ما هو السبيل الأفضل لإنقاذ الاتفاق النووي؟

ما هو السبيل الأفضل لإنقاذ الاتفاق النووي؟
الأربعاء ٠٣ يوليو ٢٠١٩ - ٠٤:٣٤ بتوقيت غرينتش

أتی الانسحاب الأمريکي الاحادي من الاتفاق النووي بمثابة صدمة للعالم، لکنه لم یخل من فوائد بالنسبة للإيرانيين الذين اقتنعوا بأن أمريکا لا يمکن الوثوق بها أبدا؛ من هنا فإن طهران اتخذت قرارات بخفض تعهداتها في إطار الاتفاق النووي، الأمر الذي رفضته واشنطن والجانب الاوروبي فيما اعتبرته كل من موسكو وبكين ردا طبيعيا على اجراءات الحظر الامريكي ضد طهران.

العالم- تقارير

بعدما انسحبت واشنطن بقرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب وبشكل احادي من الاتفاق النووي المبرم في 14 تموز/يوليو 2015 بين ايران ومجموعة 5+1، وقامت بتشديد الحظر على ايران وبعد ما حذرت السلطات الايرانية مرارا من انهيار الاتفاق ما دامت الأطراف الأوروبية تتقاعس عن تنفيذ تعهداتها في إطار الاتفاق النووي، أتی القرار الايراني المهم والمتمثل في منح الأوروبيين مهلة 60 يوما للالتزام بتيسير العوائد الاقتصادية للاتفاق النووي، ستنتهي رسميا في الـ7 من يوليو/ تموز الجاري.

ومن هذا المنطلق، اعلنت ايران، الاثنين الماضي، أنها تجاوزت حد 300 كلغ من احتياطها من اليورانيوم الضعيف التخصيب والوارد في الاتفاق النووي، وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ذلك أيضا.

وأتی هذا الاعلان بمثابة صدمة للغربيين؛ حيث رفضته واشنطن والدول الاوروبية الثلاث (ألمانيا وبريطانيا وفرنسا) فيما اعتبرته روسيا والصين ردا طبيعيا للانسحاب الأحادي لأمريکا من الاتفاق النووي وفرضها حظرا واسع النطاق ضد الشعب الايراني.

وكان ترامب علی رأس من رفض قرار ايران بتجاوز سقف مخزونها من اليورانيوم الضعيف التخصيب، حيث هدد الايرانيين بقوله: "إنهم يعرفون ما يفعلون، ويعرفون ما يخاطرون به، وأعتقد أنهم يلعبون بالنار. ليس لدي أي رسالة لإيران"، على حد زعمه.

لکن الرئيس الفرنسي ايمانوئل ماكرون، طلب من ايران العدول عن زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب، وقال في بيان انه سيتخذ خلال الايام المقبلة خطوات لضمان وفاء ايران بالتزاماتها واستمرار استفادتها من المزايا الاقتصادية للاتفاق النووي.

من جانبه دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأوروبيين إلى الوفاء بالتزاماتهم، كما دعا طهران الى ضبط النفس واحترام الاحكام الاساسية للاتفاق النووي على الرغم من الضغوط الامريكية.

وقال لافروف: ندعو زملاءنا الأوروبيين إلى الوفاء بوعودهم وجعل الآلية التي أنشأوها تصبح فعالة حقا، بحيث تضمن الحقوق التي تتمتع بها إيران وفقا لقرار مجلس الأمن .

اما الصين فجددت تحميل واشنطن مسؤولية ما يجري، ودعت جميع الأطراف لالقاء نظرة شاملة وبعيدة الامد على الاوضاع، وممارسة ضبط النفس والتمسك بالاتفاق النووي الإيراني بهدف تجنب المزيد من التصعيد في ظل الوضع المتوتر.

وكان اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي قد انعقد في العاصمة النمساوية فيينا يوم 28 يونيو الماضي بهدف إنقاذ الاتفاق النووي، حيث اعلن الاوروبيون عن تفعيل آلية "إنستكس" للتبادل التجاري. لكن ايران انتقدت أداء الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي في تنفيذ الاتفاق، قائلة إن آلية دعم المبادلات التجارية "لا تعني شيئا من دون تنفيذ سائر التعهدات"، خاصة فيما يتعلق بمبيعات النفط الإيرانية.

وأكدت ايران انها لم تنتهك الاتفاق النووي، موضحة أنها بمجرد أن تلتزم الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) بتعهداتها، فستعود طهران عن إجراءاتها.

وفي هذا السياق، اعتبر الرئيس الايراني حسن روحاني الاتفاق النووي في صالح جميع الشعوب في المنطقة والعالم مؤكدا ان افضل السبل لامريكا هو العودة عن خطئها وأکد أنهم متى عادوا الى الاتفاق النووي سنعود نحن كذلك.

واضاف الرئيس روحاني، اليوم الاربعاء، في اجتماع مجلس الوزراء ان خفض ايران لالتزاماتها يأتي في اطار الحفاظ على الاتفاق النووي وليس لاجل توجيه ضربة له مشددا في نفس الوقت على ان آلية "انستكس" الفارغة لا تنفعنا.

وشدد على ان مستوى التخصيب في ايران لن يكون 3.67 اعتبارا من السابع من يوليو / تموز الجاري وسنقوم برفعه للقدر الذي نريده ويلبي الضرورة والحاجة.

وجدد أننا نلتزم بالاتفاق النووي ما التزم به الطرف المقابل. وفي إشارة إلی تخرصات ترامب قال ان إطفاء هذه النار المشتعلة، ممكن فقط بالعودة الى الالتزامات وما صادقت عليه منظمة الامم المتحدة، واذا لم يرغبوا بالعودة الى هذه الالتزامات، فإن ايران وكما أعلنت مسبقا، ستنفذ الاجراءات اللاحقة في نهاية مهلة 60 يوما.

بدوره صرح وزير الخارجية الايراني بان الاوروبيين لم ينفذوا ايا من تعهداتهم الاحدى عشرة بعد انسحاب أمريکا من الاتفاق، كما ان آلية "انستكس" لا وجود لها، وحتى اذا تم اطلاقها فستكون مقدمة الى 11 تعهدا ، لذا يتعين على الاوروبيين تنفيذ هذه التعهدات.

وتابع ظريف قائلا: لقد قلنا صراحة أننا سنلتزم طالما ان أوروبا ملتزمة بالاتفاق النووي، لكن كما ينفذ الأوروبيون تعهداتهم، فاننا بدورنا سنقوم بالمثل.

کما أورد المتحدث باسم الخارجية الايرانية عباس موسوي على حسابه الشخصي في موقع تويتر اليوم أنه لا أحد في الحكومة عقد الأمل على "انستكس" اوروبا لكننا لم نغلق الطريق أمامه.

واضاف: إننا لانعتبره كافيا بل إن هذه الآلية مقدمة لتنفيذ التعهدات الاوروبية الاحدى عشر والتي لم ينفذها الاوروبيون لحد الآن.

وتابع: مازلنا في الاتفاق النووي ونتابع حقوقنا ومطالبنا عبر هذا الاتفاق.

وبذلك فان الكرة باتت الآن في ملعب الدول الاوروبية التي وقعت امام اختبار حقيقي حول قدرتها على الالتزام بتعهداتها او الحركة في فلك سياسة ادارة ترامب بما يعرض الاستقرار الدولي برمته للخطر.

د. نظري