلاح الكيميائي ، بهدف وضع العراقيل ، امام اي محاولة يمكن ان تطهر سوريا من التكفير والتكفيريين.

بالامس ، وعلى وقع الانتصارات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في الشمال السوري ، وعزمهم على تحقيق النصر النهائي في ادلب ، شغلت اميركا ذات الاسطوانة ، اسطوانة استخدام السلاح الكيميائي من قبل الجيش السوري ، فقد اعلنت وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة ترى دلائل على أن الحكومة السورية ربما تكون شنت هجوما بأسلحة كيماوية بغاز الكلور في ريف اللاذقية شمال غرب سوريا صباح يوم الاحد 19 مايو وحذرت من أن واشنطن وحلفاءها سيردون على نحو سريع ومتناسب.

من الواضح ان تهديدات اميركا بشن عدوان جديد على سوريا ، متذرعة بالكيميائي ، هدفه الاول والاخير ، منع الجيش السوري من استكمال تحرير ما تبقى من الاراضي السورية التي مازالت في قبضة العصابات التكفيرية ، وصولا الى تحقيق حلم اميركا ، في تفتيت سوريا ، وتحويلها الى امارات تقودها عصابات متناحرة ، لضمان أمن واستقرار الكيان الاسرائيلي ، ولتكون كذلك نموذجا يمكن تعميمه على باقي بلدان المنطقة.

"حق القوة" الذي تمتلكه اميركا لم يجعلها تصغي الى النفي السوري القاطع لاستخدام اي سلاح كيميائي في بلدة كباني بريف اللاذقية ، لانها لا تستطيع استخدامه ، لأنها لا تمتلكه أصلا، لاسيما بعد شهادة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بخلو سوريا من هذه الاسلحة .

نفس ذلك "الحق" جعل اميركا تغمض عينيها وتصم اذنيها ، عن استخدام العصابات التكفيرية ، ولعدة مرات ، الاسلحة الكيمياوية ضد الجيش السوري وحتى ضد المدنيين في العديد من مناطق سوريا ، بل هذا "الحق" لم يدع اميركا ان تسمع تصريحات خالد المحاميد، نائب رئيس هيئة التفاوض السورية السابق، والتي نقلتها قناة " الحدث" السعودية ، والتي اقر فيها بامتلاك "جبهة النصرة" سلاحا كيميائيا في إدلب.

اخيرا ، ان اسطوانة "السلاح الكيميائي" الاميركية اصبحت مشروخة ، بل انها لم تعد صالحة للاستخدام ، فلم يعد مقبولا سياسة "تحصين" التكفيريين في ادلب باعتبارهم "معارضة" ، وعلى اميركا ان تكف عن سياسة الكيل بمكيالين ، فليس هناك ارهابي جيد وارهابي سيىء ، كما ان مناطق تخفيض التصعيد ، لم يكن الهدف منها ان تبقى الى الابد ، ليتخذها الاميركي ذريعة ، بل كانت عبارة عن مهلة اعطتها سوريا والدول الضامنة للحكومة التركية والعصابات التكفيرية ، قبل ان تعود تلك المناطق الى سيادة الدولة السورية سلما كان ام حربا.

نبيل لطيف / العالم